المعارضة الكويتية تستعد لاكتساح البرلمان وإسقاط حكومة أحمد النواف

الكويت- تتجه المعركة الانتخابية في الكويت لتكون معركة “كسر عظم” أكثر من أيّ دورة انتخابية من دورات “مجلس الأمة” الست عشرة السابقة. ويعود السبب في ذلك إلى أن “المعارضين” يواجهون تحديا مستقبليا يهدد مكانتهم إذا ما تم إقرار تعديل القانون الانتخابي لغير صالح مناطق نفوذهم التقليدية. كما أن رئيس المجلس مرزوق الغانم يقع هو نفسه تحت طائلة خسارة موقعه لصالح منافسه أحمد السعدون القريب من دوائر الأسرة الحاكمة.
ويسود الاعتقاد بأنه إذا حقق المعارضون نتيجة تضمن لهم 30 مقعدا على الأقل، من أصل 50 مقعدا في المجلس، فإن الغانم سيعود ليكون المرشح الأوفر حظا لرئاسة المجلس. إلا أن أيّ نسبة أقل يمكن أن تجعل الكفة تميل لصالح السعدون، وهو رئيس سابق لمجلس الأمة أيضا، وهو على تناغم مع التحالف القائم بين ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ورئيس الوزراء أحمد نواف الأحمد.
والغانم عضو في مجلس الأمة منذ العام 2006، ورئيس للمجلس منذ عام 2013 وحتى 2 أغسطس 2022. وشهدت عودته الأخيرة إلى رئاسة المجلس بعد إبطال المجلس السابق بقرار من المحكمة الدستورية، مواجهة حادة بينه وبين رئيس الحكومة وصلت إلى درجة أنه اعتبر رئيس الحكومة “خطرا على مستقبل البلاد”.
ويقول مراقبون إن تيار الشيخ مشعل الأحمد وأحمد نواف الأحمد داخل الأسرة الحاكمة يراهن على تغيير قواعد اللعبة، بحيث يتم إضعاف مواقع المعارضة، باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان استقرار الحكومة.
وكان السعدون تقدم باقتراح قانون انتخابي جديد يقضي بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، بحيث تكون الكويت 5 دوائر يتاح للناخب أن يدلي بصوته لأربعة مرشحين، أحدهم من دائرته و3 من خارجها، ويقضي كذلك بفوز أول 50 مرشحاً.
ويقصد هذا المقترح تشتيت القاعدة الانتخابية المحلية التي أسفرت، على امتداد عدة دورات انتخابية، عن المجيء بنواب يمثلون مناطقهم وانتماءاتهم العشائرية والسياسية.
وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد الذي أقرّه أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عبر قانون “مرسوم الضرورة” عام 2012، وقلّل بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد. ويفوز بمقاعد الدائرة المرشّحون العشرة الأوائل الذين يحصدون أعلى الأصوات.
وبينما يُخشى أن يؤدي تحويل الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة إلى ظهور تحالفات سياسية يجعلها أقرب إلى أحزاب متنافسة، وهو ما قد يعني ظهور حزب موال وآخر معارض، فإن العودة إلى قانون تصويت الناخب لأربعة مرشحين ستعود لتؤدي إلى ظهور الكتل داخل الدوائر الخمس، وهو ما سعى “مرسوم الضرورة” إلى التخلص منه، ولكنه لم يفض إلى النتيجة المرجوّة منه، بالنظر إلى أن المرشحين المعارضين تحاشوا المنافسة فيما بينهم للحؤول دون تداخل الأصوات.
وكان مجلس الأمة وافق في ديسمبر الماضي على تأجيل مناقشة تقرير لجنة شؤون الداخلية والدفاع بشأن قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم “35” لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة لـ”المفوضية العليا للانتخابات”؛ بناءً على طلب الحكومة.
ويقوم المعارضون بحملات منتظمة لحشد الناخبين، بتقديم الانتخابات المقررة يوم 6 يونيو المقبل، على أنها “انتخابات حاسمة” لمطالب الإصلاح.
وفي محاولة لرص الصفوف قام مرشحون بتقديم أنفسهم في إعلان مشترك للمرة الأولى. حيث أعلن عبدالله المضف، وعبدالكريم الكندري، ومهند الساير، ومهلهل المضف، عن خوض الانتخابات ببيان واحد، وقرروا عدم إقامة مقرات انتخابية، وتعهدوا بإقرار قانون تنظيم الحملات الانتخابية ضمن حزمة قوانين الإصلاحات. وهو ما يتوقع أن يكرره مرشحون آخرون للتغلب على منافسيهم الذين تدعمهم الحكومة.
وفي حين يأمل تيار الشيخ مشعل الأحمد وأحمد نواف الأحمد في تحقيق أغلبية تسمح بعودة أحمد السعدون لرئاسة مجلس الأمة، وتراجع مواقع المعارضة، فإن الهدف الأول الذي يسعى المعارضون إلى تحقيقه هو الإطاحة بحكومة أحمد نواف الأحمد، على اعتبار أنها تسعى إلى السير بالكويت في المسار ذاته الذي أدى إلى تعطيل الاستثمارات التنموية والإصلاحات الإدارية وتحاشي المراقبة البرلمانية على أعمال الوزارات.
اقرأ أيضا:
وحيث أن المواجهات الضارية التي أدت إلى حل مجلس الأمة واستقالة الحكومة، لعدة مرات متتالية، فإن القناعة السائدة لدى طرفي المواجهة الآن هي أن انتخابات 6 يونيو المقبل سوف تكون مفصلية لتحديد مستقبل الأوضاع في البلاد.
وشهدت الكويت عشرة مجالس منتخبة منذ العام 2003، ثلاثة منها حكمت المحكمة الدستورية ببطلان انتخابها لإجراءات دستورية كان ثالثها مجلس2022، لتكون الانتخابات المقبلة هي الحادية عشرة. وباستثناء مجلس واحد هو مجلس انتخابات العام 2016 فإن كل المجالس الأخرى لم تتمكن من إكمال دورتها الانتخابية.
وأدت المواجهات بين المجلس والحكومة منذ العام 2006 إلى تشكيل 21 حكومة، أو ما يعادل نحو 9 أشهر للحكومة الواحدة، سبعة منها شكلها ناصر المحمد الصباح، وسبعة أخرى شكلها جابر المبارك الصباح، وشكل صباح الخالد الصباح 4 حكومات بين عامي 2019 حتى 2022، ثم تولى أحمد نواف الأحمد تشكيل 3 حكومات منذ أغسطس 2022 حتى الحكومة الحالية التي تشكلت في أبريل الماضي.
وكان ولي العهد وعد في خطابه، في أواخر شهر رمضان، بأنه سيواكب مرحلة حلّ مجلس الأمة بـ«إصدار جملة من الإصلاحات السياسية والقانونية.. لنقل الدولة إلى مرحلة جديدة من الانضباط والمرجعية القانونية منعاً للخلاف ودرءاً لكافة أنواع التعسف في استعمال السلطة من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضماناً لحياد السلطة القضائية ونزاهتها بتعزيز نظام الحوكمة في تكوينها واختصاصاتها”.