المغاربة يترقبون الخلاص من جشع تجار المحروقات

تصاعد الجدل في المغرب حول توقيت بدء تنفيذ قرار حكومي يضع حدا لانفلات أسعار الوقود من أجل كبح تغول شركات المحروقات، التي استغلت آلية تحرير الأسعار في السوق المحلية لتجني أرباحا طائلة على حساب المستهلكين طيلة السنوات الأخيرة.
الرباط – تترقب الأوساط الشعبية المغربية تحديد سقف لأرباح شركات المحروقات، الذي يعد الأول من نوعه، ويأتي بعد أقل من سنة من بدء حملة مقاطعة شعبية لثلاثة منتجات، منها أكبر شركة لتوزيع الوقود في البلاد.
وأكدت مصادر أن الملف بات بيد الحكومة، التي ستكشف في الفترة القليلة القادمة متى سيتم تفعيل القرار، الذي جاء بعد ضغوط شعبية.
وقال لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة في وقت سابق إن “شركات المحروقات وافقت على الالتزام بقرار الحكومة، ولم يعد هناك صراع بيننا”.
وأضاف “سنطبق تسقيف أرباح الشركات لمدة سنة بشكل تجريبي، ولدينا الأمل في أن نطبق القرار بعد ذلك بشكل دائم”.ولكن الشركات فندت التوصل لاتفاق مع الحكومة ما يزيد الأمور غموضا.
ونسبت وكالة الأناضول لرئيس تجمع النفطيين بالمغرب عادل الزيادي قوله “نحن في سوق حرة ولا يمكننا أن نتفق على أسعار البيع، حيث قانون المنافسة يمنعنا من ذلك نهائيا”.
وتابع “نعم جلسنا مع الحكومة وأوضحنا أن تقنين أسعار المحروقات، يعني الرجوع إلى نظام تتحكم فيه الدولة في الأسعار، وبالتالي الخروج من منطق تحرير السوق”.
ويستهلك المغاربة سنويا، 12 مليون طن من المحروقات، أي ما يعادل 91.2 مليون برميل سنويا، و250 ألف برميل يوميا، بحسب تقرير برلماني استطلاعي، صدر العام الماضي.
ويؤيد اتحاد أرباب وتجار ومسيري محطات الوقود الحكومة في قرارها المتعلق بتسقيف أرباح شركات المحروقات.
20 شركة محروقات في المغرب، 11 منها تستورد الخام و5 فقط تستحوذ على 80 بالمئة من السوق المحلية
ويعتقد جمال زريكم رئيس الاتحاد أن تحديد هامش الربح قرار منصف للمستهلك أولا، الذي يشتكي من غلاء الأسعار، وأيضا “لنا نحن أصحاب محطات بيع الوقود التي يصل عددها حاليا 2400 محطة لأن هامش ربحنا لم يتغير منذ 20 سنة”.
وقال “يوجد جدل في المغرب حول أسعار بيع المحروقات، ونعتقد أنّ هناك تضاربا للمصالح الاقتصادية والسياسية، وهذا التضارب هو الذي يغذي الجدل”.
وسجل رئيس الاتحاد انعدام الشفافية والوضوح حول سعر المحروقات، وكذلك معطيات حول تكلفته الحقيقية قبل أن يصل إلى المستهلك.
وفي يوليو الماضي، طالب رئيس الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إدريس الإدريسي، الحكومة بإحداث آليات لتحديد هامش الربح في قطاع المحروقات.
وقال الإدريسي حينها، إن 7 شركات تعمل في القطاع، حققت أرباحا بلغت حوالي 7 مليارات درهم (حوالي 780 مليون دولار)، بعد تحرير القطاع في 2015، ووصف الأرباح بـ”الكبيرة”.
واعتبر نوفل الناصري، الخبير الاقتصادي والباحث في السياسات العمومية أن التوصل إلى اتفاق شبه نهائي مع ممثلي شركات المحروقات من أجل تسقيف الأرباح، يؤشر على اعتماد قرار في هذا الشأن بشكل توافقي.
وقال إن “النقاش احتد في المغرب حول أسعار المحروقات، بعد حملة المقاطعة الشعبية، وزاد الطلب على إصلاح قطاع المحروقات، بعد التقرير البرلماني الاستطلاعي الذي كشف الارتفاع الكبير لأرباح الشركات”.
ويرى الخبير الاقتصادي أن التوقيت مناسب الآن لبدء تطبيق القرار الحكومي، بالنظر لأسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي بلغت حاجز 70 دولارا.
ومنذ أبريل العام الماضي، تتواصل في المغرب حملة شعبية، لمقاطعة منتجات ثلاث شركات في السوق المحلية، إحداها تبيع المحروقات وتعود لعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي.
وما يعقد المشكلة أن هناك شركة وحيدة لتكرير النفط الخام وهي شركة سامير، إلا أنها متوقفة عن العمل بشكل كامل منذ عدة سنوات بسبب إفلاسها.
وكان إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة قد قال في فبراير الماضي إن “إعادة تشغيل الشركة، التي توقفت عن تكرير النفط منذ أغسطس 2015، يتطلب قرارا سياسيا”.
وقضت محكمة النقض أعلى محكمة بالبلاد، في سبتمبر الماضي بتصفية شركة سامير مع الإذن باستمرار نشاطها.
ويرى لحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة المغربية للبترول والغاز، أن هناك حاجة ملحة للاستئناف العاجل لمصفاة التكرير الوحيدة في البلاد لنشاطها، لتساهم في توفير الحاجيات الوطنية من المحروقات، بما يمكّن من خفض الأسعار.
وقال “نطالب الحكومة بالكشف عن موقفها من مستقبل صناعات تكرير البترول، فالمستثمرون يشتكون من عدم الوضوح”.
وأوضح أن أهم ما يتميز به القطاع هو الاحتكار، إذ تستحوذ 5 شركات كبرى على 80 بالمئة من مبيعات المواد البترولية، وتحتكر شركة واحدة 37 بالمئة من السوق. ومن أصل 20 شركة محروقات تعمل في السوق المغربي، 11 منها تستورد المشتقات النفطية.