المعارضة التركية تحشد لتقوية حضورها السياسي

على وقع أزمة اقتصادية حادة تمر بها تركيا نتيجة السياسات الفاشلة للرئيس رجب طيب أردوغان، تسعى المعارضة التركية لاغتنام الفرصة لتقوية حضورها السياسي خاصة مع تراجع شعبية الرئيس وحزبه العدالة والتنمية.
إسطنبول - تتلاشى شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعاد انتخابه دونما انقطاع منذ العام 2002، بسبب سياسته الاقتصادية التي كانت في السابق ضمانة لنجاحه، وهو ما تحاول المعارضة التركية الاستفادة منه قبل ثمانية عشر شهرا من الانتخابات الرئاسية.
وأعلن أردوغان الأربعاء أن تركيا تسلك طريقا “محفوفا بالمخاطر لكنه صائب” حيال الاقتصاد، يقوم على خفض معدلات الفائدة رغم التدهور الحاد في سعر صرف العملة الوطنية.
وقال أمام نواب حزبه الحاكم في البرلمان في أنقرة “ما نفعله هو الصواب. لقد وضعنا ونضع خطة محفوفة بالمخاطر سياسية لكنها صائبة”.
وانهارت الليرة التركية بأكثر من 40 في المئة مقابل الدولار منذ يناير كنتيجة لسياسة مالية صمّمها أردوغان ووصفها مراقبون بأنها غير عقلانية.
ويساهم تراجع قيمة العملة بزيادة تكلفة الاستيراد الذي تعتمد عليه تركيا بشدّة. فيما ازداد التضخم السنوي بنسبة 20 في المئة ما يزيد من تكلفة العيش للعديد من العائلات. ويتوقّع اقتصاديون ازديادا في التضخم في الأشهر المقبلة.

كمال كلجدار أوغلو: أردوغان ومؤيدوه لديهم هدف واحد فقط هو إفقار تركيا
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كلجدار أوغلو الأسبوع الماضي إن “أردوغان ومؤيديه لديهم هدف واحد فقط: إفقار تركيا. كلّما خسرت الليرة التركية من قيمتها، كان أردوغان سعيدا لأن الذين لديهم حسابات بالدولار في البنوك فازوا بالجائزة الكبرى”، متّهما الرئيس التركي بخدمة مصالح الطبقة الأكثر ثراء. ودعا كلجدار أوغلو ورئيسة الحزب الخير ميرال أكشينار في منتصف نوفمبر إلى انتخابات مبكرة وهو احتمال رفضه الرئيس أردوغان.
وردّا على ذلك، حذّر أردوغان المقترعين من الانجذاب للمعارضة (242 نائبا معارضا من أصل 600 نائب في البرلمان)، مذكّرا بأن تركيا كانت تخرج من أزمة مالية صعبة عند وصول حزبه إلى السلطة في العام 2002.
وفي ذروة الركود “كانت أسعار الفائدة 7.500 في المئة”، بحسب أردوغان الذي أطلق على سنواته العشر الأولى في السلطة أحيانا تسمية “العشر المجيدة” لأنها تميّزت بارتفاع كبير بحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتطوير البنى التحتية في أنحاء البلاد.
وفي ما عدا حدوث أي تحول، سيكون الاقتصاد موضوعا أساسيا في الانتخابات الرئاسية المقبلة المفترض حصولها في يونيو 2003.
وقالت مديرة مركز “استن بول” سيرين سلفين قرقماز “عندما ننظر إلى التاريخ السياسي التركي، فإنّ الاقتصاد عامل مؤثر دائما”، معتبرة أن أردوغان والحزب الذي يترأسه أي حزب العدالة والتنمية “يتراجعان” من ناحية جذب المقترعين بسبب الأزمة الحالية.وأضافت “إن أحزاب المعارضة وحزب الشعب الجمهوري تحديدا لديها أفضلية رئاسة بلديات كبيرة (منها إسطنبول وأنقرة). من خلال هذه البلديات، تُظهر المعارضة قدرتها على إدارة البلد وهي ساحة لجذب المقترعين من عامة الشعب”، مشيرة إلى أهمية توحيد المعارضة لكي تتمكن من الفوز.
ولطالما عادت الخلافات داخل المعارضة بالنفع على حزب الرئاسة وتقول المحلّلة في مركز الأبحاث “ذي إكونومست انتليجينس يونيت” أدلين فان هوت إن “علامات الانقسام داخل حزب العدالة والتنمية تتزايد. ووجوه القطاع الخاص تعارض بشكل علني أكثر سياسة الرئيس أردوغان”.
وتشير فان هوت إلى أن “عدة أحزاب تُنافس حاليا أردوغان على أصوات الناخبين في صفوف المقترعين المحافظين ومن اليمين الوسط” منها حزب الخير (ايي) الذي أُسّس عام 2017 ويشغل 36 مقعدا في البرلمان.
وتوقّعت عدّة استطلاعات رأي هزيمة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرزة رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاس كمرشحين لهما حظوظ في الجولة الثانية.
وأظهرت دراسة أجراها معهد “متروبول” للإحصاءات في أكتوبر أن 55 في المئة من الناخبين يعتبرون أن المعارضة عاجزة عن حل الأزمة الاقتصادية، مقابل 64 في المئة يعتقدون أن الحكومة الحالية عاجزة عن ذلك.
وقالت المُحاضرة في العلوم السياسية في جامعة أسيك إسطنبول سدا دميرالب “خسر حزب العدالة والتنمية 40 في المئة من مؤيديه منذ انتخابات العام 2018 وتُظهر الدراسات أن معظمهم يعانون اقتصاديا، لكنّ هؤلاء المقترعين لن يصوّتوا تلقائيا لأحزاب أخرى”.
وتشير إلى أن نحو 10 في المئة من الناخبين محتارون وعلى المعارضة أن تبذل جهودا كبيرة لإقناعهم بجدّية سياستها الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الناخبين المحافظين الذين لطالما احتسبهم حزب العدالة والتنمية في صفّه، يشعرون “بالنفور من المعارضة وخصوصا حزب الشعب الجمهوري العلماني”.
وترى أن “على المعارضة أن تحرص على أنها لا تشكل تهديدا لأسلوب حياة الناخبين المحافظين” للفوز في صناديق الاقتراع، بعيدا عن الاقتصاد واستراتيجية التحالفات.