المغرب يتطلع للتحول إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات الكهربائية

الحكومة تعمل على جعل القطاع أكثر تنافسية في غضون سنوات.
الجمعة 2023/12/01
سقف عال من الطموحات

يشق المغرب طريقه بثبات ليصبح لاعبا بارزا في صناعة السيارات الكهربائية، مستغلا مناخ الأعمال الجذاب وموقعه الإستراتيجي لخطوط الشحن بفضل رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس الطموحة لتحويل بلده إلى مركز عالمي تنافسي بما يعود بالنفع على الاقتصاد.

طنجة (المغرب)- يعول المغرب على تطوير قطاع السيارات الكهربائية حيث تعمل الحكومة على تنفيذ إستراتيجيتها الطموحة التي أعلنت عنها العام الماضي والهادفة إلى مضاعفة الإنتاج بحلول 2026، فضلا عن توسيع شبكة محطات الشحن في أرجاء البلاد.

وأكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور خلال افتتاح النسخة السابعة من معرض المناولة لقطاع السيارات في مدينة طنجة الأربعاء الماضي، ويستمر ثلاثة أيام، أن المغرب سيكون المنصة الأكثر تنافسية وتكاملا في العالم في تصنيع السيارات الكهربائية.

ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن مزور قوله إن “المنصة لن تخدم مصانعنا العملاقة المستقبلية فحسب، بل أيضا المصانع العملاقة في جميع أنحاء المنطقة”.

رياض مزور: المغرب سيكون من إحدى الدول التي لديها نظام صناعي متكامل
رياض مزور: المغرب سيكون من إحدى الدول التي لديها نظام صناعي متكامل

ويمضي البلد قدما في التحول الجديد لصناعة السيارات الكهربائية، التي ستتحول إلى مئة في المئة بحلول عام 2030 مع نظام صناعي متكامل يتضمن مكونات هذه النوعية من المركبات وخاصة البطاريات التي تعد أساسية.

وقال مزور “سيكون المغرب واحدا من الدول النادرة في العالم التي لديها نظام صناعي متكامل تماما لإنتاج بطاريات السيارات”. وأضاف “يجب أن ننتقل من بلد يقدم خدماته بالجودة والكلفة اللازمة إلى بلد يقدم حلولا تنافسية”، لافتا إلى أن هذا هو التحدي الحقيقي للعصر الصناعي الجديد الذي دخله المغرب.

وكان المعرض فرصة للمسؤولين المغاربة من أجل تجديد هويته وتحويله إلى حدث يحمل شعار “السيارات التنافسية”، وهي إشارة قوية إلى الاهتمام بهذا القطاع الآخذ في النمو.

وتأتي هذه الخطوة بعد التأكيد على أن البلاد تدخل، بتوجيهات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، عصرا صناعيا جديدا يقوم على مبدأ ومفهوم السيادة، حيث توضع احتياجات المواطن وتطلعاته في قلب العمل.

وتولي الشركات العاملة في المناولة المتخصصة في أنشطة أساسية، مثل الخدمات اللوجستية والآليات وتصميم وإنتاج الآلات الخاصة والتكوين ومجالات أخرى، هذا الحدث الاقتصادي اهتماما خاصا.

وأكد مزور أن صناعة السيارات المحلية باتت اليوم تتسم بالكفاءة والمتطلبات العالية، مشيرا إلى أن المغرب هو البلد الأكثر قدرة على المنافسة العالمية في بعض الأجزاء والمكونات.

وتطمح الحكومة إلى أن تسجل صادرات القطاع خلال العام الجاري قفزة قياسية من خلال تحقيق مبيعات بقيمة تصل إلى حوالي 140 مليار درهم (13.8 مليار دولار)، مقارنة مع نحو 10.9 مليار دولار في العام الماضي.

ومع المشاريع التي تم الإعلان عنها يتوقع أن تصل البلاد بسهولة إلى نحو 360 مليار درهم (35.5 مليار دولار) من حجم المبيعات بحلول عام 2029.

وقال مزور “تشهد صناعة السيارات المغربية ثورة ثانية، ونحن جميعا مدعوون لاغتنامها، ونحن بحاجة إلى نوع جديد من المنتجات المرتبطة بالصناعات الثقيلة والكيمياء والسيادة”.

وأضاف “نحن مدعوون إلى تحقيق ذلك للانتقال من مجرد متلقي الطلبات إلى نظام اقتصادي وصناعي يقدم الحلول”.

