المعارضة المصرية توظف حقوق الإنسان لاستعادة نشاطها

أحزاب المعارضة المصرية تطالب بتعديل قوانين الحبس الاحتياطي والانتخابات وتنتظر دورا في الشارع.
الثلاثاء 2021/10/19
الملف الحقوقي مدخل لتموقع سياسي

تحاول أحزاب المعارضة المصرية توظيف الملف الحقوقي لاستعادة حضورها السياسي والشعبي الذي تراجع كثيرا خلال السنوات الماضية، عبر تبنيها للخطة الحكومية في المجال الحقوقي، لكنها مازالت تأمل السماح لها بلعب دور سياسي وإعلامي أكبر يمكن من خلق بيئة سياسية متوازنة تقود نحو إرساء تغييرات قانونية مهمة لصالح المصريين وذلك دون الاصطفاف خلف جماعة الإخوان الذي كان سببا في تقييد أنشطتها.

القاهرة- دخلت أحزاب المعارضة المصرية بورصة انفتاح الحكومة على منظمات حقوق الإنسان، وتحاول أن تحظى بقدر معقول من المساحة الممنوحة للجماعات الحقوقية النشطة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ما دفعها لاستعادة جانب من زخمها بعد توقف، معلنة ترحيبها بالخطوات الحكومية بانتظار أن تتلقى إشارات سياسية خضراء للتحرك على نحو كبير في الشارع المصري.

وشاركت ثمانية أحزاب معارضة في دائرة حوار حملت عنوان “دور الأحزاب السياسية في تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” قبل أيام، وطالبت بإطلاق سراح المزيد من المسجونين في قضايا الرأي، وتعديل قانون الحبس الاحتياطي وتعديل قوانين الانتخابات التشريعية ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

واقترحت الأحزاب التي شاركت، وهي: المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب الدستور والكرامة والمحافظين والعربي الناصري والتحالف الشعبي الاشتراكي والحزب المصري الشيوعي وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، تنظيم مؤتمر عام تشارك فيه نقابات وأحزاب لحشد وتعبئة منظمات المجتمع المدني مجدداً.

إشارة إيجابية

طلعت خليل: الأحزاب تعوّل على تهيئة المناخ السياسي للممارسة الحزبية الجادة

تجد أحزاب المعارضة التي غابت عن الحياة السياسية عمليا طوال السنوات الماضية في التوجه نحو تحسين الأوضاع الحقوقية مدخلاً لإعادة الحديث عن الأوضاع السياسية وتوصيل رؤيتها بشأن التعامل مع جملة من القضايا الشائكة، وبدا أنها تجس نبض جهات رسمية عديدة أبدت مواقف داعمة لحرية الرأي والتعبير.

ونظرت الأحزاب المشاركة في الاجتماع إلى الافراج عن بعض أعضائها المحبوسين على ذمة قضايا تظاهر ورأي على أنها إشارة إيجابية لإمكانية التحرك على نطاق أوسع سياسيا بعد أن حصرت اهتمامها في قضايا إقليمية مؤخرا.

واختارت هذه الأحزاب أن يكون التحرك من خلال عقد مائدة حوار لم تُفصح عنها إعلاميًا من قبل، وبحثت عبر مائدتها عن نقاط التقاء مشتركة مع جهات حكومية.

وأكد أمين عام حزب المحافظين (معارض)، طلعت خليل، أن الحزب أعلن تأييده لخطة الحكومة الحقوقية، كذلك الحال بالنسبة إلى غالبية أحزاب المعارضة، التي تؤكد أن ثمة مشكلة في الملف الحقوقي بحاجة لمعالجة سياسية، غير أن الأزمة تتمثل في كيفية تنفيذها وماهية الأطراف المشاركة فيها، وهل ستكون الأحزاب حاضرة أم لا؟

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن تطبيق ما يتعلق بالحقوق السياسية في الخطة بحاجة لتغيير في قانون الحبس الاحتياطي الذي يشهد نقاشات حول إمكانية تعديله، وتعديل قوانين مباشرة الحقوق السياسية التي توصف بأنها “سيئة السمعة”، والتي أقرت إجراء انتخابات البرلمان بالقائمة المطلقة المغلقة من دون أن تفرز برلمانا يعبر بشكل حقيقي عن توجهات المواطنين.

وأوضح بأن الأحزاب تعول على تهيئة المناخ السياسي للممارسة الحزبية الجادة بعيداً عن الأحزاب المصطنعة، وهو أمر يصب في صالح الدولة ولن يخصم من رصيدها، في ظل وجود كوادر لديها رؤى مهمة تسعى للتعبير عنها في إطار الدولة الوطنية.

