المغرب على أعتاب تدفقات أكبر في الاستثمار المغامر

تتزايد المؤشرات على أن الاستثمار المغامر في المغرب سيدخل منعطفا مهما مع توقعات بتدفقات جديدة في رأس المال المغامر في ظل حرص السلطات على تغذية قطاع الاستثمار بما يسهم في تحقيق أهداف مزدوجة تشمل التنمية وتوسيع مشاركة القطاع الخاص.
الرباط - تمنح التشريعات والتغييرات في اللوائح التنظيمية التي عملت عليها الحكومة المغربية على مدار الأشهر الماضية قوة دفع للمستثمرين في الشركات الناشئة والأسهم الخاصة من أجل النظر باهتمام إلى هذه السوق الصاعدة.
وكدليل على هذا الزخم، كشفت حاتم بن أحمد الشريك الإداري لميديترينيا كابيتال بارتنرز لبلومبرغ الشرق الثلاثاء أن الشركة تخطط لاستثمار أكثر من 300 مليون دولار في رأسمال عدد من الشركات المغربية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتهتم شركة الملكية الخاصة، التي تركز على دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء، بالاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتدير ميديترينيا، التي يوجد مقرها الرئيسي في مالطا مع مكاتب في كل من الدار البيضاء والقاهرة وأبيدجان وموريشيوس وبرشلونة، حاليا أصولا تقدر بنحو 740 مليون يورو منذ تأسيسها عام 2013.
وأبدت الشركة اهتماما متزايدا بالمغرب، إذ دخلت في رأسمال 5 شركات في السنوات الخمس الماضية بإجمالي استثمار يناهز 250 مليون دولار.
ومن بين هذه الشركات اثنتان منها تم إدراجهما في بورصة الدار، وهي تي.جي.سي.سي العاملة بقطاع البناء وأكديطال، أكبر مشغلة للمستشفيات الخاصة بالبلاد.
ويقول المسؤولون إن تحريك نشاط الاستثمار في رأس المال من شأنه أن يعالج إشكالية ضعف الأموال الذاتية للشركات، وهو وضع ناتج بالأساس عن وجود صعوبات تعيق وصولها إلى التمويل.
وخلال السنوات الماضية، تلقت شركة الملكية الخاصة عدة طلبات للاستثمار في شركات متنوعة تعمل في السوق المحلية. لكن بن أحمد أشار إلى أن هذه الخطوة لا يتم الإقدام عليها إلا بعد توفر بضعة شروط، من بينها نموذج الأعمال المعتمد ومرونته وجودة فريق الإدارة ونمو السوق ومشروع التطوير المقترح.
ووفق للجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال، بلغت التمويلات التي ضخها المستثمرون خلال السنوات الخمس عشرة الماضية 11 مليار درهم (1.07 مليار دولار) لصالح 250 شركة تعمل في عدة قطاعات، منها أكثر من 100 مليون دولار العام الماضي.
وترجح الجمعية أن يشهد تدفق الاستثمار في رأس المال المغامر (الجريء) نموا في السنوات المقبلة مع طفرة متوقعة حيث يتطلع المستثمرون لبيع أصولهم.
وتسعى الحكومة عبر مشروع ميثاق الاستثمار الذي أطلقه الملك محمد السادس في فبراير 2022 إلى زيادة حصة الاستثمار الخاص 33 مليار دولار بحلول عام 2035.
كما تراهن الرباط على صندوقها السيادي محمد السادس للاستثمار لتحريك نشاط الاستثمار في رأس المال، إذ يرتقب أن يطلق قريبا صناديق قطاعية ستتم إدارتها من قِبل شركات تتولى جلب تمويلات تناهز ملياري دولار للاستثمار حتى العام 2029.
وسبق أن صرح محمد بنشعبون المدير العام للصندوق بأن تطوير الاستثمار في رأسمال الشركات والمشاريع المنتجة يُنتظر منه أن يعزز حوكمة الشركات بما يسهل عمليات الإدراج في البورصة من خلال خروج الصناديق الاستثمارية من رأسمالها فيما بعد.
