المغرب يسرع الخطى لتحسين النظام الضريبي

خبراء: إرساء مبدأي الحياد والعدالة الضريبيين في النظام الضريبي المغربي سيمكن من تعزيز إمكانيات الدولة بنسبة تناهز 20 في المئة، مما سيتيح التوفر على قدرات لتمويل القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم.
الخميس 2021/07/01
من المبادئ المهمة لأي نظام ضريبي هو إعادة توزيع الثروة

سرّع المغرب من وتيرة خطواته لتعديل أوتار النظام الضريبي ضمن خطط إصلاح الاقتصاد بهدف تحقق العدالة الجبائية وتعزيز العوائد المالية لميزانية الدولة مع مراعاة تخفيف الضغوط المالية على الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل وتقديم إعفاءات للشركات لدعم بيئة الأعمال.

الرباط - قطع المغرب شوطا مهما باتجاه تعزيز النظام الضريبي بحيث يحقق الفاعلية والتوازن مما يتيح تعبئة كل الإمكانات الضريبية لتمويل الميزانية حتى تتمكن الحكومة من النهوض بالتنمية الاقتصادية وتحقيق الإدماج والتماسك الاجتماعي.

وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن العاهل المغربي الملك محمد السادس صادق خلال ترأسه مجلسا وزاريا في وقت سابق هذا الأسبوع للنظر في مشروع قانون يتعلق بالإصلاح الضريبي، والذي كان قد طلب من الحكومة إعادة النظر في النظام القديم بناء على توصيات قدمتها استشارة وطنية أجريت في مايو 2019.

وتضمنت توصيات الاستشارة في ذلك الوقت، والتي تسعى لوضع المبادئ العامة لقوانين المالية في المستقبل، تأكيد حيادية ضريبة القيمة المضافة والتدرج الضريبي، إضافة إلى تجميع الضرائب المحلية والرسوم شبه الضريبية في قانون واحد.

ويشمل الإصلاح مراجعة ضريبة الدخل وتوسيع قاعدة ضرائب الدخول المهنية، من أجل دعم ذوي الدخول المنخفضة والطبقات المتوسطة.

وتشدد الحكومة منذ سنوات على ألا يظل أي قطاع أو نشاط خارج نظام الضرائب لأن المبدأ يستوجب على جميع دافعي الضرائب تقديم تصريحاتهم، حتى وإن كانوا معفيين أو خاضعين لمستوى صفر من الضريبة.

وتأتي الخطوة بالتزامن مع إصدار المديرية العامة للضرائب بيانات رسمية الأربعاء تشير إلى أن إجمالي عائدات الضرائب للعام الماضي تراجعت بواقع 5.4 في المئة لتبلغ نحو 144.8 مليار درهم (16.2 مليار دولار) رغم الأزمة الصحية.

زكريا فيرانو: إصلاح النظام يرسي علاقة جيدة بين الدولة ودافعي الضرائب

وكان صندوق النقد الدولي قد قال قبل أيام من بداية عام 2021 إن تدهورا طرأ على الوضع المالي في المغرب خلال العام 2020، نتيجة هبوط الإيرادات الضريبية، الناجمة عن تداعيات تفشي فايروس كورونا.

ويؤكد زكريا فيرانو أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس في الرباط أن مشروع قانون الإصلاح الضريبي، الذي تمت المصادقة عليه يشكل أداة لإرساء علاقة جيدة بين الإدارة الضريبية ودافعي الضرائب والمساهمة في تعزيز القدرة التمويلية للدولة للقطاعات ذات الأولوية.

واعتبر فيرانو خلال تصريح لإحدى الإذاعات المحلية ونقلتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن أحد العوائق التي يعانيها النظام الحالي تتمثل في العلاقة المتشنجة بين دافعي الضرائب ومصالح الضرائب والتي تؤدي إلى العزوف الضريبي.

وقال إن “هذا الإصلاح الذي طال انتظاره يمس منظومة تعد من ركائز التنمية بالمغرب ويعالج قضايا تمت إثارتها سابقا من قبيل إقرار حياد وعدالة ضريبيين يضعان حدا للتفاوتات بين القطاعات الاقتصادية كما هو الحال بالنسبة إلى الاقتصاد غير المهيكل الذي ظل يستفيد بطريقة غير مباشرة من التهرب الضريبي ولا يؤدي دورا فعالا في الاقتصاد المحلي.

ويبدو أن بناء علاقة متجددة وشفافة بين المصالح الضريبية ودافعي الضرائب يمر عبر استعمال وسائل رقمية متطورة وإنشاء هيئة مستقلة تضطلع بدور الوسيط بين الطرفين سيعزز من كفاءة تحصيل الضرائب في المستقبل.

كما أن إرساء مبدأي الحياد والعدالة الضريبيين في النظام الضريبي المغربي سيمكن من تعزيز إمكانيات الدولة بنسبة تناهز 20 في المئة، مما سيتيح التوفر على قدرات لتمويل القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم.

ويشير فيرانو إلى أن مشروع القانون تجاوب مع عدة مقترحات من بينها توحيد نسب الضريبة على القيمة المضافة وإقرار الحياد الضريبي، معتبرا أنه من غير المقبول اليوم وجود تفاوت بين القطاعين العام والخاص بشأن الضريبة على القيمة المضافة وذلك في ظل استفادة بعض القطاعات الاقتصادية من امتيازات وإعفاءات.

ومن المبادئ المهمة لأي نظام ضريبي هو إعادة توزيع الثروة، وبالتالي فإن الحماية الاجتماعية والنموذج التنموي الجديد يحتاجان إلى تمويلات كبرى سيتم توفير قسط مهم منها بواسطة العائدات الضريبية.

ومن المتوقع أن ينعكس الإصلاح الضريبي على الاستثمارات، إذ أن منح إعفاءات وحوافز للشركات عن أعمالها وأرباحها سيعطي نفسا جديدا لبيئة الأعمال بحيث يمكن أن تخدم الاقتصاد المحلي بشكل أكبر من خلال تحصيل عوائد ضريبية أعلى.

وبلغت المداخيل الصافية للضريبة على الشركات بنهاية العام الماضي 51.6 مليار درهم (5.8 مليار دولار)، في حين بلغت المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح حوالي 2.2 مليار درهم (نحو 250 مليون دولار).

أما عوائد ما يتعلق بالمداخيل الصافية للضريبة على الدخل، فقد بلغت 42.4 مليار درهم (4.75 مليار دولار)، بينما وصلت عائدات الضريبة على القيمة المضافة إلى قرابة 41.5 مليار درهم (4.65 مليار دولار).

وتوقع البنك الدولي في تقرير نشره مطلع الشهر الماضي، نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 4.6 في المئة خلال 2021، بأفضل من توقعاته السابقة.

وتقديرات البنك الدولي مطابقة تقريبا لتوقعات المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب وهي هيئة الإحصاء الرسمية، وقريبة من توقعات بنك المغرب المركزي بنمو يقدر بـ4.7 في المئة.

10