المصالحة المجتمعية مدخل لتفكيك عقد الانقسام السياسي الفلسطيني

سبعة فصائل تعلن من غزة عن تشكيل لجنة وطنية للشراكة والتنمية.
الثلاثاء 2023/09/19
اللجنة في بيانها التأسيسي: لسنا بديلا عن أحد

أرسل اللقاء الذي جمع سبعة فصائل فلسطينية في قطاع غزة، وتمخض عنه الإعلان عن لجنة ستعنى بملف المصالحة المجتمعية، إشارات إيجابية عن تشكل أرضية تواصل بين هذه الفصائل لإنهاء الانقسامات السياسية أو على الأقل التخفيف من حدتها في ظل التحديات التي تعصف بالفلسطينيين.

غزة - أعلنت سبعة فصائل فلسطينية الاثنين من قطاع غزة عن تأسيس اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية، والتي تستهدف إنجاز المصالحة المجتمعية المعلقة منذ سنوات، والتي ينظر إليها على أنها قد تشكل المدخل المناسب لإنهاء الانقسام السياسي السائد.

وأكدت الفصائل في البيان التأسيسي للجنة أن انطلاقتها جاءت من “المسؤولية الوطنية، وضرورات تعزيز الشراكة، وتمكين مجتمعنا من مواجهة ظروف الحصار الظالم الذي يفرضه الاحتلال، وحرصاً على العمل الجماعي المشترك لتجاوز آثار الانقسام وتداعياته”.

وبحسب البيان تم التوافق على تأسيس اللجنة التي تضم في عضويتها تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح وحركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة المبادرة الوطنية والقيادة العامة ومنظمة الصاعقة.

وكان التيار الإصلاحي، الذي يتزعمه القيادي الفلسطيني محمد دحلان، وحركة حماس قد أقرا في عام 2018 مشروع قانون المصالحة المجتمعية الذي يستهدف إنهاء الانقسام المستمر منذ أحداث عام 2006 في قطاع غزة.

أيمن الرقب: بداية جيدة لتقريب المسافات بين الحركات المختلفة
أيمن الرقب: بداية جيدة لتقريب المسافات بين الحركات المختلفة

ويضم القانون ثلاث عشرة مادة، من أبرزها إنشاء لجنة مصالحة مجتمعية تتابع المتضررين من مواجهات 2006 بين حركتي حماس وفتح، وتعويضهم عن الخسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.

وأوضحت اللجنة في بيانها التأسيسي أنها “تهدف إلى ترسيخ العمل الوطني المشترك واستئناف مسار المصالحة المجتمعية عبر ترسيخ قيم العدالة الانتقالية، وجبر الضرر عن العوائل التي فقدت أبناءها إثر الاقتتال الداخلي، ودعم قطاعات شعبنا الفقيرة والمهمشة بالمشاريع التنموية والإغاثية”.

وأكدت أن “تشكيل اللجنة من مكونات شعبنا الوطنية ومن القوى والفصائل كافة، ليس بديلًا عن أحد، إنما نسعى جاهدين للتكامل والعمل معاً في إطارٍ وطنيٍ جامع، للدفاع عن قضيتنا الوطنية وتحرير أرضنا وقيام دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”.

كما شددت اللجنة على أن المصالحة المجتمعية وطي صفحة الماضي وإنهاء الانقسام ضرورة وطنية لا بد من إنجازها، مؤكدةً أنها ستعمل على تذليل كافة العقبات التي تعيق المصالحة الوطنية، بما يمهد الطريق لإتمامها.

وقالت “انطلاقا من ذلك ستستأنف اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية مسار المصالحة المجتمعية؛ لجبر الضرر عن عوائل ضحايا الانقسام، وفقًا لاتفاق المصالحة الشامل الموقع في القاهرة عام 2011، الذي اتفقت عليه الفصائل الفلسطينية، مستندين أيضاً إلى التفاهمات التي توصل لها تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس”.

