المعارضة في موريتانيا تزيد من ضغوطها على السلطة مع اقتراب الحوار الوطني

نوكشوط – تكثف المعارضة الموريتانية من ضغوطها على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مع اقتراب موعد الحوار الوطني المقرر إجراؤه الشهر المقبل.
وأعلنت اللجنة المكلفة بالتحضير للحوار مساء الخميس عن التوصل إلى اتفاق مع قوى المعارضة على بدء الحوار الذي تأجل مرارا في الثالث من مايو المقبل، كما تم تحديد مدة شهر كسقف زمني أولي له.
ويرى متابعون أن قوى المعارضة وفي مقدمتهم الإسلاميون الممثلون في حزب التجمع يسعون إلى رفع سقف شروطهم في الحوار عاليا للحصول على أكبر قدر من التنازلات من السلطة، ويضغطون باتجاه فرض سقف زمني لتنفيذ مخرجاته، الأمر الذي يجعل من مهمة إنجاح هذا الاستحقاق معقدة.
ويشير المتابعون إلى أن الرئيس الغزواني الذي يبدي حرصا على إنجاح الحوار لإنهاء حالة الانسداد السياسي الحالي، والتركيز على وضع البلاد على سكة الإصلاح الاقتصادي، لن يقبل أن يتحول الاستحقاق المنتظر إلى منبر للابتزاز والمساومة.
المعارضة تضغط باتجاه فرض سقف زمني لتنفيذ مخرجات الحوار، الأمر الذي يجعل من مهمة إنجاح الاستحقاق معقدة
وقال تحالف سياسي معارض جديد بموريتانيا إن البلاد تسير نحو وضعية كارثية وخطيرة إذا لم تقم السلطة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ضرورية وعاجلة.
وضم التحالف أربعة نواب في البرلمان يمثلون كتلا معارضة دخلت أحزابها في مشاورات مع السلطة تمهيدا للحوار المزمع تنظيمه بمشاركة شخصيات سياسية وحقوقية.
ورأى التحالف الجديد في مؤتمر صحافي عقده الخميس بنواكشوط أن موريتانيا “تمر بأزمة متعددة الأبعاد تثبت فشل النظام الحالي في الاستجابة لحاجيات الموريتانيين الأساسية كما توضح افتقار النظام لرؤية سياسية تمكن من إجراء الإصلاحات الضرورية للتخفيف على المواطنين ويخشى أن يكون التشاور الذي بدأ متأخرا بين القوى السياسية مجرد فرصة لمنح السلطة المزيد من كسب الوقت وبعث أمل سيفضي إلى خيبة أمل”.
وقال التحالف إنه “أمام هذا الركود الشامل يشكل هذا النداء فرصة لخلق ديناميكية جديدة بين القوى السياسية أحزابا وشخصيات ومنظمات من أجل إعطاء دفع جديد للقوى المعارضة الجادة”.
ودعا بيان وزعه التحالف كل الموريتانيين إلى “استحضار خطورة الوضع المتدهور للبلد والانخراط في مسار جديد من أجل وضع البلد على سكة التغيير الحقيقي”.
وأشار إلى ما وصفه بـ”التراجع الخطير في الحريات الفردية والجماعية نتيجة تفاقم الاعتقالات التعسفية وانتهاك الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير”. ومن أبرز أعضاء التحالف النائب المعارض والمحامي والحقوقي البارز العيد ولد محمد، والنائب محمد الأمين ولد سيدي مولود وآخرون.
وتعكس المواقف الصادرة عن المعارضة فجوة ثقة عميقة بينها وبين السلطة الحالية، وهذا الأمر يشكل تحديا كبيرا أمام الحوار المرتقب.
المواقف الصادرة عن المعارضة تعكس فجوة ثقة عميقة بينها وبين السلطة الحالية، وهذا الأمر يشكل تحديا كبيرا أمام الحوار المرتقب
ويرى المتابعون أن الصعوبات التي واجهتها اللجنة التحضيرية للحوار، المشكلة من الموالاة والمعارضة، تشي بأن الأمور لن تكون سهلة، على الرغم من أنه جرى الاتفاق على الخطوط العريضة التي ستجري مناقشتها.
واجتازت اللجنة المعنية مؤخرا العقبة التي كادت تؤدي إلى نسف الحوار، والمتعلقة بمنهجية عملها، حيث قبلت الهيئة المشرفة على الحوار برئاسة الوزير الأمين العام للرئاسة يحيى الوقف، تولي اللجنة بكامل أعضائها اتخاذ القرارات بدلا من توزيع الكبرى إلى لجنتين فرعيتين، إحداهما مكلفة بموضوعات الحوار والأخرى باقتراح قائمة المشاركين.
وأعلنت اللجنة في ختام رابع اجتماع تعقده، عن اعتماد أربعة محاور كعناوين رئيسية للحوار، على أن يتم إدراج المواضيع الواردة في الوثائق التي تقدمت بها أطراف الحوار كعناوين فرعية داخل المحاور الكبرى.
ووفق وسائل إعلام محلية، فقد قرر أعضاء اللجنة أن يتصدر ملف الوحدة الوطنية مواضيع الحوار، يليه موضوع المسار الديمقراطي ودولة القانون، على أن يخصص المحور الثالث للحكامة الرشيدة، فيما تقرر أن يكون المحور الرابع والأخير مخصصا لآليات تنفيذ مخرجات الحوار.وكانت قوى المعارضة دعت منذ العام لماضي إلى عقد حوار سياسي شامل، لكن الرئيس الغزواني كان مترددا في السير في هذا الخيار، معتبرا أنه ليست هناك أزمة في البلاد تتطلب عقد مثل هكذا حوار، مرحبا حينها بلقاء تشاوري.
ومن ذلك الحين كثفت قوى المعارضة من ضغوطها على الرئيس المورتاني الذي ارتأى في النهاية القبول بمقترحها، على أمل تهدئة الأجواء، على الرغم من كونه لا يبدو في حاجة إلى ذلك حيث يمتلك حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم، 89 مقعدا بالبرلمان من أصل 157، وهي أغلبية مريحة. ومطلع أغسطس 2019، بدأ ولد الغزواني ولاية رئاسية من خمس سنوات، إثر فوزه بنسبة 52 في المئة في انتخابات أجريت في الثاني والعشرين من يونيو من ذلك العام.
وبعد أشهر من انتخابه حرص الغزواني، على استقبال أغلب قادة الأحزاب المعارضة بمن فيهم رئيس حزب “التحالف الشعبي التقدمي” مسعود ولد بلخير، وأعقب ذلك هدوء سياسي استمر طيلة الفترة التي مضت من ولايته.
لكن بعض قادة الأحزاب السياسية اعتبروا أن المهلة التي منحتها المعارضة لنظام الرئيس ولد الغزواني، كانت موضوعية وضرورية في بداية وصوله إلى السلطة، لكنها طالت أكثر من اللازم، وأدت إلى تردي الأوضاع.