◙ 1.07 مليار دولار حجم الاستثمار في رأس المال الجريء بالبلاد على مدار السنوات الـ15 الماضية
واعتبر أن هذا الاستثمار الرأسمالي بمثابة خطوة دافعة لدخول البورصة وتحريك السوق المالية، الأمر الذي سيعزز من مساهمتها في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقعت وكالة ستاندر آند بورز للتصنيف الائتماني في آخر تقاريرها أن يتسارع النمو الاقتصادي السنوي للمغرب ليصل في المتوسط إلى 3.6 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين 2024 و2027.
وجرى تأسيس صندوق محمد السادس في العام 2021 وتلقى مساهمة أولية من الدولة قدرها 15 مليار درهم (1.48 مليار دولار)، ويستهدف جمع 15 مليار دولار عبر صناديق قطاعية سيتم إدارتها من شركات تتولى جلب التمويلات من الأسواق المحلية والدولية.
والهدف من الصناديق القطاعية هو جمع ما يناهز ملياري دولار للاستثمار في السنوات الخمس المقبلة، حيث سيكون صندوق محمد السادس أول مستثمر فيها من خلال ضخ ثلث المبلغ.
ومن المتوقع أن يدفع ذلك إلى تحقيق انطلاقة جديدة لنشاط الاستثمار في رأسمال الشركات المغربية ويلعب دورا في تطويرها، وصولا إلى تحولها إلى منصة لاستهداف القارة الأفريقية.
ورأى شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الممثل للقطاع الخاص، في تصريحات سابقة لبلومبرغ الشرق أن “ما تحقق على صعيد الاستثمار الرأسمالي في المغرب يبقى بعيدا عن التطلعات”.
لكنه أكد أن “الجيل الجديد من الشركات بدأ يتجه أكثر نحو حلول التمويل التي توفرها صناديق الاستثمار، لأن تدخلها يتجاوز ضخ الأموال، بل هي عبارة عن شراكات استراتيجية تساهم في التوسع محلياً وخارجيا".
ودخول شركات الاستثمار في رأسمال الشركات كثيرا ما يقود إلى الإدراج في البورصة. وأشار بن أحمد أن ميديترينيا كابيتال بارتنرز أن الشركة لا تشترط الإدراج قبل الاستثمار.
ومع ذلك فهو يرى أن "وضع هذا المسار ضمن الاحتمالات أمرٌ مهم لأنه يسمح فيما بعد بالتخارج كلما كانت الظروف مناسبة لها".
ومن شأن زيادة الاستثمار برأسمال الشركات المغربية أن يُحقق هدف “خطة النموذج التنموي” برفع عدد الشركات المدرجة من 77 حاليا إلى أكثر من 300 بحلول عام 2035.
وقال كمال مقداد رئيس مجلس إدارة البورصة المغربية في أكتوبر الماضي إن "12 شركة في المغرب دخلت على مسار طرح أسهمها في السوق المحلية"، وذلك ضمن برنامج تتبناه البورصة لتشجيع الشركات على وجود أسهمها في السوق المالية.
وبحسب دراسة أجرتها البورصة مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، هناك تأثير إيجابي لإدراج الشركات الحكومية من حيث تحسين الحوكمة وتقليل الاعتماد على الدولة من حيث التمويل مع تعزيز كفاءة أعمالها، وبالتالي، المساهمة في النمو الاقتصادي.
وخلال السنوات الأخيرة استقبلت بورصة المحلية في المتوسط إدراجا واحدا رغم وجود طلب كبير خصوصاً من المستثمرين الأفراد. وأحدث طرح كان لبنك سي.أف.جي بنهاية العام الماضي.
وكشف مسح لمنصة ت.آي انساي المتخصصة في أبحاث الأسواق نشرته في فبراير الماضي، حدوث طفرة في الاستثمارات الأجنبية بالمغرب، الذي حل في المرتبة الثانية بعد مصر على الصعيد الأفريقي والتاسع على مستوى المنطقة العربية.