المغرب لاعب كبير قادم إلى سوق الأسمدة العالمية

توقعات بزيادة الإنتاج بنسبة 58 في المئة بين عامي 2023 و2026.
السبت 2022/08/06
سنوفر لكم احتياجاتكم فلا تقلقوا!

يشق المغرب طريقه ليكون أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الأسمدة مستغلا تبعات الأزمة في شرق أوروبا والتي جعلت من هذا المورد شيئا نادرا، حيث يتسلح المسؤولون بإستراتيجية واعدة تمكنهم من مواجهة النقص العالمي بفضل سرعة الإنتاج والاحتياطات الهائلة.

لندن - أبرزت الحرب بين روسيا وأوكرانيا أهمية تنويع مصادر الواردات، حيث أن ندرة المنتجات والموارد الأساسية تغرق البلدان في أزمات جديدة بسبب صعوبة العثور عليها.

ويعد هذان البلدان من بين أهم منتجي السلع الزراعية في العالم كالأسمدة والمواد الخام اللازمة لتصنيعها.

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) كانت روسيا العام الماضي أكبر مصدر للأسمدة النيتروجينية في العالم، وثاني أكبر مورد لكل من الأسمدة البوتاسية والفوسفورية، وتستحوذ على 14 في المئة من مجمل صادرات الأسمدة عالميا.

ويؤكد الخبير خورخي أورتيز الذي يكتب في مجلة “أطليار” الإسبانية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن من أهم الأمثلة على ذلك نقص الأسمدة، حيث تهيمن روسيا على هذا السوق، بينما تحتفظ الصين التي تبقى أكبر مصدر بجزء كبير مما تنتجه لسوقها المحلية.

وبما أن هناك دولا تسعى إلى تثبيت أقدامها في سوق الأسمدة في ظل الوضع القائم، فإن المسؤولين المغاربة لديهم الرغبة في تحقيق ذلك خاصة وأن لدى بلدهم الأرضية اللازمة والكافية لذلك.

خورخي أورتيز: الحرب فرصة للمغرب ليكون بديلا في هذه الصناعة

ويثير ارتفاع سعر هذا المنتج القلق. فمنذ مارس الماضي، أي بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب قفزت أسعار المواد الخام التي تشكل سوق الأسمدة، مثل الأمونيا والنيتروجين والنترات والفوسفات والبوتاس والكبريتات بنسبة 35 في المئة، وفق هيئة السلع البريطانية.

وفي ظل هذه الوضعية والتي إذا استمرت ستزيد من إرباك المزارعين حول العالم، حولت العديد من الدول انتباهها بالفعل إلى المغرب الذي يعدّ رابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم بفضل مناجمه الكبيرة من الفوسفات الذي يشكل المادة الأساسية في تركيبتها.

وشهد المغرب بالفعل نموا ملحوظا في مبيعاته من الفوسفات خلال أشهر الصراع الممزوجة بعدم اليقين. ويرى أورتيز أن هذا ما يساعد اقتصاده الذي تضرر من تداعيات الحرب وموجة الجفاف المستمرة منذ سنوات والتي أثرت على قطاعه الزراعي الإستراتيجي.

وبحسب آخر تقرير صادر عن شركة الفوسفات المملوكة للدولة (المكتب الشريف للفوسفات) المعروف اختصارا بـ”أو.سي.بي” فقد حقق المغرب عوائد بقيمة 2.44 مليار دولار في الربع الأول من السنة الحالية من مبيعات الفوسفات.

وتعدّ هذه الأخبار جيدة لأن صادرات المغرب الذي تشير التقديرات إلى أنه يكتنز كميات ضخمة من الفوسفات، ارتفعت بنسبة 77 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وذكرت الشركة في بيان إن “الغزو الروسي لأوكرانيا زاد من حدة الوضع المتوتر من حيث التوازن بين العرض والطلب في سوق الفوسفات وخلق زيادة أخرى في الأسعار، وقد دعمها ارتفاع تكاليف المواد الخام، وخاصة الأمونيا والكبريت”.

ويدفع هذا الوضع المغرب إلى تعزيز مكانته في سوق طموح للغاية. ويأمل في زيادة إنتاجه مع أحدث أرقام المبيعات التي حققها.

