المعارضة المصرية تطالب بضمانات للانخراط في الحوار السياسي

الحركة المدنية تدعو إلى حوار مباشر مع الرئاسة وتشكيل لجنة خبراء مشتركة لإداراته.
الثلاثاء 2022/05/10
تعامل حذر مع دعوة السيسي للحوار

لا تزال المعارضة المصرية متوجسة من أهداف الحوار السياسي الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، لجهة كونه جادا في تجاوز المشكلات أم أنه مجرد حوار يستهدف التهدئة لا غير. وتطالب المعارضة بضمانات حتى لا يكون مصير الحوار الوطني كسابقه من الحوارات التي التجأت إليها الأنظمة السياسية للتنفيس.

القاهرة - ألقت أحزاب وشخصيات معارضة مصرية كرة الحوار السياسي في ملعب الحكومة عقب استجابة عدد كبير منها إلى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي أطلقها مؤخرا، وأعلنت رؤيتها لنجاحه من دون أن توضح ما إذا كان موقفها الذي جاء متضمنا مجموعة من المطالب معبرا عن شروط أم ضمانات لنجاح الحوار الوطني.

ودعا العشرات من النشطاء السياسيين والمعارضين داخل وخارج مصر الاثنين، السلطات إلى اتخاذ “تدابير جادة لبناء الثقة” ووقف استخدام “الاحتجاز التعسفي” و”الحبس الاحتياطي”، وإلغاء القضايا التي مر عليها عامان دون إحالة للمحاكمة.

وأعلنت الحركة المدنية التي تشكلت من أحزاب وشخصيات شاركت في ثورة يونيو 2013 وسلكت طريقا معارضا وتضم في عضويتها أحزابا وشخصيات عامة مساء الأحد، أنها “قبلت المشاركة في الحوار للوصول إلى خطة وطنية شاملة تضع البلاد على الطريق الصحيح الذي تستحقه وتقدر عليه، وأن الحوار مسار لاكتشاف فرص التوافق، وتحسين شروط الحياة الاجتماعية والسياسية في الوطن”.

عبدالعزيز الحسيني: عدم وجود ضمانات يعني أن فرص عدم المشاركة كبيرة

وشددت على ضرورة أن يجري الحوار تحت مظلة مؤسسة الرئاسة، باعتبار أن الواقع العملي يؤكد أنها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه، وتتم جميع الجلسات بين عدد متساو ممن يمثلون السلطة بكل مكوناتها وبين المعارضة، وبث الجلسات من خلال وسائل الإعلام المتنوعة.

وتجاوزت الحركة المدنية تكليف الرئيس السيسي إدارة المؤتمر الوطني للشباب من أجل الإعداد للحوار، وطالبت بتشكيل أمانة مسؤولة عن الإعداد له وإدارته وصياغة مخرجاته وكتابة تقرير ينشر دوريا على الرأي العام بما تم إنجازه مما اتفق عليه، على أن تتشكل من عشرة من كبار الخبراء الوطنيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتجرد، ويتم تسميتهم مناصفة من قبل طرفي الحوار.

وتريد المعارضة أن تظهر في موقف قوة ويتضمن حضورها جلسات الحوار مطالب تجعلها تبدو في صورة متماسكة أمام قطاعات من المواطنين الذين اعتبروها غير مؤثرة ولا حضور فعلي لها على الأرض، وتخشى أن تقبع في خانة الرفض ووضع شروط تعجيزية لا تتناسب مع قوتها الحقيقية. وتتعامل بعض الأحزاب المعارضة مع مطالبها كشروط من الضروري الاستجابة لها، فيما تتحدث شخصيات مؤثرة داخل الحركة المدنية، على رأسها المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي على أن الحركة “لم تضع شروطا مسبقة للحوار، إنما طرحت رؤى وأفكارا وعوامل من أجل نجاحه”.

وعلمت “العرب” أن اجتماع أحزاب الحركة المدنية (السبت) شهد تباينا في وجهات النظر بين أطراف أصرت على وضع شروط للحوار تمثل الاستجابة لها مدخلا للمشاركة ووضع مطالب بينها إلغاء التعديلات الدستورية الأخيرة وإقالة الحكومة.

وبينما انتصر آخرون لضرورة الدخول في الحوار مع عرض رؤية منطقية أمام الرأي العام والضغط على الحكومة للتجاوب مع الحد الأدنى من الضمانات لنجاح الحوار.

