المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط يحتفي بتجارب كاتبات مغربيات

الرباط - جرى يوم الثلاثاء بالرباط، في إطار فعاليات الدورة الـ29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تقديم الترجمة العربية لكتاب “Si les murs de Fès pouvaient parler”، (لو تكلمت حيطان فاس)، لمؤلفته نعيمة برادة، والذي ترجمه خالد فتحي.
وقد حضر اللقاء، الذي عقد برواق منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، كل من مؤلفة الكتاب نعيمة برادة والمترجم خالد فتحي، إلى جانب ثلة من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الثقافي.
ويسلط الكتاب الضوء على مدينة فاس وتاريخها الحضاري والإنساني، مبرزا ثقافة وأصالة هذه المدينة ومآثرها التاريخية، من خلال الوصف الدقيق والعميق للحياة الاجتماعية والثقافية بكل تفاصيلها، بأسلوب واضح ومفهوم.
كما يعتبر المؤلف دعوة إلى قراءة في التطور الثقافي والفني والاجتماعي الذي شهدته مدينة فاس، وفي آثار الزمن والطبيعة وزحف العولمة على التراث المادي واللامادي للمدينة.
وبالمناسبة قال خالد فتحي إن الكاتبة اعتمدت في هذا المؤلف، الذي يضم 36 فصلا، على شهادات شفوية، تصف المرحلة التاريخية لفاس ما بين نهاية سنوات خمسينات القرن الماضي وبداية سبعيناته، وتعيد رسم المدينة في تلك الفترة، من الناحية الاجتماعية والثقافية.
وأوضح أن الكاتبة تطرقت إلى كل تفاصيل الحياة في مدينة فاس خلال هذه الفترة، سواء أحياؤها وسكانها بمختلف هوياتهم أو الزوايا والأضرحة، وكذلك عادات النساء والأطفال.
وأشار إلى أن الكتاب تحدث أيضا عن الجانب الطبيعي لمدينة فاس في تلك الفترة، حيث تطرق إلى وادي الجواهر الذي كان على مدار التاريخ المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، حيث “قالت الكاتبة إن فاس كانت كلها وديان، تشبه مدينة أمستردام”.
كما خصص المعرض فقرة تكريمية خاصا للكاتبة والأكاديمية المرموقة في علم الاجتماع عائشة بلعربي، التي أثرت كتاباتها المشهد الأدبي المغربي.
وخلال لقاء التأم مؤخرا ضمن فعاليات المعرض حول المسار المتميز لهذه الكاتبة، أبرز المتدخلون أهمية المواضيع التي تطرحها بلعربي في أعمالها، لاسيما تعليم الفتيات وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والهجرة.
كما أبرزوا أن عائشة بلعربي تعتبر من بين الأعلام البارزين في مجال الأدب المغربي، الذين اضطلعوا بدور هام في النهوض بحقوق المرأة في المملكة، وكذلك في إبراز الكتابة النسائية على المستويين الوطني والدولي.
وسجلوا أن بلعربي قدمت، من خلال مختلف المناصب التي شغلتها كدبلوماسية وأستاذة جامعية ومتخصصة في علم الاجتماع وكاتبة ومناضلة، مساهمة حقيقية ونفسا جديدا للأدب المغربي، مضيفين أن تأملاتها المعمقة وأفكارها حول القضايا ذات الصلة بوضعية المرأة في المغرب ساهمت بشكل كبير في تحرير الأصوات النسائية.
وفي تصريح للصحافة عبرت بلعربي عن سعادتها بهذا التكريم في إطار هذه التظاهرة الأدبية التي تسلط الضوء على أعمال ومساهمات عدد كبير من الكتاب المغاربة، مبرزة الدور الهام الذي يلعبه المعرض الدولي للنشر والكتاب في النهوض بمختلف مجالات الأدب، خاصة في صفوف الشباب المغربي.
وقالت في هذا السياق “إن الأدب هو بمثابة ملاذ، واستباق للمستقبل والحالات الذهنية التي يتم التعبير عنها”، مسجلة أن أكثر ما ميز مسيرتها هو العمل السياسي الذي يتطلب التكوين والاستثمار والجاهزية الدائمة.
وبخصوص وضعية المرأة المغربية أكدت بلعربي أن هناك إنجازات كبيرة تحققت على مر السنين، لكن الطريق لا تزال طويلة، موضحة أنها تأمل في أن تتمكن جميع النساء من تعزيز مكانتهن على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي رصيد بلعربي العديد من الأعمال الأدبية والمنشورات، من بينها “أزواج وتساؤلات” و”الجسد الأنثوي” و”النساء والإسلام”.
يشار إلى أن عائشة بلعربي، المناضلة في مجال حقوق المرأة المغربية منذ سبعينات القرن الماضي، كانت عضوا في حكومة التناوب ما بين سنتي 1998 و2002، وسفيرة للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي، ثم مفوضة دولية بالمنظمة الدولية للهجرة ما بين سنتي 2004 و2006.
ويذكر أنه على غرار الدورات السابقة، يتميز البرنامج الثقافي للدورة الـ29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط بتنظيم عدد كبير من الأنشطة بمشاركة كتاب ومفكرين ومبدعين وشعراء مغاربة وأجانب، مكرسا بذلك موقع المغرب باعتباره بلدا للتلاقي والحوار والتبادل الثقافي.
وتعرف هذه الدورة، المنظمة إلى غاية التاسع عشر من مايو الجاري من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع ولاية جهة الرباط – سلا – القنيطرة، وجهة الرباط – سلا – القنيطرة وجماعة الرباط، مشاركة 743 عارضا يمثلون 48 بلدا، مع حضور منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) كضيف شرف.