المعارضة السياسية في سوريا تستلهم من النظام وتبتدع آليات لتصفية الخصوم

لجنة عسكرية تستهدف الرافضين لقيادة الائتلاف الحالية.
الخميس 2023/10/05
الائتلاف رهين أجندات إقليمية

تركز القيادة الجديدة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية على تحييد خصومها السياسيين، بعد أن نجحت في تجاوز عقدة الانتخابات، لتثبت بذلك أنها ليست بالطرف القادر على طرح البديل، لا بل إنها تستلهم من النظام أدواته للبقاء.

إدلب- أظهرت المعارضة السورية أنها لا تختلف كثيرا عن نظام الرئيس بشار الأسد الذي ثارت ضده في العام 2011، لجهة ابتداع أساليب وآليات لتصفية الخصوم والمعترضين على نهجها.

وشكلت قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مؤخرا لجنة قضائية شبه عسكرية، للنظر في الخلافات التي تفجرت عقب الانتخابات “الصورية” التي جرت في مدينة إسطنبول التركية وأفرزت هيئة سياسية جديدة يترأسها هادي البحرة.

وكانت تلك الانتخابات قد أثارت ضجة واسعة، في ظل اتهام تركيا بالوقوف خلف فرض أسماء معينة، حتى يسهل عليها الإبقاء على هيمنتها على الائتلاف الذي يمثل المعارضة السياسية في سوريا منذ العام 2012.

نصر الحريري: الهدف من تشكيل اللجنة تصفية الحسابات السياسية
نصر الحريري: الهدف من تشكيل اللجنة تصفية الحسابات السياسية

وتقول قيادات معارضة إن تشكيل مثل هذه اللجنة لا يخلو من خلفيات سياسية وإن الهدف منه تحييد الرافضين لمخرجات العملية الانتخابية الأخيرة، والقيادة التي أفرزتها هي في حقيقة الأمر مجرد بيادق في أيدي قوى إقليمية، تستدعيها كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

وبحسب تلك القيادات فإن اللجنة المشكلة بقرار من البحرة تضم ثلاثة أشخاص من جهات مرتبطة بما يسمى الحكومة المؤقتة، أحدهم يتبع فصيلا مسلحا.

وقد أرسلت اللجنة دعوة إلى رئيس الائتلاف الأسبق نصر الحريري للمثول أمامها، على خلفية تصريحات له اتهم فيها من يسمى عبدالرحمن مصطفى رئيس الحكومة المؤقتة بالتدخل في الانتخابات التي جرت في أغسطس الماضي، وتلويحه باستخدام القوة ضد أي طرف معارض.

وأكد الحريري أن لديه اعتراضات على اللجنة المشكلة، وبالتالي فإنه لا نية له للمثول أمامها. وقال في تصريحات صحفية إن “اعتراضي الأول على الشكل، فنحن أمام لجنة عسكرية على ما يبدو، لأن رئيسها يعمل لدى إدارة القضاء العسكري في وزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة، وأعضاؤها كذلك مرتبطون بالحكومة، وهذا يجعل الهدف من تشكيل اللجنة واضحاً، وهو تصفية الحسابات السياسية بسبب الموقف من انتخابات الائتلاف الأخيرة”.

وأضاف “أما من حيث المضمون فإن أي لجنة تحقيق يجب أن تشمل مهامها كل ما حدث من مخالفات أو أثير من قضايا تنظيمية ومالية وسياسية في الائتلاف على مدار السنوات الماضية، وعدم الاقتصار على خلاف شكلي من هذا النوع”.