35.5

مليار دولار حجم مبيعات السيارات التي تتوقع الدولة تحقيقها بحلول العام 2029

وتابع “هذه هي القيمة المضافة الإضافية الوحيدة التي يمكننا السعي إليها، لأن ما ينتظرنا هو الثقة والأمل في قدرة بلادنا، ولن يسمح لنا ذلك بمواصلة اكتساب القدرة التنافسية والسوق فقط، بل بتغيير المؤشرات وتقديم منتجات جديدة ومنح الثقة والفرص للشباب”.

وفي مقابلة مع وكالة بلومبرغ العام الماضي رجح مزور أن تبلغ القدرة الإنتاجية للسيارات الكهربائية قرابة 100 ألف سيارة سنويا في غضون عامين أو ثلاثة أعوام.

ونجح المغرب في جذب العديد من المصنعين للمركبات الكهربائية مثل شركات فيات وأوبل ورينو وبي.أس.أي، وهو ما وضعه على الخارطة العالمية لصناعة هذه الأنواع من السيارات.

وأعلنت رينو قبل فترة أنها تخطط لإنتاج سيارات كهربائية ذات مقعدين في المغرب هذا العام بينما ستنتج العلامة التجارية داسيا، وهي جزء من الشركة الفرنسية، جيلها الجديد من سانديرو، وهي سيارة تعمل بالبطارية بالكامل.

ومن المتوقع ان تنضم مجموعة ستيلانتيس إلى السباق عبر إنتاج مركبات صغيرة تعتمد على منصة ذكية خاصة بها، والتي تستهدف في المقام الأول الأسواق الناشئة، بما في ذلك السيارات الكهربائية.

ولدى البلد حظوظ كبيرة لاستقطاب شركة دونغ فينغ الصينية بعد أن خطت خطوات مهمة في تصنيع السيارات وباتت وجهة للعديد من الشركات التي تشغل الآلاف من العمال، ما جعل الدولة تحقق أرقام معاملات كبيرة، بلغت السنة الماضية 11 مليار دولار.

وكان المغرب قد كشف في مايو الماضي عن أول سيارة كهربائية محلية الصنع تحمل اسم “نيو”، ونموذج أولي لمركبة تعمل بوقود الهيدروجين من شأنهما تعزيز علامة “صُنع في المغرب”.

وتزامن ذلك مع توقيع الحكومة مع الصين مذكرة تفاهم للاستثمار في أكبر مصنع للبطاريات الكهربائية في قارة أفريقيا، وهو مشروع تم الكشف عنه للمرة الأولى في العام الماضي.

المغرب يعد من أكبر منتجي خام الكوبالت على مستوى العالم. ولديه أحد المناجم النادرة لهذا المعدن، الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية

ومن شأن المصنع المرتقب أن يعطي دفعة قوية لقطاع السيارات في البلاد ويدعم تحوله نحو المركبات النظيفة، التي يتزايد عليها الطلب بشكل كبير في العالم للتخفيف من انبعاثات الكربون.

ويراهن المسؤولون الحكوميون في هذا المشروع على إمكانياته المتوفرة من المواد الخام المستعملة في إنتاج البطاريات الكهربائية ولاسيما معدن الكوبالت الذي يعتبر عنصرا أساسيا.

وفي مطلع العام الماضي اتفقت شركة مناجم للتعدين الحكومية مع شركة التعدين وتجارة السلع جلينكور على إنتاج معدن الكوبالت في مصنع ستتم إقامته بالقرب من مدينة مراكش، ثالثة كبرى مدن البلاد من حيث تعداد السكان.

ويعد المغرب، إلى جانب كندا، من أكبر منتجي خام الكوبالت على مستوى العالم. ولديه أحد المناجم النادرة لهذا المعدن، الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، في أفريقيا. ويبلغ إنتاجه السنوي نحو ألفي طن.

وحظي الكوبالت باهتمام كبير بعدما أعلن عملاق تصنيع السيارات الألمانية بي.أم.دبليو في 2021 أنه سيشتري هذا المعدن مباشرة من المناجم المغربية والأسترالية.

ولذلك يسعى المغرب، ثاني أكبر مصدر للكوبالت وتاسع منتج من حيث الكمية عالميا، إلى الاستفادة من قطاع التعدين والاستثمار في تطوير صناعة السيارات الكهربائية للارتقاء بسلسلة القيمة في إنتاج المركبات وتوفير المزيد من فرص العمل.

11