المطالب بتخفيض رواتب المسؤولين العراقيين تعود للواجهة

جمع أكثر من 60 توقيعاً من أعضاء مجلس النواب لتعديل قانون سلم رواتب الموظفين، بشرط أن يتضمن تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث.
الجمعة 2025/04/11
هل يستجيب البرلمان العراقي للمطالب؟

بغداد – تُعد مسألة تخفيض رواتب المسؤولين في العراق من أبرز القضايا التي تُطرح باستمرار في النقاشات السياسية والإعلامية والشعبية، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة التي يعاني منها البلد. والمطالب المتزايدة لتقليص الفجوة بين رواتب العاملين في الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتقليل الهدر في المال العام.

وكشف النائب عن ائتلاف دولة القانون فراس المسلماوي الجمعة، عن جمع أكثر من 60 توقيعاً نيابياً، لتعديل قانون سلم رواتب الموظفين، وكذلك تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة.

وقال المسلماوي في تصريحات لوكالة شفق نيوز، إنه "تم جمع أكثر من 60 توقيعاً من أعضاء مجلس النواب لتعديل قانون سلم رواتب الموظفين، وشرط أن يتضمن هذا التعديل تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة كافة في عموم العراق لتحقيق العدالة الاجتماعية".

وأضاف "نحن مع مطالب المعلمين وشرائح الموظفين في الوزارات والمؤسسات الدولة كافة"، مشيراً إلى أن "الطلب قُدم إلى رئاسة مجلس النواب لتفعيل عمل لجنة الرواتب لتحقيق العدالة الاجتماعية برواتب الموظفين، وأن الراتب الأدنى للموظفين سيحدد لاحقاً".

وعقد مجلس النواب العراقي الخميس، جلسة لمناقشة مطالب الكوادر التربوية، ضمن الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة.

وتشهد عدة محافظات عراقية احتجاجات واسعة نظمها معلمون وموظفون، يطالبون فيها بتحسين أوضاعهم المعيشية وتثبيت حقوقهم وتعديل سلم الرواتب.

وطوال السنوات الماضية انطلقت العديد من الدعوات من قبل نواب وسياسيين ومواطنين طالبت بتعديل سلم رواتب الموظفين لوجود تفاوت كبير بين وزارة وأخرى، وكذلك مطالبات بخفض رواتب الرئاسات الثلاث والوزراء وكبار المسؤولين والنواب.

ويرى الكثير من العراقيين أن رواتب ومخصصات المسؤولين الحكوميين، خصوصًا الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، ورئاسة البرلمان) وأعضاء البرلمان، وكبار الموظفين، مبالغ فيها مقارنة بما يتقاضاه موظفو الدولة في المراكز الأخرى، وما يعانيه المواطن العادي من بطالة وفقر وغلاء في المعيشة.

 ومنذ احتجاجات أكتوبر 2019، كانت مسألة العدالة في توزيع الثروات على رأس مطالب المتظاهرين. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بخفض رواتب المسؤولين وإلغاء الامتيازات الخاصة مثل الحمايات الفائقة، والسفرات الرسمية غير الضرورية، ومخصصات السكن. بعض القوى السياسية دعمت هذه المطالب ظاهريًا، إلا أن ترجمتها إلى قرارات فعلية بقيت محدودة أو مشروطة بضغوط شعبية كبيرة.

وتؤكد الإحصاءات أن نسبة كبيرة من الميزانية التشغيلية تذهب إلى الرواتب والمخصصات، وليس إلى المشاريع التنموية أو البنية التحتية.

وتعاقبت على العراق أزمات مالية متكررة، آخرها نتيجة انخفاض أسعار النفط وتبعات جائحة كورونا، بالإضافة إلى الفساد المستشري وسوء الإدارة. هذه الأزمات أجبرت الحكومة على اللجوء إلى سياسة التقشف وفرض ضرائب على الموظفين الصغار، بينما ظلت رواتب المسؤولين دون مساس يُذكر، وهو ما أثار غضبًا واسعًا.

وأعلنت عدة حكومات عراقية سابقة نيتها إعادة النظر في رواتب المسؤولين، وطرحت مشاريع قوانين لهذا الغرض، إلا أن أغلبها لم يُقر أو تم تعطيله في البرلمان. وهناك مطالب مستمرة بتعديل قانون التقاعد الموحد، ومراجعة سلم الرواتب بما يحقق التوازن بين موظفي الدولة كافة، دون تمييز على أساس المنصب.

وسبق أن كشف أحد الوزراء السابقين، عن ثلاثة قوانين عطلت عمدا في السنوات السابقة كانت تهدف الى تخفيض رواتب المسؤولين والدرجات الخاصة في الدولة.

وقال الوزير السابق القاضي وائل عبداللطيف، في تصريح صحافي إن "رواتب المناصب العليا في العراق تتمثل بالرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة، لا تعرف قيمتها شهريا، من خلال عدم وجود أرقام دقيقة حولها".

وأضاف، أن "هناك ثلاثة قوانين مهمة تم اعدادها خلال الدورة النيابية الأولى بشأن تحديد سقف الرواتب العليا في الدولة، الا انها غُيبت عمدا ولا يعرف مصيرها لغاية الان".

ويتقاضى رئيس الجمهورية راتبا شهريا قدره (50 مليون دينار) إضافة إلى 40 مليونا بدلات وضيافات، أما رئيس مجلس الوزراء فيتقاضى 40 مليون دينار عراقي إضافةً إلى 20 مليونا بدلات وضيافات، فيما يستلم رئيس مجلس النواب 35 مليون دينار عراقي مع 20 مليونا بدلات وضيافات شهريا، فيكون المجموع الشهري 55 مليون دينار عراقي.

ويقول متابعون أن المطالبة بتخفيض رواتب المسؤولين في العراق تعكس الوعي الشعبي المتزايد بأهمية العدالة الاقتصادية والاجتماعية. لكنها في الوقت نفسه تصطدم بمصالح سياسية ونخبوية قوية، ما يتطلب ضغطًا شعبيًا مستمرًا وتشريعات جادة للحد من الامتيازات، وتحقيق توازن حقيقي في توزيع الثروات والرواتب بين جميع المواطنين.