المغرب يحلق عاليا بصفقات طيران تاريخية تعزز مكانته قبل مونديال 2030

باريس/الرباط – تستعد الخطوط الجوية الملكية المغربية لإحداث نقلة نوعية في أسطولها الجوي، مع اقترابها من إبرام صفقات ضخمة مع عملاقي صناعة الطيران، إيرباص وبوينغ.
وهذه الخطوة الاستراتيجية تأتي في ظل تصاعد الاستعدادات المغربية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030، التي يُتوقع أن تشكل دافعا لزيادة هائلة في أعداد السياح والبنية التحتية اللوجستية للمملكة، مما يضع الرباط في قلب تحالفات اقتصادية ودبلوماسية متعددة الأوجه.
كشفت مصادر في قطاع الطيران اليوم الأربعاء أن الخطوط الجوية الملكية المغربية تقترب من إبرام صفقة مع شركة إيرباص لشراء نحو 20 طائرة صغيرة من طراز إيه 220، وتستعد في الوقت نفسه، لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة بطلبية أكبر لشراء طائرات من بوينغ، لتلبية احتياجاتها للرحلات الطويلة والقصيرة والإقليمية.
وأضافت المصادر أن الخطوط الجوية الملكية المغربية تجري محادثات منذ ما يزيد على عام لتجديد أسطول طائراتها الذي يتشكل بالأساس من طائرات بوينغ.
وتتوقع المصادر أن تتفق مع الشركة الأميركية المصنعة للطائرات على تلبية الجزء الأكبر من احتياجاتها التي تتضمن المزيد من طائرات 737 ماكس و787 دريملاينر قبل أو خلال معرض باريس الجوي الأسبوع المقبل.
وأفادت وكالة بلومبرغ، في وقت سابق الأربعاء، أن حصة بوينغ من الصفقة تتضمن شراء المغرب نحو 24 طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر، لتحديث الأسطول المخصص للرحلات الطويلة، مثل الخطوط إلى أميركا الشمالية، والخليج، وأفريقيا الجنوبية، كما تشمل ما يصل إلى 50 طائرة من طراز بوينغ 737، لتعزيز الربط الداخلي والدولي قصير المدى.
وقالت "بلومبيرغ" إن المناقشات حول هذه الصفقة لا تزال سرية بين المغرب وشركتي الطيران، ولم يعلق أي من الطرفين رسميا حتى الآن، ما يعكس حساسية التوقيت والتوازن السياسي والدبلوماسي المصاحبين لها.
وفي حين أن خطة الأسطول تعزز العلاقات طويلة الأمد بين شركة الطيران وبوينغ، حسبما ذكرت المصادر، فإنها تمهد الطريق لشركة إيرباص لتقديم طلب شراء 20 طائرة من طراز إيه 220 لأول مرة منذ ما يقرب من 25 عامًا - وهي خطوة تتزامن مع تعزيز العلاقات بين باريس والرباط.
وتعزز صفقة إيرباص عمليات الخطوط الجوية الملكية المغربية الإقليمية بين المدن المغربية ووجهات في أوروبا الغربية وشمال أفريقيا. وتُعد طائرات أيه 220 من أنجح الطائرات في فئتها بفضل كفاءتها الاقتصادية ومداها المناسب للأسواق الإقليمية.
وأفادت "بلومبرغ" نقلا عن مصادر دبلوماسية بأن إعلان الصفقة الأوروبية قد يتم خلال معرض باريس للطيران الأسبوع المقبل، بينما لا يزال توقيت الإعلان عن صفقة بوينغ مرتبطا بلقاء مرتقب بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وصرح الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الملكية المغربية، عبدالحميد عدو، العام الماضي أن الشركة تجري محادثات لطلب طائرات جديدة مع توسع شركة الطيران الرائدة في المغرب، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران في أفريقيا، لتلبية الطلب المتزايد على السفر.
وتخطط الخطوط الملكية المغربية لمضاعفة أسطولها أربع مرات في غضون 10 سنوات مع استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال.
كما يخطط المغرب لمضاعفة سعة مطاراته إلى 78 مليون مسافر سنويًا، في إطار استراتيجية وطنية لتعزيز دور الطيران في دعم الاقتصاد المغربي، حيث تراهن الرباط على رفع عدد السياح إلى 26 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، وهو رقم طموح يرتبط مباشرة بقدرات النقل الجوي.
ويُعد المغرب أحد أهم الأسواق الإقليمية لشركة بوينغ، مدعومًا باتفاقيات طويلة الأمد تهدف إلى دعم ظهور البلاد كمركز لسلسلة توريد الطيران والفضاء. لكن الشركات الفرنسية تتطلع إلى فرص متنامية بعد أن اعترف الرئيس إيمانويل ماكرون العام الماضي بخطة الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء المغربية الذي تقدم به المغرب في 2007، والتي شهدت خلال الفترة الأخيرة زخمًا من التأييدات آخرها كينيا التي اعتبرت المقترح بمثابة "الحل الوحيد الواقعي" لتسوية قضية إقليم الصحراء المغربية.
وحققت الدبلوماسية المغربية الكثير من الاختراقات إقليميا وقاريا ودوليا من حيث اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، رغم الضغوط التي قامت بها الجزائر الحليف الأبرز لبوليساريو لعرقلة تلك النجاحات.
وتتعرض فرنسا لضغوط بشأن عدد حقوق النقل الممنوحة لشركة الطيران الوطنية، وقد يعتمد أي اتفاق نهائي مع إيرباص أيضا على التقدم في هذا المجال، وفقًا للمصادر.
وكان الطلب المباشر الوحيد السابق لشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية على طائرات إيرباص هو أربع طائرات أيه 321 في عام 2001. ويتكون أسطولها بشكل أساسي من طائرات بوينغ 737 ماكس و787، إلى جانب عدد قليل من طائرات إمبراير و"أيه تي آر" الأصغر حجمًا.
تتماشى صفقة الطيران الضخمة المحتملة، مع الاستراتيجية الوطنية لتعزيز دور الطيران في دعم الاقتصاد المغربي، حيث يستعد المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لتنظيم نسخة تاريخية من كأس العالم، مما يستدعي توسعة الطاقة الاستيعابية للمطارات، وتحديث الأسطول، وتكثيف الرحلات الدولية. وتشير التقارير إلى أن هذه الصفقة ستعزز موقع الدار البيضاء كمحور نقل جوي رئيسي في غرب أفريقيا.
وينظر إلى هذه الصفقة كجزء من رؤية بعيدة المدى تسعى لتحويل المغرب إلى بوابة أفريقيا نحو أوروبا وأميركا، مستفيدًا من موقعه الجغرافي، وتوسعات الموانئ والمطارات، والشراكات الاستراتيجية مع شركات النقل العالمية.
كما تهدف الخطوط الملكية المغربية إلى تطوير نشاطها في الشحن الجوي، الذي لا يزال محدودًا مقارنة بالإمكانات اللوجستية المتاحة. وتؤكد مصادر في قطاع الطيران أن تحديث الأسطول بأكثر من 90 طائرة دفعة واحدة سيغير موقع الشركة في تصنيفات شركات الطيران الإقليمية، ويمنح المغرب أداة سيادية قوية لدعم اقتصاده المفتوح على الأسواق العالمية.