المشيشي يشكل حكومة كفاءات ترفضها حركة النهضة

عبدالكريم الهاروني يؤكد تمسّك حركة النهضة بتشكيل حكومة حزبية سياسية.
الاثنين 2020/08/10
مهمة المشيشي معقدّة في وجود حركة النهضة

تونس ـ  قال رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي إنه سيشكل حكومة كفاءات مستقلة دون مشاركة أحزاب سياسية بسبب التناقضات والاختلافات الواسعة بين الأحزاب الرئيسية في البلاد، حيث لم تفضي المشاورات إلى أي قاعدة توافق.

ومن شأن الخطوة أن تضع المشيشي في خلاف مع حزب النهضة الإسلامي وهو أكبر حزب في البرلمان وقد رفض حكومة دون أحزاب.

وتدافع الحركة في تونس على تشكيل حكومة حزبية في ردّها على دعوات استبعادها من الحكومة المقبلة حيث قالت إنها "لا تتوقع رفض رئيس الوزراء المكلف هشام المشيشي، تشكيل حكومة حزبية سياسية".

وعلّل رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية عبد الكريم الهاروني خلال مؤتمر صحفي انعقد الاثنين بأن "التونسيين هم من انتخبوا وكونوا أحزابا وهم من سيحاسبون هذه الأحزاب إذا أخطأت".

وأضاف الهاروني أنه "لا يمكن لأحزاب أقلية أن تحدد مصير الحكم" لذا فإن “أي مقترح لحكومة كفاءات مستقلة يقصي الأحزاب لن يلقى دعم الحركة".

وأصرّ على أن “دور الحركة في مشاورات تشكيل الحكومة سيكون إيجابيا طالما تم احترام نتائج الانتخابات وكانت الحكومة سياسية بحزام واسع وأغلبية مريحة تُسهل تمرير القرارات التي تحتاجها الحكومة."

وقال إن “هناك أغلبية في البرلمان تدافع عن حكومة سياسية ومن المهم أن يقرأ المشيشي حسابا لهذا، موضحا أن هناك 120 نائبا يمكن أن تكون بينهم شراكة في البرلمان".

وتحتاج حكومة المشيشي لتنال الثقة إلى أصوات 109 نواب من أصل 217 عدد أعضاء المجلس.

وإذا لم تحصل الحكومة الجديدة على ثقة النواب بحلول نهاية أغسطس، فقد يلجأ سعيِّد إلى حل مجلس النواب المنتخب في أكتوبر 2019 والذي يتوقع أن يطرأ تعديل كبير على تشكيلته إذا نُظمت انتخابات جديدة، وفق استطلاعات رأي محليّة.

وفي حال اختار المشيشي تشكيل حكومة كفاءات، قال الهاروني إن “مجلس شورى النهضة سيجتمع حينها لاتخاذ الموقف المناسب بحثا عن مصلحة البلاد."

وعاشت تونس مؤخرا، أزمة سياسية حادة نتيجة تصاعد الخلافات بين الفرقاء السياسيين وشبهات تضارب مصالح أجبرت رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ على الاستقالة، ليكلف الرئيس التونسي قيس سعيد، هشام المشيشي في 25 يوليو بتشكيل الحكومة الجديدة خلال شهر واحد بداية من 26 يوليو الماضي.

وقد أثار تكليف المشيشي ردود فعل متضاربة بين مختلف الأحزاب السياسية ولدى الرأي العام التونسي، لأن اختياره جاء من خارج قائمة الأسماء التي سبق أن رشحتها الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية.

إما الموافقة على حكومة المشيشي أو حلّ البرلمان
إما الموافقة على حكومة المشيشي أو حلّ البرلمان

ويعرف المشيشي، الذي كلّف بمنصب وزيرا للداخلية بحكومة الفخفاخ، في فبراير الماضي، بأنه شخصية مستقلة وبعدم انتمائه إلى أي حزب أو قوى سياسية كما أنه لم يُرشح من قبل أي جهة سياسية ضمن الترشيحات التي طلبها سعيد للمنصب، وهو رجل قانون، وقد شغل منصب المستشار القانوني للرئيس بعد أن كان مسؤولاً في عدة وزارات.

وكان رئيس الحكومة المكلّف قد قال في تصريح صحفي إنّ الحكومة القادمة ستكون حكومة لكافة التونسيين تسعى إلى تحقيق تطلعاتهم، وأن المسألة الاقتصادية والاجتماعية ستكون من أوكد أولياتها حتى تستجيب لتطلعات التونسيين.

ويواصل المشيشي اجتماعاته مع مكونات مهمة من الساحة التونسية من منظمات وطنية وشخصيات وكفاءات اقتصادية اجتماعية وأكاديمية علمية لبحث تصور عام للمرحلة القادمة على جميع الأصعدة.

وزادت حركة النهضة الإسلامية من ضغوطها لدفع رئيس الحكومة المكلّف إلى القبول بمقاربات على مقاسها، بحيث تتسق مع توجهاتها السياسية لطبيعة الحكومة القادمة وخياراتها الاقتصادية والاجتماعية، وتنقذها من مأزق حلّ البرلمان الذي قد يضعف نسبة تمثيلها داخل المجلس ويقلل من مستوى نفوذها.

وكان بدرالدين القمودي، القيادي في حركة الشعب الممثلة ب 16 مقعدا في البرلمان، قد حذّر في تصريح "للعرب" في عددها الصادر الإثنين 10 أغسطس 2020، "من عمليات الابتزاز السياسي التي يمكن أن يقع فيها رئيس الحكومة المُكلف، ومن إمكانية خضوع المشيشي لابتزاز حركة النهضة الإسلامية، لتفادي تكرار سيناريو فشل حكومة الجملي في نيل ثقة البرلمان في يناير الماضي”.

ولفت إلى أن حركة النهضة الإسلامية كثفت من مناوراتها التي تعكسها البيانات والتصريحات والتسريبات والاجتماعات المُتواترة لمجلس الشورى التي تهدف من خلالها إلى محاولة الضغط على المشيشي، وتوجيه مشاوراته، نحو الاتجاه الذي تريد، وبالتالي احتواء حكومته المرتقبة.

وتواجه حركة النهضة التي حكمت البلاد لمدة 10 سنوات غضبا من الأوساط السياسية التونسية لفشلها في إدارة البلاد وتعميق أزماتها الاقتصادية والسياسة لأنها لا تستطيع التعايش مع غيرها وتريد أن تحكم بغيرها.