المشهداني.. رجل الإطار التنسيقي رئيسا للبرلمان العراقي

التوترات الإقليمية دفعت إيران لممارسة ضغوط أفضت إلى حسم رئاسة البرلمان.
السبت 2024/11/02
هذا ما تريده إيران

بغداد – نجح الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية، في الدفع إلى انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي بعد أشهر من التأجيل بسبب خلافات بين الكتل السنية حول اختيار شخصية توافقية للمنصب، في وقت تحدثت فيه مصادر عراقية مطلعة عن أن إيران مارست ضغوطا لحسم مسألة رئاسة البرلمان، خوفا من تأثيرات التوترات الإقليمية على العراق.

وبعد تنحية الرئيس السابق للبرلمان محمد الحلبوسي بتهمة التزوير، كان موقف الإطار التنسيقي واضحا بدعم ترشيح المشهداني، الذي يوصف في الدوائر البرلمانية والسياسية بأنه رجل الإطار التنسيقي، الذي مارس ضغوطا على الكتل السنية المتصارعة للتخلي عن دعم سالم العيساوي والتوافق على المشهداني.

ولا يمثل المشهداني، الذي يبلغ من العمر 76 عاما وسبق له أن ترأس البرلمان من 2006 إلى 2009، أي خطر على أجندات الإطار التنسيقي وخططه، فهو شخصية مسالمة وبلا طموح سياسي ويمْكن الاستفادة من وجوده لتمرير ما تريده الكتل الشيعية، وهو ما يفسر حفاوة قيادات الإطار بانتخابه.

المشهداني شوهد عقب إعلان فوزه وهو يقبل رأس هادي العامري، زعيم ميليشيا بدر وأحد قياديّي الإطار، اعترافا بالجميل

وشوهد المشهداني عقب إعلان فوزه وهو يقبل رأس هادي العامري، زعيم ميليشيا بدر وأحد أبرز قياديي الإطار التنسيقي، اعترافا بالجميل.

وقبل أسبوع أكد عضو تحالف الفتح علي الفتلاوي أن الإطار التنسيقي حسم قرار اختيار محمود المشهداني لرئاسة البرلمان، مشيرا إلى أن هذا القرار لا رجعة فيه شاء من شاء وأبى من أبى.

وقال الفتلاوي إن “الإطار لن يسمح بظهور شخصية جديدة للترشيح لمجلس النواب”، مشيرا إلى أن “القرار اُتخذ بدعم المشهداني”.

ويسهّل انتخاب المشهداني كشخصية بروتوكولية، شأنه شأن رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، على الإطار التنسيقي مهمة قيادة العراق وفق أجندته من دون خلافات أو مشاكل، وهو ما تريده إيران في الوقت الراهن.

وقالت المصادر العراقية السابقة إن إيران طلبت من الإطار التنسيقي حسم موضوع رئاسة البرلمان في أقرب وقت ممكن، وإنها مارست ضغوطا على بعض الكتل والشخصيات السنية التي كانت تعترض على انتخاب المشهداني، وهو ما قاد إلى تسريع عملية الاختيار بعد أشهر من التأجيل.

ومن شأن وجود مؤسسة تشريعية إلى جانب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن يضفي مشروعية على العمليات التي تنفذها الميليشيات التابعة لإيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما أشار إليه الأحد القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي حين قال إن “رئاسة مجلس النواب وعلى الرغم من كونها استحقاقا للمكون السني (…)، إلا أن الوضع الراهن يدفع باتجاه الإسراع في اختيار الرئيس الجديد من أجل تكامل الرئاسات في البلاد”.

وكشفت المصادر أن هدف إيران من وراء حسم مسألة رئاسة البرلمان هو تجنيب العراق أزمة سياسية أو طائفية تتم تغذيتها من جهات خارجية لضرب نفوذ طهران في العراق ضمن مسار التوترات الإقليمية وسعي الولايات المتحدة وإسرائيل إلى ضرب نفوذها في المنطقة.

حخح

وقال السفير في بغداد محمد كاظم آل صادق، في منشور له على منصة إكس، بعد انتخاب المشهداني إن “انتخاب رئيس مجلس النواب رسالة إيجابية لاستقرار العراق وإجماعه ووحدته السياسية”.

وانتخب البرلمان العراقي مساء الخميس النائب المشهداني رئيسا للبرلمان خلفا للرئيس السابق الحلبوسي.

ودور رئيس مجلس النواب محوري في الحفاظ على النظام التشريعي وتسهيل الحوار بين الفصائل المختلفة. ويشمل المنصب أيضا التوسط في الصراعات وتعزيز التوافق بين المشرعين، وهو أمر شديد الأهمية في المشهد السياسي العراقي المنقسم في الكثير من الأحيان.

وكانت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في البلاد، قد قرّرت في منتصف نوفمبر الماضي إنهاء عضوية محمد الحلبوسي على خلفية قضية تزوير وثيقة رسمية أثارها ضدّ أحد السياسيين.

وجاء انتخاب المشهداني نتيجة توافق سياسي بين 6 قوى سنّية، يتقدمها حزب “تقدم”، أعلنت الأسبوع الماضي تبنيها مسارين لا ثالث لهما لحل أزمة الشغور في رئاسة البرلمان.

انتخاب المشهداني يسهّل على الإطار التنسيقي مهمة قيادة العراق وفق أجندته من دون خلافات أو مشاكل، وهو ما تريده إيران في الوقت الراهن

وأصدرت هذه القوى، وهي “تقدم” و”الجماهير الوطنية” و”الحسم” و”المشروع الوطني العراقي” و”الصدارة” و”المبادرة”، بيانا مشتركا طالبت فيه بأن “تقوم جميع الأطراف المتنافسة بسحب مرشحيها وأن تلتزم كل القوى الوطنية الحاضرة بدعم المشهداني”.

وأسهم ذلك في تحقيق المشهداني أغلبية مريحة خلال التصويت الخميس؛ إذ حصل في الجولة الثانية من التصويت على 182 صوتا من أصل 269 مشاركا، متقدما على منافسه سالم العيساوي الذي نال 42 صوتا، بينما أبطل 39 صوتا، وفق ما رصده مراسل الأناضول.

وانتهت الجولة الأولى بحصول المشهداني على 153 صوتا، مقابل 95 للعيساوي، و9 أصوات للمرشح عامر عبدالجبار، مع إبطال 14 ورقة اقتراع.

هذا التوافق على انتخاب المشهداني رئيسا للبرلمان جاء بعد مفاوضات مكثفة بين الأطراف السياسية، حيث تم التوصل إلى اتفاقات حول توزيع المناصب واللجان البرلمانية؛ ما ساعد على تجاوز الخلافات السابقة.

والمشهداني من مواليد العاصمة بغداد عام 1948، وأكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية، وبعد ذلك التحق بكلية الطب في جامعة بغداد عام 1966، ثم عمل طبيبا في الجيش.

وسنة 2004 شارك في تأسيس مجلس الحوار الوطني، وكان أول رئيس للبرلمان في 2006 بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.

وتعد رئاسة البرلمان أعلى منصب يتولاه السنة وفقا للنظام السياسي الذي تأسس في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، بينما يتقلد الشيعة رئاسة الحكومة، ويتولى الأكراد رئاسة الجمهورية.

 

اقرأ أيضا:

      • تلويح رئيس الوزراء العراقي بتعديل حكومته إبراء للذمّة أم تصفية حسابات مع دعاة استقالته

      • شبح التورط في الصراع الإقليمي ما يزال يلاحق العراق

1