المعارضة السورية تتهيأ لمرحلة صعبة بعد صفقة أردوغان والأسد

بيروت / أنقرة- تعيش قوى المعارضة السورية السياسية والمسلحة المتحالفة مع تركيا حالة من القلق في ظل غموض تفاصيل الصفقة التي يتم الإعداد لها لإنهاء الخلاف بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد.
ويسود الاعتقاد بأن الرئيس التركي لن يفكر سوى في مصالح بلاده خلال الاتفاق مع دمشق، وأنه يمكن أن يجبر المعارضة السورية على القبول بصفقة قد تجعلها في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد دون ضمانات ودون أيّ اتفاق تفصيلي بشأن إدماج المعارضة في المرحلة القادمة في سوريا، ودون معرفة ما إذا كانت عودتها ستتم ضمن مصالحة سورية – سورية أم سيتم التعامل معها ضمن الخيار الأمني، ما يمكّن الأسد من فرصة كبيرة لتصفية خصومه.
ويقول مراقبون إن ما يهم أردوغان هو التوصل إلى اتفاق مع الأسد حول تأمين حدود تركيا، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وإنه إذا حصل على الضمانات التي يبحث عنها فسيصبح من السهل عليه تسليم مناطق سيطرة المعارضة الحالية إلى دمشق دون البحث عن مخرج يضمن سلامة المجموعات التي تحالفت معه لسنوات.
وحثت المعارضة الموالية للرئيس التركي الأربعاء أنقرة على إعادة تأكيد دعمها لقضيتها، وذلك بعد عقد محادثات علنية بين أنقرة وحكومة دمشق هي الأعلى مستوى منذ بدء الحرب السورية في عام 2011.
◙ المعارضة لا تخفي خوفها من أن يقرر أردوغان تسليم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال إلى القوات السورية دون أي ترتيبات معها
ويشير المراقبون إلى أن أردوغان لا يفكر سوى في تحقيق اختراق كبير في هذا الملف الذي سيهدد مصيره في الانتخابات القادمة، خاصة أن الكثير من الأتراك يحمّلونه مسؤولية التورط في حرب سورية داخلية، ويعتبرون أنه جلب الملايين من اللاجئين السوريين إلى تركيا، ما زاد في حدة الصعوبات المعيشية التي تواجهها البلاد وضاعف نسب البطالة لدى الأتراك.
وقدمت تركيا دعما قويا ومأوى لمعارضي نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالإضافة إلى تدريب المعارضة المسلحة والقتال إلى جانبها ضد قوات الحكومة السورية.
لكن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس المخابرات هاكان فيدان اجتمعا في موسكو يوم 28 ديسمبر بوزير الدفاع السوري علي محمود عباس ورئيس المخابرات علي مملوك، وهو اجتماع أمني على مستوى رفيع تقول المعارضة السورية إن نتائجه قد تكون كارثية عليها، وإن تركيا على استعداد للتضحية بحلفائها مقابل ترتيبات مع دمشق لمنع الهجمات الكردية، وقد يكون من بين هذه الترتيبات تأمين دوريات مشتركة.
وقال مسؤول تركي إن جدول الأعمال تضمن موضوع الهجرة والمسلحين الأكراد المتمركزين على الحدود السورية مع تركيا.
ولا تخفي المعارضة خوفها من أن يقرر أردوغان تسليم المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال إلى القوات السورية دون أي ترتيبات معها، وخاصة تأمين قياداتها المطلوبة من دمشق.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام (جماعة مسلحة ومتشددة) في كلمة مسجلة أُذيعت الاثنين إن المحادثات بين سوريا وروسيا وتركيا تمثل “انحرافا خطيرا”.
وأعلنت حركة أحرار الشام (فصيل إسلامي آخر) أنه على الرغم من تفهمها لوضع حليفها التركي لا تستطيع مجرد التفكير في التصالح مع الحكومة السورية.
وسعت أنقرة لطمأنة المعارضة؛ إذ قال وزير الدفاع خلوصي أكار إن تركيا لن تتخذ أي خطوة قد تسبب لها مشاكل.
وأضاف أكار الأربعاء، ردّا على تصريحات المعارضة، “لا يجب أن يتخذوا (المعارضون) أي مواقف مختلفة نتيجة أي استفزاز أو أنباء كاذبة”.
وعقد الائتلاف الوطني السوري (تحالف لقوى المعارضة) لقاء مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الثلاثاء.
وقال عبدالرحمن مصطفى، رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة التي تدعمها تركيا، إن الوزير التركي أكد للائتلاف استمرار دعم تركيا لمؤسسات المعارضة السورية والسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
◙ أردوغان لن يفكر سوى في مصالح بلاده، ويمكن أن يجبر المعارضة السورية على القبول بصفقة قد تجعلها في مواجهة مباشرة مع الأسد
ونقل مصطفى عن جاويش أوغلو قوله إن المحادثات التي أجرتها تركيا مع المسؤولين السوريين في موسكو ركزت بشكل أساسي على القتال ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية في شمال شرق البلاد.
وقال مسؤول تركي كبير لرويترز إن بلاده اطلعت على ردود فعل فصائل المعارضة على الاجتماع “لكن تركيا هي التي تحدد سياساتها”.
وأضاف المسؤول “من غير المنطقي أن نتوقع نتيجة فورية من أول اجتماع للوزيرين”.
وذكر أيضا أن أنقرة طلبت من دمشق في محادثات الأسبوع الماضي بموسكو اعتبار وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية.
وتُعِدّ تركيا هذه الوحدات بمثابة الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي تعتبره أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
ولم يَبْد التقارب التركي – السوري واردا في بدايات الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص وجذب العديد من القوى الأجنبية وقسّم سوريا إلى مناطق نفوذ مختلفة.
ووصف الرئيس التركي نظيره السوري بأنه إرهابي وقاتل، وقال إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام في سوريا ما دام في منصبه، بينما وصف الأسد أردوغان بأنه لص واتهمه بسرقة الأراضي السورية.
لكن اجتماعات وزيرَيْ دفاع البلدين في نهاية العام الماضي مهدت الطريق لعقد قمة بينهما.