أحمد بهاءالدين شعبان: الظروف الدقيقة تفرض أن يكون هناك حوار شامل وتوافقي

وقال عضو الحركة المدنية الديمقراطية عبدالعزيز الحسيني لـ”العرب” إن عدم استجابة النظام للشروط التي تعد في جوهرها ضمانات لنجاح الحوار يعني أن فرص عدم المشاركة كبيرة، لكن لا يمكن الجزم بما سيحدث لاحقا، لأن رؤساء الأحزاب الذين وقعوا على البيان سيعودون إلى قواعدهم الحزبية، وهناك انتقادات شديدة من الشباب لفكرة الحوار من الأساس.

ووقع على البيان رؤساء أحزاب: المحافظون والكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والدستور والعيش والحرية (تحت التأسيس) والوفاق القومي، بخلاف عدد من الشخصيات العامة.

وأضاف الحسيني أن الأحزاب تصر على أن تكون جلسات الحوار مذاعة مباشرة لتعريف المواطنين برؤى الأحزاب في التعامل مع المشكلات الحالية وما إذا كان هدفها عرقلة مسيرة التنمية أم لديها وجهات نظر تستحق أن تلقى آذانا صاغية، ولتحسين صورة المعارضة في الشارع والتأكيد على أنها تسعى فقط إلى صالح الوطن. ولفت إلى أن المعارضة لديها أمنيات لنجاح الحوار لأنه يخدم مصلحة الجميع، مع أهمية أن يتزامن ذلك مع إغلاق تام لقضايا المحبوسين على ذمة قضايا الرأي والحريات العامة وليس مجرد الإفراج عنهم، ففي تلك الحالة تكون هناك إجراءات احترازية متبعة تضيق حريتهم العامة.

ويمثل الانطلاق من قاعدة الأهداف الوطنية فرصة للتلاقي في ملفات مختلفة، وقد يكون ذلك مقدمة لإعادة دمج كوادر حزبية وشبابية معارضة في العمل العام وداخل هياكل السلطة، وهو أمر يسعى إليه الطرفان لتأمين الجبهة الداخلية من اختراقات جماعات الإسلام السياسي، وفي القلب منها تنظيم الإخوان.

وأوضح رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أحد الموقعين على بيان الحركة الوطنية، أحمد بهاءالدين شعبان، أن الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد والمشكلات ذات الارتباط المباشر بالأوضاع العالمية وعودة مهددات خطر الإرهاب، تفرض أن يكون هناك حوار شامل توافقي للتعامل مع الأزمات الراهنة.

وأشار لـ”العرب” إلى أن الخيارات الاستراتيجية للنظام المصري بشأن الأوضاع الاقتصادية وما يترتب عنها من صعوبات على المواطنين وتفاقم الدين الخارجي يجعل ثمة حاجة ضرورية لشراكة بين الحكومة والمعارضة لتخفيف حدة الآثار السلبية. ولا يستبعد مراقبون أن تتخذ الحكومة المزيد من الإجراءات الصعبة الفترة المقبلة، وهي نقطة يدركها النظام الحاكم الذي بحاجة ليؤكد أن قراراته جاءت بالتوافق الوطني وتقبل المعارضة لها يجعلها تسانده انطلاقا من المسؤولية المجتمعية تجاه الوطن.

المعارضة تريد أن تظهر في موقف قوة ويتضمن حضورها جلسات الحوار مطالب تجعلها تبدو في صورة متماسكة أمام قطاعات من المواطنين الذين اعتبروها غير مؤثرة

ولا يقل الوضع السياسي صعوبة عن الاقتصادي، لأن المجال العام يعاني من التضييق العام، وهو أمر يصعب استمراره، قد يؤدي إلى خروج الطبقة المتوسطة إلى الشارع، لأن أفرادها في مقدمة المتضررين من الأوضاع ويتحملون جانبا كبيرا من الفاتورة الاقتصادية الباهظة.

وتعد الفترة الحالية مناسبة لتدشين حوار وطني جاد، شريطة ألا يكون شكليا مثلما اعتادت أنظمة سابقة رأت أن الدخول في النقاشات يجب أن يتم عبر تدوير نفس الخبرات والوجوه القديمة، ما يقود إلى انتكاسات مجتمعية وسياسية عديدة، فهذه لعبة مكشوفة ومعروفة نتائجها، وفي تلك الحالة قد يخسر النظام واحدة من معاركه المهمة.

2