◙ الوضع الذي بلغه الائتلاف السوري من شأنه أن يخدم ما يروج له النظام بأنه لا طرف يمكن التفاوض معه في الجهة المقابلة
الوضع الذي بلغه الائتلاف السوري من شأنه أن يخدم ما يروج له النظام بأنه لا طرف يمكن التفاوض معه في الجهة المقابلة

وأوضح الحريري أن “الائتلاف مؤسسة سياسية وحظيت باعتراف السوريين في وقت ما وحظيت باعتراف دولي سياسي، وهذا الجسم مهمته تمثيل الشعب السوري في العملية السياسية وفي عملية التفاوض التي لم تتم حتى الآن، وضمن هذا الجسم هناك مكونات من بينها ممثلون عن الجيش الوطني والفيالق العسكرية”.

واعتبر أن “وجود هؤلاء الممثلين العسكريين لا يعني أن الائتلاف تحول إلى جسم عسكري، بل هم ممثلون سياسيون للجيش الوطني في الائتلاف، وهذه اللجنة لم تكن موجودة سابقاً، وقبل فترة تم حل لجنة العضوية واللجنة القانونية في الائتلاف وهما من كانتا مختصتين بالمشكلات القانونية ومشكلات العضوية التي تعترض عمل الائتلاف”.

وقال إن اللجنة المعنية بقضيته أُسست حديثاً بقرار من الهيئة السياسية في الائتلاف، موضحاً أن “هذا القرار تم على عجل ولم يكن مدروساً بشكل جيد وجرى التصويت عليه سريعا بثلاثة وعشرين صوتا ونشر للإعلام قبل أن أتسلم منه نسخة رسمية”.

ولفت الحريري إلى أن مجموعة من مكونات الائتلاف أبدت اعتراضها على هذه اللجنة وأوصلت هذا الاعتراض إلى رئيس الائتلاف، مبينة أن هناك العديد من الأخطاء في هذه اللجنة.

وأشار إلى أن قرار الهيئة السياسية “الذي طبخ سريعا له غايات سياسية بعيدة عن موضوع التحقيق، ولو كان فعلا المقصود منه الوصول إلى الحقيقة لحدث تحقيق في قضايا أخرى أثرت على الائتلاف داخلياً وخارجياً بعلاقته مع الحاضنة الشعبية وصورته أمام المجتمع الدولي عموما”.

وأضاف أن هذه اللجنة “مجهز لها مسبقا وهدفها تصفية الحسابات وتكميم الأفواه ومنع الحناجر التي تتحدث ببعض الأخطاء التي تعترض عمل المؤسسة”، ولو كانت غير ذلك لجرى تحقيق سابق في عملية الانتخابات نفسها. وأكد الحريري على أن اللجنة “تعدت حتى صلاحياتها التي خولت بها وذهبت إلى أخذ مقر لها في إسطنبول وبدأت ترسل مذكرات دعوى وتطلب المثول أمامها كلجنة قضائية خاصة”.

الائتلاف عجز على مر السنوات عن تحصيل أي مكاسب للسوريين، والمصالح الشخصية هي الطاغية على قياداته

ويشغل الحريري عضوية الهيئة العامة في الائتلاف كشخصية مستقلة، وكان نشر في سبتمبر الماضي تصريحا قال فيه إن رئيس الحكومة المؤقتة صرح أمام مجموعة من الأعضاء بأن هادي البحرة سيفوز بمنصب الرئاسة “بالصرماية”، ما تسبب في ضجة واسعة في أوساط المعارضة السورية.

واعترض الحريري مع نائبة رئيس الائتلاف المنتهية ولايتها ربا حبوش بشدة على ترشح البحرة لرئاسة الائتلاف في الانتخابات الأخيرة، وقد دخل الطرفان في سجال مع الكتل المهيمنة بسبب ذلك.

ويرى متابعون أن الوضع الذي بلغه الائتلاف السوري من شأنه أن يخدم ما يروج له النظام بأنه لا طرف يمكن التفاوض معه في الجهة المقابلة، مشيرين إلى أن الأخير قد يكون إلى حد كبير على صواب في ذلك حيث أن الائتلاف أثبت على مر السنوات أنه عاجز عن تحصيل أي مكاسب للسوريين، وأن المصالح الشخصية هي الطاغية على القيادات الحالية.

2