المصانع العالمية تكافح لمجاراة قسوة التقلبات الاقتصادية

برلين - كافحت المصانع العالمية لشق طريقها للخروج من تراجع في فبراير الماضي، مع تعرض ألمانيا، القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا لضغوط بسبب انخفاض حاد في الطلب بينما طغى انتعاش متفاوت في الصين على بعض علامات التحسن في آسيا.
وسلطت مجموعة من استطلاعات الأعمال الصادرة الجمعة الضوء على الأداء غير المستقر في أسواق أوروبا وآسيا مع اقتراب الربع الأول من نهايته.
وفي جميع أنحاء منطقة اليورو، استمر نشاط الصناعات التحويلية في الانكماش الشهر الماضي وسط ضعف الطلب على الرغم من تفاؤل الشركات بشأن العام المقبل.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات النهائي لمصانع منطقة اليورو أتش.سي.أو.بي، والذي جمعته مؤسسة ستاندارد آند بورز غلوبال إلى 46.5 في فبراير من 46.6 في يناير.
ورغم أن هذا المعدل تخطى التقدير الأولي البالغ نحو 46.1، ولكنه لا يزال أقل من علامة 50 التي تفصل بين نمو النشاط والانكماش للشهر العشرين.
وأظهر مسح مؤشر مديري المشتريات أن تكلفة المواد الخام انخفضت بوتيرة أقل في المنطقة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أسعار السلع الأساسية وليس إلى التوتر في البحر الأحمر، رغم أن البيانات أظهرت أن الأسعار ارتفعت قليلا أكثر من المتوقع في فبراير.
وتسود ترجيحات على نطاق واسع أن ينتظر صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي حتى يونيو المقبل قبل خفض أسعار الفائدة، بينما يواصلون معركتهم لإعادة التضخم إلى هدف اثنين في المئة.
وتفاقم تراجع قطاع التصنيع في ألمانيا الشهر الماضي، مع انخفاض الإنتاج والطلبات الجديدة بمعدل أسرع. وفي إيطاليا، انكمش القطاع للشهر الحادي عشر على التوالي، على الرغم من أنه أظهر بعض علامات التحسن، كما تراجع الانكماش في فرنسا.
وكانت إسبانيا هي التي تفوقت في الأداء حيث توسع نشاط المصانع للمرة الأولى منذ عام تقريبا مع ارتفاع الطلب المحلي.
وسجلت بريطانيا، خارج الاتحاد الأوروبي، عاما من انخفاض الإنتاج على الرغم من ارتفاع مؤشر مديري المشتريات لديها.
وقال بودوين دريدونكس من شركة ماكينزي آند كومباني الاستشارية لرويترز “تظهر أرقام مؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو أن التعافي في قطاع التصنيع لا يزال بطيئا”.
وأضاف “في جميع أنحاء منطقة اليورو هناك تباين متزايد في نشاط التصنيع، ويمثل هذا اختلافا صارخا عن مستويات العام الماضي، حيث كانت الاتجاهات عبر البلدان تسير على مسار أكثر تشابها.”
وكانت هناك إشارات متضاربة من الصين، حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الرسمي للحكومة استمرار انخفاض نشاط المصانع، على النقيض من الارتفاع الطفيف الذي شهده مؤشر مديري المشتريات كايشين للقطاع الخاص.
ومما يثير القلق أن البيانات الأخيرة تشير إلى استمرار الضعف، الذي شهدته اليابان في النصف الثاني من العام الماضي، مما أدى إلى تعقيد مهمة بنكها المركزي في الوقت الذي يتطلع فيه إلى الخروج من السياسة النقدية المفرطة في التساهل.
وقال أسامة بهاتي المحلل في ستاندارد آند بورز غلوبال ماركت أنتلجينس إن “بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر فبراير تشير إلى شهر آخر من تدهور ظروف التشغيل في قطاع التصنيع الياباني”.
وأضاف “واصل الطلب المنخفض في الأسواق المحلية والدولية التأثير على أداء القطاع، إذ انخفض الإنتاج والطلبات الجديدة بأقوى معدل منذ عام".
◙ تراجع قطاع التصنيع في ألمانيا تفاقم الشهر الماضي مع انخفاض الإنتاج والطلبات الجديدة بمعدل أسرع
وانزلقت الاقتصاد الياباني بشكل غير متوقع إلى الركود في الربع الرابع وفقدت لقبها كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا مع ضعف إنفاق المستهلكين والشركات.
وأظهر تتبع مؤشر مديري المشتريات البيانات اليابانية الرسمية هذا الأسبوع انخفاض إنتاج المصانع بأسرع وتيرة منذ مايو 2020.
ويأتي أداء الصين غير المستقر وسط مؤشرات على أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بدأ يستعيد توازنه بشكل مبدئي بعد ركود عميق ناجم عن أزمة قطاع العقارات.
ويتطلع المستثمرون إلى الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني الأسبوع المقبل، حيث سيواجه صناع السياسات ضغوطا لبذل المزيد من الجهد لإعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح.
ولكن كانت هناك بعض الدلائل على تحسن الظروف في أجزاء أخرى من آسيا، فقد تجاوز نمو الصادرات الكورية الجنوبية التوقعات في فبراير، وأظهر مؤشر مديري المشتريات في الهند توسع نشاط التصنيع بأسرع وتيرة له في خمسة أشهر.
وجاء ذلك في أعقاب بيانات صدرت الخميس الماضي، أظهرت أن الاقتصاد الهندي نما بأسرع وتيرة له منذ عام ونصف في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023.
وفي أماكن أخرى، شهدت المصانع الرئيسية في جنوب شرق آسيا نموا في الغالب، حيث أشارت مؤشرات مديري المشتريات في فيتنام وإندونيسيا والفلبين إلى التوسع في النشاط.
ويأتي هذا الانتعاش على الرغم من أن مؤشرات مديري المشتريات الماليزية والتايلاندية أظهرت انخفاضا مستمرا في النشاط.