وتتوقع دوائر حزبية أن تلعب دورا على مستوى الحضور الإعلامي ومخاطبة الجماهير والتحرك في الشارع وعرض الرؤى والاتجاهات السياسية الفترة المقبلة، بعد أن جرى الاستعانة برئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، ليكون بمثابة همزة وصل بين الحكومة ومنظمات وهيئات حقوقية وسياسية دولية، بما يبرهن على أن هناك انفتاحًا على شخصيات معارضة غابت لسنوات.

دور مهم

محمد السيد أحمد: المعارضة عليها دور مهم لاستعادة زخم الأحزاب في الشارع

تكمن الأزمة الحقيقية أمام أحزاب المعارضة في أنها قد تُطالب بأن تكون تحركاتها ضمن المساحة الممنوحة لأحزاب الموالاة، ما يفرض عليها التنسيق مع أحزاب تسير في فلك الحكومة بينما دائرة الحوار الأخيرة شهدت اعتراضات على المشاركة في فعاليات تهيمن عليها أحزاب حكومية، لأنه يخصم من رصيد المعارضة في الشارع.

ودخلت بعض أحزاب المعارضة الانتخابات التشريعية الأخيرة بغرفتيها النواب والشيوخ تحت لواء “القائمة الوطنية من أجل مصر” وسيطرت عليها أحزاب الموالاة وعلى رأسها “مستقبل وطن” صاحب الأغلبية في البرلمان، ما جعل بعضها يرتبط بصلات حكومية بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي فإن عملية الانفصال الكلي وقطع أواصل التنسيق تشكل إحدى القضايا المختلف حولها.

وطالبت بعض الأحزاب المشاركة في الاجتماع الأخير وضع رؤية خاصة بتيارات المعارضة لعرضها على المواطنين، وتكون موضوعية ومقبولة من قطاعات واسعة بعيداً عن رؤية الموالاة التي ترفض الخروج عن الإطار الذي ترسمه الحكومة وأجهزتها، بما يسير في اتجاه بعيد عن جماعة الإخوان التي كانت سببًا في أن تخسر أحزاب المعارضة جزءاً كبيراً من رصيدها والتعاطف معها في الشارع.

ووجدت أحزاب معارضة في قضايا العمال والأزمات الاجتماعية المرتبطة بها مدخلاً لترسيخ تحالفاتها البينية، ودشنت ما أسمته بـ”أمانات العمال للأحزاب السياسية”، وعقدت أكثر من ورشة عمل حول قانون التأمينات الاجتماعية الجديد ووجهت انتقادات لاذعة للقانون المعد من قبل جهات تابعة للحكومة، وهو ما يشي باحتمال أن تكون هناك تحالفات على مستوى قضايا سياسية داخلية.

ولاحظ مراقبون أن حزب التجمع اليساري الذي سار في كنف الحكومة مؤخرا بدا أكثر تحرراً في هذه الأثناء بعد أن قاد حملة برلمانية ضد وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، على خلفية تجميد العمل في أحد المصانع التي شهدت احتجاجات لموظفيها، وطالب بإقالة الوزير ومحاسبته، وهو ما اعتبره البعض إشارة على توسيع دائرة أحزاب المعارضة التي قد يأتي تحركها في إطار مقبول من الحكومة.

دوائر حزبية تتوقع أن تلعب دورا على مستوى الحضور والتحرك في الشارع وعرض الاتجاهات السياسية خلال الفترة المقبلة

وقال أمين الشؤون السياسية بالحزب العربي الناصري محمد السيد أحمد، إن أحزاب المعارضة التاريخية عليها دور مهم لاستعادة زخم الأحزاب في الشارع، و”نحاول الوصول إلى تفاهمات ليكون هناك أربعة أو خمسة أحزاب تعبر عن التيارات المختلفة بما يساعد على طرح رؤى لكل تيار، على أن يكون للجميع إطار عام يتعلق بدعم مؤسسات الدولة الوطنية وعدم السماح بتهديدها”.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن الأحزاب التي تعاني من تقييد حركتها يمكن أن تلعب دورا إيجابيا لصالح الدولة حال أفسح المجال أمامها على مستوى مواجهة أفكار تنظيم الإخوان المتطرفة أو عبر مجابهة الانتقادات الموجهة إليها في مجال الحريات العامة وسوف يكون هناك إثبات عملي على الأرض بأن القوى السياسية تتحرك بحرية وفقا لبرامج متباينة، يشارك فيها الليبرالي واليساري والوسطي.

7