المغرب: خروج زعيم الانفصاليين من إسبانيا بنفس طريقة دخولها يفاقم الأزمة الدبلوماسية

وزارة الخارجية المغربية تدعو إسبانيا إلى إجراء تحقيق شفاف حول دخول غالي إلى أراضيها “بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة”.
السبت 2021/05/22
غالي رفض التوقيع على استدعاء من محكمة إسبانية للتحقيق بجرائم حرب

مدريد - دعا المغرب إسبانيا إلى إجراء تحقيق "شفاف" حول دخول قائد جبهة البوليساريو إبراهيم غالي إلى إسبانيا لتلقي العلاج، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين وتدفق عدد غير مسبوق من المهاجرين المغاربة إلى جيب سبتة الإسباني.

وقال المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية المغربية فؤاد يزوغ خلال مؤتمر صحافي في الرباط السبت إن دخول زعيم جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر إلى إسبانيا جرى "بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة".

وأضاف أنه "يتعين إجراء تحقيق نأمل أن يكون شفافا لتسليط الضوء على كافة ملابسات هذه القضية".

وتابع المسؤول أن المغرب الذي كشف منذ 19 أبريل عن وجود غالي في إسبانيا، لديه معلومات تثبت أن الأخير استفاد من "تواطؤات" وأنه "سيتم الكشف عن المزيد من المعطيات في الوقت المناسب".

وفي وقت سابق السبت، حذرت السفيرة المغربية في مدريد كريمة بنيعيش من أنه إذا سمحت إسبانيا لزعيم حركة البوليساريو الانفصالية بمغادرة أراضيها دون إبلاغ الرباط، فإن ذلك سيزيد من تفاقم الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا.

ويتلقى غالي العلاج في مستشفى إسباني منذ أبريل بعد تشخيص إصابته بكوفيد - 19، في خطوة أثارت توترا مع الرباط.

وقالت كريمة بنيعيش سفيرة المغرب في إسبانيا إنه إذا سمحت مدريد لغالي بمغادرة إسبانيا دون إبلاغ المغرب مثلما كان الحال عندما جاء إلى إسبانيا "فإنها ستختار الجمود وتفاقم العلاقات الثنائية".

وأوضحت بنيعيش، أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين مدريد والرباط على خلفية استقبال زعيم الانفصاليين على التراب الإسباني، بشكل سري وبهوية منتحلة، تعد اختبارا لقياس مدى موثوقية وصدق الخطاب السائد منذ سنوات بشأن حسن الجوار والشراكة الإستراتيجية بين البلدين.

وأضافت أن هذه الأزمة تشكل أيضا اختبارا لاستقلالية القضاء الإسباني "الذي يحظى بثقتنا"، وكذلك لعقلية السلطات الإسبانية في ما إذا كانت تريد أن تختار تعزيز العلاقات مع المغرب أو التعاون مع أعدائه.

وأكدت سفيرة المملكة في مدريد أن إسبانيا اختارت للأسف التعتيم من أجل العمل من وراء ظهر المغرب من خلال استقبال هذا المجرم والجلاد وحمايته، لدواع إنسانية وبالتالي الإساءة إلى كرامة الشعب المغربي.

وشددت على أن المغرب، وفي ظل الأزمة الخطيرة التي يعيشها مع إسبانيا، لا يبحث عن أي مجاملة أو محاباة، بل يطالب فقط باحترام روح الشراكة الاستراتيجية التي تجمعه مع إسبانيا وبتطبيق القانون الإسباني.

وذكرت الدبلوماسية المغربية بأن الشخص الذي سمحت إسبانيا بدخوله إلى أراضيها بجواز سفر مزور وبهوية منتحلة، متابع من قبل القضاء الإسباني بسبب أفعال خطيرة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالإضافة إلى اغتصاب نساء.

وأشارت إلى أن ضحاياه يحملون الجنسية الإسبانية وأن معظم الأفعال المنسوبة إليه وقعت فوق التراب الإسباني.

