المغرب يتطلع إلى توسيع رقعة الاستثمار في ثروات المناجم

يتطلع المغرب عبر استراتيجية طموحة إلى جعل قطاع المناجم مجالا استراتيجيا مساهما في نمو الاقتصاد بنهاية العقد الحالي من بوابة تطوير عمليات البحث والتنقيب والخدمات اللوجستية لجلب المزيد من الاستثمارات وتنويع الشركاء، وهو ما من شأنه تحقيق عوائد أكبر تخدم النموذج التنموي الجديد.
الدار البيضاء- يسعى المغرب بفضل مؤهلاته الكبيرة في قطاع المناجم لأن يؤكد موقعه كمنصة آمنة وواعدة قادرة على جذب وتحفيز المستثمرين المحليين والأجانب على دخول هذا القطاع الذي يضطلع بدور محوري في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد بفعل بنيته الجيولوجية المتنوعة والغنية بالمواد المعدنية.
وتتسلح وزارة الطاقة والمعادن بخطة تهدف إلى زيادة إيرادات الدولة من استخراج معادن أخرى غير الفوسفات إلى أكثر من 15 مليار درهم (1.7 مليار دولار) بحلول 2030 من 730 مليون دولار حاليا وذلك عبر تسهيل الاستثمار والحوافز الضريبية.
ويعد المغرب أكبر مصدر للفوسفات في العالم وهو يملك 72 في المئة من الاحتياطات العالمية، وتظهر الإحصائيات أن إيرادات شركة الفوسفات المملوكة للدولة (المكتب الشريف للفوسفات) تبلغ في المتوسط 6.3 مليار دولار سنويا.
ولكون البلد المطل على المتوسط والمحيط الأطلسي يزخر ببيئة سياسية مستقرة، وجيولوجيا محفزة، وإطار تشريعي وقانوني ملائم، ويد عاملة مؤهلة، وبنية تحتية ولوجستية مصنفة عالميا، فإن القطاع يقدم فرص استثمار عديدة للمؤسسات والشركات المحلية والدولية.
معطيات عن القطاع
● 40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة
● 38 مليون طن إنتاج القطاع سنويا
● 10 في المئة قيمة مساهمة التعدين في الاقتصاد
وتعتبر شركة ليجاتير كابيتال وهي كيان مشترك بين المغرب والصين التي تملك فيها 70 في المئة من الأسهم أحد الأمثلة على جاذبية قطاع المناجم.
وتركز المجموعة الصينية جهودها لتصبح رائدا عالميا في مجال المعدات الطاقية الجديدة ذات الانبعاث الغازي المحدود حماية للبيئة، ولذلك قررت الاستثمار في المغرب.
ويؤكد سيدي محمد القادري الرئيس المدير العام للمجموعة أنه بفضل دعم العاهل المغربي الملك محمد السادس استطاع المستثمرون المغاربة في كل القطاعات خلق كيانات مشتركة من شأنها الدفع بتنافسية الشركات المحلية.
ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى القادري قوله إن المجموعة الصينية “اتخذت قرارها بالقدوم إلى المغرب من أجل الاستثمار بعد الزيارة التاريخية التي قام بها العاهل المغربي إلى الصين” في 2016.
وشدد على أنه لا بد من الإقرار بكون الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يتمتع به البلد بات يشكل عاملا محفزا للمستثمرين الأجانب، خاصة من الصين، لاختيار المغرب وجهة لمشاريعهم الاستثمارية.
والمجال الجيولوجي بالمغرب من بين الأماكن المفضلة لدى الباحثين في علوم الحفريات والمعادن والطبقات وغيرها من علوم الأرض.
وأتاحت هذه التركيبة الجيولوجية المتنوعة التي تزخر بعدد كبير ومتنوع من المواد المعدنية الفرصة للتشجيع على تطوير نشاط تعديني في كل مناطق البلاد.
ويشير القادري إلى أن ليجاتير كابيتال ستشرع في إنجاز مشروع على مستوى منجم قريت بمنطقة أولماس، بشراكة مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، وقال إن “هذا المنجم تم إخضاعه لشروط الاستغلال المنجمي السطحي”.
وذكر أن المجموعة كانت قد وقعت اتفاقية مع المكتب سنة 2020 تروم تنمية واستغلال منجم القصدير بقرية قريت، والذي كان يستغل خلال القرن الماضي.

قطاع المناجم يشكل مكونا رئيسيا للاقتصاد المغربي
وتشير التقديرات الأولية إلى أن المنجم يحتوي على احتياطات تصل إلى مليوني طن من القصدير الخام وأن التوقعات تظهر أن الكمية قد تكون أكبر مع استمرار عمليات الحفر والتنقيب.
ولطالما شكل قطاع المناجم مكونا رئيسيا للاقتصاد المغربي بفضل وجود إطار جيولوجي مساعد يتميز على الخصوص بغناه بالمواد المعدنية التي أسهمت في بروز نشاط منجمي يغطي كامل أرجاء البلد.
وكان المغرب قد وضع استراتيجية قبل عشر سنوات لتنمية نشاط التعدين وهي خطة تمت بلورتها بالتشاور مع كافة المهنيين لإعطاء ديناميكية جديدة للقطاع.
وأخذت تلك الخطة في الاعتبار كل سلسلة القيمة للصناعة المعدنية بدءا من الاستغلال إلى التنقيب وحتى التسويق مرورا بالاستفادة من المواد المعدنية التي يتم استغلالها.
وحددت استراتيجية 2013 أهدافا طموحة تستهدف الرفع من مردودية القطاع وتحسين مؤشراته بحلول 2025 عبر تحديث الإطار التشريعي والتنظيمي للنشاط والرفع من وتيرة الإنتاج الخرائطي، وإعادة هيكلة النشاط المنجمي التقليدي وتأهيل التراث المعدني.
شركة ليجاتير كابيتال وهي كيان مشترك بين المغرب والصين التي تملك فيها 70 في المئة من الأسهم تعتبر أحد الأمثلة على جاذبية قطاع المناجم
لكن الأرقام التي يسجلها القطاع لا يمكنها أن تخفي وجود تحديات ينبغي على القطاع مجابهتها، ويتعلق الأمر بضرورة اكتشاف مكامن جديدة، والنهوض بالقيمة المضافة للمواد المعدنية المستغلة، والتأكيد على رهانات التنمية المستدامة.
وعلاوة على الاستثمارات التي يدرّها، فأهمية القطاع تظهر من خلال مساهمته في الاقتصاد والتي تصل حاليا إلى نحو 10 في المئة.
وبحسب الإحصائيات الرسمية يوفر قطاع المناجم حوالي 40 ألف فرصة عمل كما أنه يساهم من حيث الصادرات بنحو 80 في المئة في ما يتعلق بالحجم، و20 في المئة في ما يتعلق بالقيمة، وإنتاجه يتجاوز 38 مليون طن سنويا منها 35 مليون طن من الفوسفات.