ويتوقع أورتيز أن البلد المغاربي سيحتل المركز الأول في هذه الصناعة، كما أنه سيكون قادرا على مواجهة مشاكل أزمة الطاقة دون أي عراقيل.

72

في المئة من الاحتياطات العالمية من الفوسفات يملكها المغرب وفق التقديرات الرسمية

ويعد المغرب أكبر مصدر للفوسفات في العالم وهو يملك 72 في المئة من الاحتياطات العالمية، وتظهر الإحصائيات أن إيرادات شركة الفوسفات الحكومية تبلغ في المتوسط 6.3 مليار دولار سنويا.

ولكون البلد المطل على المتوسط والمحيط الأطلسي يزخر ببيئة سياسية مستقرة، وجيولوجيا محفزة، وإطار تشريعي وقانوني ملائم، ويد عاملة مؤهلة، وبنية تحتية ولوجستية مصنفة عالميا، فإن القطاع يقدم فرص استثمار عديدة للمؤسسات والشركات المحلية والدولية.

وقبل بضعة أشهر، سادت التوقعات بأن مستقبل المغرب في هذا القطاع سيكون واعدا بفضل الإستراتيجية التي تتبعها الحكومة. وقد أكد معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن أن البلد سيلعب دورا مهما للغاية في إنتاج الأسمدة.

وكانت شركة الفوسفات قد أعلنت في منتصف مايو الماضي أنها ترجح إنتاجا هذا العام يفوق مستويات العام الماضي بواقع 10 في المئة ما يضيف إلى السوق العالمية 1.2 مليون طن بنهاية العام، وهو أكثر من المتوقع.

ويعكس المعدل المُعلن قدرة الشركة على تصنيع خط إنتاج بسعة مليون طن في غضون نصف عام فقط، الأمر الذي يبرز عزيمة وإصرار المغرب على اقتناص الفرص الثمينة لتحقيق عوائد أكبر ومكانة أفضل في السوق.

وفيما تصب الترجيحات في أن تنمو مستويات الإنتاج العالمية بنسبة 58 في المئة أخرى بين عامي 2023 و2026، فمن المتوقع أن تساهم المملكة المتحدة بأكثر من سبعة ملايين طن من الأسمدة الإضافية في الإنتاج العالمي.

ويقول الخبير أورتيز إن حصار روسيا للموارد يؤدي إلى أزمة غذاء عالمية وتعاني البلدان التي لديها خيارات قليلة للوصول إلى الأسواق.

منظمة فاو: نقص الأسمدة والفوسفات يمكن أن يخلّف تأثيرا سلبيا على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي

ووفقا لمنظمة فاو، فإن نقص الأسمدة والفوسفات “يمكن أن يخلّف تأثيرا سلبيا على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي”.

وفي ضوء ذلك يعد المغرب لاعبا رئيسيا في هذه الأزمة، ويتوقع الخبراء بالفعل أشياء جيدة. ووفقا لتحليل أجراه معهد الشرق الأوسط، أشادت الولايات المتحدة بقرارات المغرب في هذا المجال وتزعم أن الرباط تثبت أنها لاعب محتمل لأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة نفسها.

وتولي العديد من الدول بالفعل اهتماما متزايدا بإنتاج الفوسفات المغربي. وأعلنت اليابان، المتضررة من الحرب الروسية – الأوكرانية، أنها ستستورد هذه المادة المنجمية من هناك.

وقال نائب وزير الزراعة الياباني أراتا تاكيب “نريد استيراد الفوسفات لإثراء الإنتاج الزراعي لموسم الخريف المقبل”. وأكد أن “المغرب قوة عالمية في الفوسفات مما يجعل بلده يهتم باستيراد كمية كبيرة من الأسمدة منه”.

وفيما أعلنت بنغلاديش عن استيراد 40 ألف طن من الأسمدة المغربية، عبّرت البرازيل هي الأخرى عن اهتمامها بهذا المورد وذكر وزير زراعتها ماركوس مونتيس خلال زيارة أخيرة أن بلاده تخطط لفتح مصنع لمعالجة الفوسفات.

ويقول المغرب إنه يمكن أن يصبح المصدر الرئيسي لمعالجة الفوسفات من أجل التشغيل السليم للمصنع بفضل قيادة رئيس مجلس إدارة المكتب الشريف للفوسفات مصطفى التراب.

11