المغرب: لا نقبل منطق الوصاية على حقوق الإنسان

وزير الخارجية المغربي يدعو إلى نهج دبلوماسية جديدة في مجال حقوق الإنسان، باعتبارها وسيلة متاحة للنقاش بين مكونات المجتمع الدولي.
السبت 2023/02/18
ناصر بوريطة: لا أحد يملك شرعية التقييم

الرباط - أعرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة الجمعة عن رفض بلاده لاستئثار القوى العالمية بدور المراقب لحقوق الإنسان في العالم، متمسكا بموقف المملكة المبدئي بمعارضة منطق الوصاية التي تمارسها بعض الدول.

يأتي ذلك في رد غير مباشر على بعض المواقف والتصريحات التي تصدر من بعض القوى الغربية، والتي لا تخلو من عمليات توظيف لملف حقوق الإنسان لتحقيق غايات ومآرب سياسية.

وقال بوريطة، في افتتاح منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان، “لا يمكن لأحد أن يجزم بأنه هو الذي يملك شرعية تقييم حقوق الإنسان”.

وأضاف الوزير المغربي “لا مجال إطلاقا لممارسة الوصاية على قضايا حقوق الإنسان، ولا شرعية تلقائية لإملاءات تقييمية خارجية، ولا بديل عن التمكين الجاد التدريجي والفردي والجماعي لكونية حقوق الإنسان”.

أمينة بوعياش: تفاوت بين الدول المتقدمة والنامية حول المعايير الحقوقية
أمينة بوعياش: تفاوت بين الدول المتقدمة والنامية حول المعايير الحقوقية

وشهدت العلاقة بين المغرب والبرلمان الأوروبي منذ يناير الماضي توترا على خلفية توصية أصدرها الأخير وتضمنت انتقادات للوضع الحقوقي في المملكة.

ولم تخلُ تلك التوصية غير الملزمة من محاولات لفرض وصاية على القضاء المغربي، من خلال المطالبة بإطلاق سراح عدد من الصحافيين المغاربة المدانين في قضايا جنائية “فورا”، الأمر الذي أثار استفزاز الرباط، ودفع البرلمان المغربي إلى تشكيل لجنة لإعادة تقييم العلاقات مع المؤسسة الأوروبية.

وقد أكد مسؤولون مغاربة أن التوصية أتت بإيعاز ودفع من بعض المجموعات المعادية للمملكة، وأشاروا خصوصا إلى دور فرنسي.

وكانت باريس تعرضت في الفترة الماضية إلى ضغوط مغربية تطالبها بمغادرة المنطقة الرمادية وحسم موقفها من قضية الصحراء، لكن الأخيرة أبدت تهربا من تقديم أي التزام حيال ذلك، فيما بدا خشية من تداعيات هكذا خطوة على العلاقة مع الجزائر.

ويرى مراقبون أن بعض القوى الغربية تعمد إلى استخدام ورقة حقوق الإنسان، متى ما أرادت تحقيق بعض المكاسب من الطرف المقابل أو استشعرت ضغوطا من قبله.

واعتبر وزير الخارجية المغربي أن منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان يشكل فرصة لإسماع صوت القارة الأفريقية في معركة تدعيم حقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية ودولة الحق والقانون.

ولفت إلى أن هذا المنتدى الحقوقي، الذي تحتضنه العاصمة المغربية، سوف يسمح بتعميق النقاش حول القضايا الحقوقية الراهنة التي تهم الدول المشاركة، وإيجاد حلول مشتركة ومستدامة للإشكالات المطروحة.

وأضاف أن المنتدى العالمي لحقوق الإنسان المزمع انعقاده في الأرجنتين في مارس المقبل، سيكون مناسبة لدول القارة الأفريقية للتعبير عن إرادتها وسعيها نحو جعل القارة مزدهرة ومستقرة ومنعمة بالسلام، وخدمة مصلحة شعوبها.

