المغرب يدعو إلى ذكاء اصطناعي أفريقي أخلاقي وسيادي

الرباط - دعا المغرب، الخميس، أمام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، إلى ذكاء اصطناعي أفريقي أخلاقي ومسؤول ومفيد وسيادي. وشكلت الإنجازات التي حققها المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي عاملا رئيسيا في تعزيز مكانته على الصعيد الأفريقي، مما يؤهله ليصبح قطبا للذكاء الاصطناعي والرقمنة على مستوى القارة.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في كلمة ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي أمام الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، الذي يتولى المغرب رئاسته خلال شهر مارس، إنه “لا يمكن لمستقبل الذكاء الاصطناعي في أفريقيا أن يتجاهل الحاجة إلى بناء ذكاء اصطناعي أفريقي، من قبل أفريقيا ولأجل أفريقيا. ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي الذي ننشده أخلاقيا ومسؤولا ومتكيفا مع واقعنا“.
ودعا ناصر بوريطة، الذي ترأس هذا الاجتماع الوزاري، المنعقد حول موضوع “الذكاء الاصطناعي وتأثيره على السلم والأمن والحوكمة في أفريقيا”، إلى التعبئة والعمل الجماعي بغية جعل الذكاء الاصطناعي رافعة حقيقية للتنمية والسلم والأمن لفائدة الأفارقة والأفريقيات.
وأوضح بوريطة أن المغرب، ووعيا منه بهذا الواقع، عازم، تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، على المساهمة في النهوض بأفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي، مجددا تأكيد الالتزام القوي والديناميكي للمملكة من أجل بروز ريادة أفريقية موحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وسلط الوزير الضوء على التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي بالنسبة إلى القارة الأفريقية، لافتا إلى أنه إذا كان الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية والتقدم لفائدة الإنسانية، فإنه أيضا سلاح ذو حدين، لأنه إذا أسيء استخدامه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات وتغذية عدم الاستقرار ويشكل أداة تخريبية في يد الفاعلين من غير الدول.
وارتقى المغرب، باعتباره فاعلا رئيسيا في مجال الذكاء الاصطناعي، 11 مرتبة في التصنيف العالمي لمؤشر الرقمنة لعام 2024، ويطمح إلى أن يصبح، بحلول عام 2030، من بين البلدان الأفريقية الرائدة في هذا المجال.
◙ المغرب يواصل تعزيز موقعه كقوة تقنية طموحة في المنطقة الأفريقية والعالم العربي مستفيدا من بنية تحتية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي
وأكد أن الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ ارتفعت نسبة مقاطع الفيديو المزيفة بـ900 في المئة منذ سنة 2019، وزادت الهجمات الإلكترونية باستخدام الذكاء الاصطناعي بين سنتي 2019 و2022 بنسبة 300 في المئة، واستخدمت 40 في المئة من الجماعات الإرهابية طائرات دون طيار في هجماتها، بالإضافة إلى تأثر 47 بلدا جراء حملات التضليل خلال سنة 2023، ما أثر بشكل مباشر على عملياتها الديمقراطية.
وفي مواجهة هذه التحديات شدد بوريطة على ضرورة أن تتموقع أفريقيا كفاعل رئيسي في الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي.
كما أشار الوزير إلى أن الذكاء الاصطناعي لا ينطوي على رهان مرتبط بالأمن والاستقرار فحسب، بل يشكل أيضا محركا مهما للنمو الاقتصادي، موضحا أنه بحلول سنة 2030، من المتوقع أن يضخ الذكاء الاصطناعي 15.700 مليار دولار في الاقتصاد العالمي، ويرفع الإنتاج الزراعي بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة، وأن يسرع معدل نمو بعض البلدان بنسبة 40 في المئة.
وشدد بوريطة على ضرورة تغلب أفريقيا على الثغرات الهيكلية من أجل الاستغلال الكامل لإمكانات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن 60 في المئة من سكان أفريقيا لم يلجوا بعد إلى الإنترنت، وأقل من 2 في المئة من البيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي توجد في القارة، و1 في المئة فقط من المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي تتمركز في أفريقيا.
ولتجاوز هذه الإشكالات، اقترح المغرب سلسلة من التدابير الملموسة، لاسيما إحداث صندوق أفريقي للذكاء الاصطناعي، وإرساء إستراتيجية أفريقية لجمع البيانات وتثمينها، وإطلاق برنامج مكثف للتكوين من أجل خلق نخبة أفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضاف بوريطة أن المملكة، الرائدة أفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي، باشرت بالفعل القيام بمبادرات هامة في هذا الشأن، منها إستراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، التي تهدف إلى تكوين 100 ألف موهبة سنويا، وإطلاق برنامج وطني لتعريف الأطفال بالذكاء الاصطناعي، قبل أسبوعين، دون إغفال أن المملكة تحتضن كذلك أول مركز أفريقي لليونيسكو مخصص للذكاء الاصطناعي (Ai Movement) ومقره الرباط.
وعلى الصعيد الدولي، أبرز وزير الخارجية المغربي أن بلاده اضطلعت بدور رئيسي في اعتماد القرارات الأممية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، وشارك في تأسيس مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة، التي تضم أكثر من 70 بلدا، داعيا إلى عمل أفريقي منسق وملموس، مشددا على أن “التقاعس هو عدونا المشترك“.
واقترحت المملكة إضفاء الطابع المؤسساتي على شبكة أفريقية من المراكز الوطنية للذكاء الاصطناعي وإنشاء لجنة من الخبراء الأفارقة لمواكبة تنفيذ الإستراتيجية القارية. ويواصل المغرب تعزيز موقعه كقوة تقنية طموحة في المنطقة الأفريقية والعالم العربي، مستفيدًا من بنية تحتية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتشمل هذه البنية الشركات الناشئة المبتكرة والمهندسين الموهوبين الذين يعملون على تقديم حلول مبتكرة تسهم في تحول الصناعات الأكثر استهلاكًا للطاقة نحو الاستدامة الرقمية.