المعارضة التركية تحشد لإجراء انتخابات مبكرة يخشاها أردوغان

كثفت المعارضة التركية من ضغوطها على الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يواجه أزمة اقتصادية خانقة أثرت بشكل سلبي على شعبيته المتراجعة أصلا. وتسعى المعارضة لاستثمار الأزمة الاقتصادية وتداعياتها في تقوية زخمها السياسي.
مرسين ( تركيا) - بدأت المعارضة التركية بقيادة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في سلسلة من التحركات الميدانية للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة يخشاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تراجعت شعبيته بصفة كبيرة على وقع أزمة اقتصادية حادة عصفت بالليرة التركية والمقدرة الشرائية للأتراك.
وتجمع الآلاف من الأشخاص في مقاطعة مرسين بجنوب تركيا السبت للدعوة إلى انتخابات مبكرة بسبب سياسات أردوغان الاقتصادية الفاشلة وانحدار الليرة إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار.
وتعهد زعيم حزب الشعب الجمهوري خلال كلمة له في مرسين بإحلال “السلام والديمقراطية والعدالة” في البلاد إذا وصل حزبه إلى السلطة في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في عام 2023 والتي تطالب المعارضة بتبكيرها.
وقال كليجدار أوغلو “سأخرج تركيا من هذا العار. ليس هناك مجال لليأس، سنحل جميع مشاكل تركيا”.
ويأتي التجمع، وهو الأول من سلسلة التجمعات التي يعتزم زعيم المعارضة عقدها في جميع أنحاء البلاد، حيث أدت أسابيع من الانخفاض الحاد في الليرة إلى أدنى مستوياتها التاريخية مقابل الدولار الأميركي واليورو، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في البلاد، حيث التضخم أكثر من 20 في المئة.

هشام جوناي: الأزمة الاقتصادية ليس لها حل إلا بتجديد الانتخابات
وحثت أحزاب المعارضة في تركيا الأسبوع الماضي على إجراء انتخابات مبكرة وسط انخفاض العملة، وهي دعوة رفضها التحالف الحاكم في البلاد.
وتساءل زعيم حزب الشعب الجمهوري ردا على الجماهير التي هتفت باستقالة أردوغان “هل تركيا القرن الحادي والعشرين تستحق هذا؟”.
وأضاف “ليست هناك حاجة له للاستقالة. سنطرده بلطف.. شخص ما سيذهب وسنطرده”.
وبينما تصر أحزاب المعارضة على ضرورة إجراء تلك الانتخابات “في أقرب وقت”، يقول أردوغان “لا لهذه الانتخابات”، ويؤكد على ذلك حليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجتلي.
وأضاف أردوغان الأسبوع الماضي في تعليقه على دعوات المعارضة “أي انتخابات مبكرة؟ هذه من عمل الدول القبلية. لا يمكنك رؤية مثل هذا الشيء في دولة متقدمة، وفي الغرب. الانتخابات ستكون في يونيو 2023”.
ودعوات أحزاب المعارضة بشأن إجراء الانتخابات المبكرة ليست بجديدة، بل يعود طرحها إلى أكثر من عام، لكن أزمة العملة الحالية التي تعيشها البلاد دفعت هذه الأحزاب لتصديرها من جديد، على الرغم من الرفض القاطع الذي أبداه أردوغان بشأنها لمرات كثيرة.
ويقول مراقبون إن ما سبق لا يمكن فصله عن “الحملات الانتخابية”، التي تحاول أحزاب المعارضة التركية تصديرها، في محاولة لزيادة الضغط على الحزب الحاكم.
وفي الوقت الحالي، لا تبدو الملامح واضحة لما ستكون عليه التحالفات الانتخابية في المرحلة المقبلة.
وبينما يبرز أردوغان كمرشح أساسي لـ”تحالف الجمهور” (حزب العدالة والتنمية، حزب الحركة القومية)، لا تلوح في الأفق أي بوادر اتفاق بين أحزاب المعارضة المتحالفة ضمن “تحالف الأمة” على اسم مرشحها، أو ربما مرشحيها.
ويقول الباحث السياسي التركي هشام جوناي إن “فكرة الانتخابات المبكرة يتم تداولها منذ عامين لكنها لم تطبق بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضها فايروس كورونا”.
ويضيف جوناي “في الوقت الراهن أعتقد أن الاقتصاد ليس له حل إلا بتجديد الانتخابات، سواء بإعادة انتخاب أردوغان أو أي حزب آخر. الأسواق تنتظر قرارا سياسيا حاسما في موضوع العملة والبنك المركزي”.
وحتى الآن لم تطرح أحزاب المعارضة مشروعا موحدا ورئيسيا للناخب التركي، فيما تؤكد على نيتها إعادة النظام البرلماني.
وفي المقابل تصر الحكومة التركية على أن الانتخابات ستجري في يونيو 2023، ويشير جوناي “لا أظن أن هناك بوادر لتحسن الاقتصاد في ظل الإدارة الحالية، لذلك تستوجب هذه الأزمة إعادة الثقة في الحكومة أو في انتخاب حزب معارض يقدم البديل”.
ويرى محللون أنه من الصعب في الوقت الحالي توقع نتائج الانتخابات، سواء المبكرة أو المقرر تنظيمها في يونيو 2020.

ويقول هؤلاء إن ذلك يعود إلى التغيّر الذي قد يطرأ على الساحة الداخلية للبلاد، في الأشهر المقبلة من جهة، ويرتبط أيضا بطبيعة الأحزاب الصغيرة وتوجهاتها، وهي التي خرجت إلى الواجهة في العامين الماضيين، من جهة أخرى.
وتوقّعت عدّة استطلاعات رأي هزيمة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرزة رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاس كمرشحين لهما حظوظ في الجولة الثانية.
وأظهرت دراسة أجراها معهد “متروبول” للإحصاءات في أكتوبر أن 55 في المئة من الناخبين يعتبرون أن المعارضة عاجزة عن حل الأزمة الاقتصادية، مقابل 64 في المئة يعتقدون أن الحكومة الحالية عاجزة عن ذلك.
وقالت المُحاضرة في العلوم السياسية في جامعة أسيك إسطنبول سدا دميرالب “خسر حزب العدالة والتنمية 40 في المئة من مؤيديه منذ انتخابات العام 2018 وتُظهر الدراسات أن معظمهم يعانون اقتصاديا، لكنّ هؤلاء المقترعين لن يصوّتوا تلقائيا لأحزاب أخرى”.
وتشير إلى أن نحو 10 في المئة من الناخبين محتارون وعلى المعارضة أن تبذل جهودا كبيرة لإقناعهم بجدّية سياستها الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الناخبين المحافظين الذين لطالما احتسبهم حزب العدالة والتنمية في صفّه، يشعرون “بالنفور من المعارضة وخصوصا حزب الشعب الجمهوري العلماني”.