المطلوب إحصائيات اقتصادية لا تقلق أردوغان

أنقرة – يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقلق من قرب الانتخابات الرئاسية التي لم يتبق لها سوى ثمانية عشر شهرا، من الأزمة المالية والاقتصادية المستعصية التي تشهدها البلاد، لذلك يحاول إحكام السيطرة على بعض القطاعات وخاصة الإعلام والإحصاء والعدل لفسح المجال للدعاية الرسمية التي تعمل على طمأنة الأتراك بأن الأمور تتجه نحو الانفراج وهو ما تكذّبه الأرقام وأصوات المعارضة.
وبات من الواضح أن أردوغان غير متأكد ممّا إذا كان بإمكانه تقديم أرقام إيجابية عن الاقتصاد وأزمة الليرة لذلك يسعى للحصول على إحصائيات سياسية وأرقام تمكنه من الإبحار نحو الانتخابات القادمة والفوز بولاية ثالثة.
وفي خطوة أثارت المخاوف من فقدان الأتراك الثقة في مصداقية الأرقام الرسمية قام أردوغان بإقالة رئيس هيئة الإحصاء الوطنية سعيد إردال دينجر بعد نشره بيانات قدرت معدل التضخم بـ36.1 في المئة وهو أعلى مستوى منذ 2019.
وقال سعيد إردال دينجر حينئذ “أمامي مسؤولية تجاه 84 مليون شخص”، موضحا لصحيفة دنيا الاقتصادية اليومية أنه كان من المستحيل نشر أرقام تضخم مختلفة عن تلك التي سجلتها الهيئة.
وتعاني تركيا لاحتواء أزمة انهيار الليرة فيما يتوقع خبراء اقتصاديون أن يزداد التضخم ارتفاعا في الشهر الجاري.
ولم يعط أردوغان توضيحات عن سبب قراره تعيين إرهان تشيتينكايا، نائب الرئيس السابق لهيئة التنظيم المصرفية التركية، رئيسا جديدا لهيئة الإحصاء الوطنية بدلا من دينجر.
واعتبر خبير الاقتصاد في بلو باي أسيت مانجمنت تيموثي آشي أن “هذا القرار لن يؤدي إلا إلى زيادة انعدام الثقة في البيانات الرسمية في سياق تشكّل فيه السياسة الاقتصادية بالفعل مصدر قلق”.
ويجد أردوغان نفسه في موقف غير مريح قبل ثمانية عشر شهرا من الانتخابات الرئاسية، ويُواصل الدفاع عن خياراته. وأشار أردوغان السبت إلى أن معدلي الفائدة والتضخم في بلاده سينخفضان أكثر خلال المرحلة القادمة، حيث قال “سنخفض الفائدة، وسوف ينخفض التضخم أكثر”.

وجدد توجيه الاتهامات إلى جهات مجهولة باستهداف تركيا قائلا “إن القوى المعادية لتركيا تستهدف اقتصاد البلاد بكامل طاقتها في الأعوام الأخيرة بعد أن أدركت عجزها عن التحكم فيها كما تريد”.
وفي محاولة للتملص من مسؤولية تفاقم الأزمة المالية سعى أردوغان لربط الانهيار الاقتصادي بما تشهده المنطقة من أزمات.
وقال أردوغان إن المنطقة تمر بفترة عصيبة خلال السنوات العشرين الأخيرة. ولفت إلى فشل عدد كبير من دول المنطقة في اجتياز التحديات، ما اضطر الملايين من الناس إلى العيش في بؤس داخل بلادهم أو في أماكن أخرى لجأوا إليها.
ويقول مراقبون إن هذه التصريحات وما يرافقها من تحركات تصعيدية ضد المعارضة تعكس توتّرا لاسيما إقالة وزير العدل عبدالحميد غول والمزيد من التضييق على الإعلام.
وكتب نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان الذي غادر حزب العدالة والتنمية الحاكم وأسس حزب الديمقراطية والتقدم، في تغريدة “تم استبدال وزير العدل وإقالة رئيس هيئة الإحصاء الوطنية قبل نشر أرقام التضخم الجديدة: لا نعرف السبب”.
وتنتقد مجموعات حقوقية تركيا بسبب تدهور استقلال القضاء وسط ما تصفه بصدور أحكام مسيّسة، وبأنه حملة واسعة النطاق على المعارضة ووسائل الإعلام.
وحذر الرئيس التركي من حملة تشنها حكومته على وسائل الإعلام. وجاء في توجيه وقعه أردوغان ونشر في الجريدة الرسمية السبت أنه سيتم اتخاذ “الإجراءات الضرورية” ضد “المحتوى الضار في الصحافة المكتوبة والمادة الإعلامية الشفوية والمرئية”.
ولم تتم تسمية هذه المواد على وجه التحديد. وقال التوجيه إن الهدف من ذلك هو تقليل “التأثير المدمر” على المجتمع، بمن في ذلك الأطفال والشباب.
وكتب المحامي فيسيل أوك على موقع تويتر “لا يجوز المساس بالحق في حرية التعبير الذي يكفله الدستور، وليس للتوجيه أيّ أساس قانوني، لكنه يعني في الممارسة العمليةِ المزيدَ من الضغط والرقابة”.
وتخضع وسائل الإعلام التركية إلى حد كبير للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة للحكومة، كما تم تشديد الرقابة على مضمون المادة الإعلامية المنشورة على شبكة الإنترنت مرارا وتكرارا.