وقال الأستاذ في جامعة القدس أيمن الرقب إن “اللجنة خطوة إيجابية مهمة تهدف إلى تحريك المياه الراكدة في ملف لجنة التكافل التي تأسست منذ حوالي سبع سنوات بمعرفة التيار الإصلاحي، والدعم السخي الذي توفره دولة الإمارات العربية المتحدة، لخلق بيئة مناسبة لمصالحة حقيقية، ووقف المزيد من نزيف الدماء في غزة، ومعالجة اختلالات حدثت في القطاع على مدار السنوات الماضية”.

وأضاف الرقب في تصريحات لـ”العرب” أن “هناك نحو 500 شهيد فلسطيني تحتاج أسرهم إلى تعويضات مناسبة، ومعالجة ملف الاعتداءات التي طالت الكثير من الممتلكات العامة، علاوة على بعض الملفات التي أثيرت خلال الأعوام الماضية وحدثت فيها تشوهات وتحتاج إلى حلول ناجزة؛ ولذلك يؤسس اجتماع الفصائل لعودة نشاط لجنة التكافل المعنية أيضا بقضايا مثل البطالة والصحة وكل ما يخفف الأعباء عن كاهل الأسر الفلسطينية الفقيرة”.

التوجه المجتمعي الذي تنتهجه قوى مهمة في قطاع غزة يحمل رسائل عديدة، منها عدم الاستسلام للخمول الفلسطيني السياسي

وثمّن الرقب، وهو قيادي في التيار الإصلاحي الفلسطيني، الدور الذي تلعبه الإمارات في مجال دعم الفلسطينيين وصرف تعويضات مناسبة لأسر الشهداء والمتضررين، بالتنسيق مع زعيم التيار الإصلاحي محمد دحلان.

وأوضح أن النشاط المجتمعي يمكن أن يكون بداية لضخ الدماء في شرايين الملف السياسي وإنجاز المصالحة الفلسطينية المتعثرة وإنهاء الانقسام الحاصل بين الفصائل؛ فقد تكون اجتماعات التكاتف المجتمعي بداية جيدة لتقريب المسافات بين الحركات المختلفة، وتجاوز عقبات رئيسية أرخت بظلال سلبية على الواقع الفلسطيني.

ويحمل التوجه المجتمعي الذي تنتهجه قوى مهمة في قطاع غزة رسائل عديدة في الوقت الراهن، منها عدم الاستسلام للخمول الفلسطيني السياسي، والاستعداد لتحريك بعض الملفات التي تلامس أوجاع الناس مباشرة، لتحفّز رؤساء الحركات على القيام بواجبهم فيما يتعلق بالدور الحيوي المطلوب في ملف المصالحة الفلسطينية.

وأشار الخبير في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أحمد فؤاد أنور إلى أن أي تحرك مجتمعي تقوم به القوى الوطنية في غزة أو الضفة الغربية يمثل إضافة إلى العمل الفلسطيني العام، ويقطع الطريق على ترسيخ فكرة الانقسام على كافة المستويات.

وذكر أنور لـ”العرب” أن “اجتماع سبعة فصائل في غزة خطوة ملهمة، توحي بمدى شعور الفلسطينيين بصعوبة المرحلة الحالية، ومسؤوليتهم تجاه عدم الرضوخ لما يتعرضون له من تحديات، ما يتطلب نشاطا سياسيا موازيا، لأن أي تحرك مجتمعي يحتاج ترسيخه إلى رافعة أو غطاء سياسي يوفر له أفقا واعدا لتحقيق ما يصبو إليه”.

وشدد على أن البعد المجتمعي في التحرك الراهن سيلقى تجاوبا من قوى فلسطينية متباينة، لأن أوجاع الناس في القطاع من البطالة والفقر والمرض زادت وباتت ضاغطة عليهم، وتحتاج إلى تحركات عاجلة للحد من تفاقمها ومنع انفجار الأوضاع في القطاع، ويمكن أن يفتح إحياء ملف التكافل على الصعيد المجتمعي المجال لتصرفات سياسية واعدة.

 

اقرأ أيضا:

        • كيف نقرأ بيان النخب الفلسطينية ضد الرئيس عباس

2