المغرب وإسبانيا يدشنان مرحلة جديدة بعد التوافق بشأن ملف الصحراء

العاهل المغربي يستضيف رئيس وزراء إسبانيا خلال زيارة رسمية للرباط لمناقشة جميع الملفات المشتركة، في خطوة لتعزيز التقارب السياسي والاقتصادي.
الخميس 2022/04/07
أول مسؤول أوروبي يستقبله العاهل المغربي منذ بدء جائحة كوفيد في 2020

الرباط - يُرتقب أن يتصدر الملفان الاقتصادي والسياسي أجندة المباحثات التي سيجريها العاهل المغربي الملك محمد السادس مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز الذي يزور الرباط الخميس، بعد الانفراج في العلاقات الثنائية التي تعرضت لهزات كثيرة طيلة السنتين الأخيرتين، وتغيير مدريد موقفها إزاء نزاع الصحراء المغربية لصالح الرباط.

ويقوم سانشيز بزيارته بدعوة من العاهل المغربي الذي سيجري معه "مباحثات رسمية" ويستضيفه حول مائدة إفطار تقام "على شرف ضيفه"، في مؤشر على أهمية الزيارة. وهو أول مسؤول أوروبي يستقبله العاهل المغربي رسميا منذ بدء جائحة كوفيد في 2020.

ويرافق رئيس الوزراء الإسباني وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس الذي كان منتظرا أن يقوم بزيارة إلى المغرب الجمعة قبل أن يتقرر تأجيلها، ليكون استئناف علاقات البلدين على مستوى أعلى.

ومن غير المستبعد أن يكون رئيس الوزراء الإسباني مصحوبا بوفد من رجال الأعمال الإسبان من أجل لقاء نظرائهم المغاربة الجمعة، بغية عقد شراكات اقتصادية وتجارية في ظل الدينامية السياسية الجديدة بين مدريد والرباط.

وجدد الملك محمد السادس دعوته إلى "تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين"، وفق بيان صدر عن الديوان الملكي في الحادي والثلاثين من مارس وأعلن دعوة سانشيز لزيارة المغرب.

وتهدف الزيارة التي تستمر حتى الجمعة، إلى وضع "خارطة طريق طموحة تغطي جميع قطاعات الشراكة، وتشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك"، بحسب البيان.

ومن بين تلك القضايا العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا، الشريك التجاري الأول للمملكة. ويعتقد الباحث المتخصص في العلاقات المغربية - الإسبانية نبيل دريوش أن "الملف الاقتصادي سيكون القاطرة التي تجر علاقات البلدين في هذه المرحلة الجديدة، التي تبدو جد واعدة".

ويرتبط الجاران أيضا بملف محاربة الهجرة غير النظامية، التي شهدت خلال الفترة الأخيرة تراجعا لافتا، بعد التقارب الدبلوماسي بين الرباط ومدريد.

ووفقا لمعطيات كشفت عنها الداخلية الإسبانية، فقد توقفت موجات الهجرة غير النظامية تدريجيا ابتداء من شهر مارس، وهو الشهر الذي عبّرت فيه إسبانيا عن موقفها بشأن مقترح الحكم الذاتي كحل أساسي لإنهاء مشكلة الصحراء المغربية.

كما يرتقب أن تسرّع عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين فتح حدودهما لاستئناف نقل المسافرين، على الخصوص في فترة العطلة الصيفية التي تشهد عبورا مكثفا للمهاجرين المغاربة المقيمين بأوروبا، وهي عملية استثنى منها المغرب الموانئ الإسبانية الصيف الماضي.

ومن القضايا المشتركة أيضا يوجد موضوع حركة تهريب البضائع من جيبي سبتة ومليلية، التي أوقفها المغرب في 2019. وكذا ترسيم الحدود البحرية.

ومؤخرا أُضيف التعاون في مجال الطاقة إلى الملفات المشتركة بين البلدين، بعدما بات المغرب يعول على استيراد الغاز الطبيعي المسال عبر إسبانيا، إذ سمحت مدريد له باستيراد الغاز عبر خط الأنابيب المغربي - الأوروبي "جي.أم.إي"، الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر.

وباتت المصالحة ممكنة بين الرباط ومدريد بعدما أعلنت الأخيرة تأييد خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع حول الصحراء المغربية، باعتباره "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" حول المستعمرة الإسبانية سابقا، متخلية بذلك عن حيادها التقليدي إزاء هذا النزاع.

واعتبر هذا التحول انتصارا "تاريخيا" في المغرب، وهو يقترح منح المنطقة الصحراوية الشاسعة التي يسيطر على نحو 80 في المئة من مساحتها، حكما ذاتيا تحت سيادته كحل وحيد للنزاع، بينما تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة بإجراء استفتاء لتقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة.

ويتوقع مدير برنامج شمال أفريقيا في "مجموعة الأزمات الدولية" ريكاردو فابياني ألا يحدث الموقف الإسباني الجديد "تغييرا في الحال، لكن على المدى البعيد سيصير هامش خيار استقلال الصحراء المغربية ضيقا أكثر فأكثر"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.

وأنهى هذا التحول أزمة دبلوماسية حادة منذ عام بين الرباط ومدريد، اندلعت بسبب استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي لتلقي العلاج "لأسباب إنسانية".

وأثار ذلك سخط الرباط، التي أكدت أنه دخل إسبانيا آتيا من الجزائر "بوثائق مزورة وهوية منتحلة"، وطالبت "بتحقيق شفاف".