بعض القوى الغربية تعمد إلى استخدام ورقة حقوق الإنسان، متى ما أرادت تحقيق بعض المكاسب من الطرف المقابل أو استشعرت ضغوطا من قبله

وأشار بوريطة إلى الرسالة التي وجهها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش، والتي نوه فيها بأن القارة الأفريقية بلغت درجة من النضج تؤهلها للإسهام في تحديد المعايير العالمية لحقوق الإنسان.

ودعا وزير الخارجية المغربي إلى نهج دبلوماسية جديدة في مجال حقوق الإنسان، باعتبارها وسيلة متاحة للنقاش بين مكونات المجتمع الدولي، “لأن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في هذا المجال”، مشددا على أن الدبلوماسية المعتمدة يجب أن تكون “دبلوماسية صبورة وطموحة ومدروسة تنبني على الحوار والتعاون الذي ينتج نظاما عالميا لحقوق الإنسان أكثر توازنا”.

كما دعا إلى خلق نقاش أكثر حيوية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في الوقت الذي يتعمق فيه يوما بعد يوم غياب المساواة الاجتماعية، ويتزايد انعدام الأمن العالمي.

وقد كشفت الأزمة الأوكرانية وقبلها أزمة كورونا عن أزمة قيم لجهة لهفة القوى الكبرى على توفير حاجياتها على حساب الدول النامية وتلك التي تعاني اقتصادياتها من صعوبات.

وأوضح وزير الخارجية أن المملكة، تحت قيادة الملك محمد السادس، تواصل النهوض بالدينامية الوطنية في مجال حقوق الإنسان، في بعدها الكوني الشامل، ويضعها ضمن ركائز نموذجه التنموي، مشيرا إلى أن هذا التوجه تؤكده المنجزات المحققة في الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والثقافية والبيئية.

ونوه بأن المغرب مدعو إلى مواصلة الجهود التي يقوم بها في مجال حقوق الإنسان لتعزيز الإنجازات المحققة، وخلق فرص جديدة، على الصعيد الإقليمي والجهوي والدولي.

وزير الخارجية المغربي يعتبر أن منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان يشكل فرصة لإسماع صوت القارة الأفريقية في معركة تدعيم حقوق الإنسان

ويشكل احتضان المغرب لمنتدى حقوق الإنسان رسالة للعالم بأن المملكة حريصة على أن تكون سباقة في تعزيز المفهوم الحقوقي بما يتجاوز النظرة الضيقة أو الانتهازية لدى بعض القوى.

وينظم المنتدى من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب (حكومي) بالتعاون مع المركز الدولي للنهوض بحقوق الإنسان – يونسكو.

ويشارك في المنتدى الذي يمتد إلى السبت المئات من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ممثلين لأكثر من 50 دولة، ويشكل المنتدى فرصة للنقاش بين المشاركين حول سبل توسيع الرؤية بشأن حقوق الإنسان، لاسيما تلك المتأثرة بالتحولات الدولية مثل الهجرة وأيضا المناخ.

وانتقدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، “التفاوت بين الدول المتقدمة والنامية بخصوص الالتزام ببعض المعايير الدولية لحقوق الإنسان واحترام قضايا الهجرة والتغييرات المناخية”.

وقالت بوعياش، في تصريحات صحافية على هامش المنتدى، إن “في الوقت الذي وقّعت فيه الدول النامية على الاتفاقية الدولية لحماية المهاجرين وعائلاتهم، لم توقع عليها الدول التي تسمى ديمقراطية”، في إشارة إلى الدول المتقدمة.

وأشارت إلى أن “الدول النامية في أفريقيا تخضع لنفس معايير إجراءات محاربة التلوث، رغم أن نسبة انبعاث الغاز الكربوني فيها ضعيف جدا مقارنة بالدول المتقدمة”.

واعتبرت بوعياش أن “التزام الدول النامية بمسار الديمقراطية وتطوير آليات وقيم حقوق الإنسان أكثر بكثير مما تقوله الدول التي تسمى ديمقراطية”.

4