بنعيش: اسبانيااختارت التعتيم والعمل من وراء ظهر المغرب
كريمة بنيعيش: إسبانيا اختارت التعتيم والعمل من وراء ظهر المغرب 

وكان وزير الداخلية الإسباني فرناندو جراندي مارلاسكا قال في وقت سابق إنه يأمل في نهاية قريبة للخلاف الدبلوماسي مع المغرب.

وقال مارلاسكا "كان هناك خلاف مع المغرب ونأمل أن يكون هذا الخلاف قصير الأجل قدر الإمكان".

وأعلنت مدريد أن غالي دخل مستشفى إسبانيا كمريض بكوفيد - 19 الشهر الماضي باسم مستعار وبجواز سفر دبلوماسي جزائري لاعتبارات إنسانية.

وكانت الرباط أعلنت أن عودة سفيرتها إلى مدريد والتي تم استدعاؤها إلى للتشاور، تبقى رهن "انتهاء الأسباب الحقيقية للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين"، وهي استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو بطريقة لا تحترم العلاقات بين الجارين.

والثلاثاء الماضي استدعت الرباط السفيرة بنيعيش للتشاور بعد استقبال مدريد لكبير الانفصاليين الصحراويين، ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قوله إن السفيرة كريمة بنيعيش "لن تعود ما دامت أسباب الأزمة قائمة" بين البلدين.

وأضاف بوريطة أن السفيرة بنيعيش تلقت توجيهات استدعائها للتشاور في الرباط عشية استدعائها إلى وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية، وهو ما يعني أن استدعاءها لم يكن ردا على دعوتها إلى اجتماع عاجل من قبل الخارجية الإسبانية، عقب تدفق الآلاف من المهاجرين إلى سبتة المحتلة، بحسب صحيفة "هسبريس" المغربية.

وانتقد الوزير المغربي طريقة استدعاء الخارجية الإسبانية للسفيرة المغربية، موضحا أنها طلبت حضورها في 30 دقيقة "وهو عمل غير مسبوق وغير مألوف في العلاقات بين دول جارة ونادر في الممارسة الدبلوماسية"، مضيفا أن "سفيرة جلالة الملك لا تتلقى تعليمات سوى من بلدها".

وشدد على أن "الأزمة ستستمر ما لم تتم تسوية سببها الحقيقي، فالمغرب يرفض تلقي هذا النوع من التخويف القائم على صور نمطية بائدة وسيظل واضحا بشأن أصل هذه الأزمة وتَكوّنها والمسؤولين عنها".

كما اتهم إسبانيا بأنها تحاول استغلال ما حدث في جيب سبتة المغربي المحتل "مطية للهروب من النقاش الحقيقي" حول مسببات الأزمة بين الرباط ومدريد وهي استقبال إسبانيا للمدعو إبراهيم غالي الملاحق بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والاغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

وكان القضاء الإسباني قد فتح تحقيقا حول شبهة تورط إبراهيم غالي في “جرائم ضد الإنسانية” بعد أن رفعت “الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان” دعوى ضده واتهمته بارتكاب “انتهاكات لحقوق الإنسان” في حق معارضين صحراويين في مخيم تندوف غرب الجزائر.

ورفض غالي التوقيع على استدعاء من محكمة إسبانية متحصنا بجواز سفر جزائري مزور، وهي قضية أخرى أحرجت الحكومة الإسبانية الاشتراكية التي تقف عاجزة عن تقديم تفسير مقنع لاستقبالها كبير الانفصاليين، وهي تعلم أنه قدم إليها بطائرة جزائرية وبجواز سفر جزائري.

وساد الهدوء سبتة الجمعة مع مواصلة السلطات إعادة المهاجرين الذين دخلوا الجيب. وقال مارلاسكا إن أكثر من 6500 مهاجر عادوا إلى المغرب من بين نحو ثمانية آلاف مهاجر سبحوا وصولا إلى سبتة يومي الاثنين والثلاثاء.

وقالت السلطات في جيب مليلية والذي يقع على بعد حوالي 300 كيلومتر إلى الشرق من سبتة، إن نحو 70 مهاجرا عبروا الحدود الجمعة وتسلقوا سياج الأسلاك الشائكة المرتفع الذي يفصل بين الجيب والمغرب.