المشري ينفي وجود صفقة لتقاسم السلطة مع حفتر

تسجيل صوتي مسرب يعرب فيه برلماني عن عدم ممانعة زملائه عن تولي المشري رئاسة الحكومة الثالثة مقابل تولي قائد الجيش الليبي منصب رئيس للمجلس الرئاسي.
الاثنين 2022/10/24
الدعوة إلى تشكيل حكومة بديلة ليست مجانية

طرابلس – نفى رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري تسجيلا مسربا عن وجود تنسيق بينه وبين عضو مجلس النواب بدر النحيب، لتقاسم عدد من المناصب في الدولة، في الوقت الذي هاجم فيه رئيسي الحكومتين المتنافستين مناديا بحكومة بديلة تكون قادرة على إجراء الانتخابات.

وفي التسجيل المسرب المنسوب للنحيب، والذي تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي الأحد، يعترف فيه النائب بأنه قال للمشري في لقاء جمعهما "نحنا نبوا (نريد) نقعدوا (أن نبقى) وأنتم تبوا تقعدوا" (يعني مستمرين في التمديد لأنفسهم).

وأضاف أن المشري عرض عليهم (أعضاء مجلس النواب) أن يكون رئيسا لحكومة جديدة، لكن النواب من بينهم النحيب لم يمانعوا شرط أن يصبح قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر رئيسا للمجلس الرئاسي.

وتابع النحيب "نحنا نبوا توحيد المؤسسات لأنها الأذرع متاعنا"، بمعنى السيطرة على المناصب السيادية ومؤسسات الدولة.

وردا على هذا التسجيل، قال المشري خلال مقابلة مع قناة "ليبيا الأحرار" الذراع الإعلامية للإخوان المسلمين في ليبيا، "التقيت النحيب مرة واحدة عندما زارني في بيتي في أكتوبر من العام الماضي، وناقشت معه القوانين الانتخابية فقط"، متابعا "لم أقدم لأي أحد أي عرض لتولي منصب رئيس الحكومة، ونشر التسجيل الآن غرضه ربطه بلقاء الرباط الأخير".

وعقد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح الخميس الماضي محادثات في المغرب توصلت إلى الاتفاق على تغيير بعض المناصب السيادية، فيما قالت مصادر إن الطرفين اتفقا على تشكيل حكومة جديدة.

وأعلن الطرفان في مؤتمر صحافي عقداه الجمعة الماضية، أنهما اتفقا على تسمية منصبين من المناصب السيادية، واستكمال المشاورات للاتفاق على باقي المناصب، وتشكيل حكومة موحدة قبل يناير المقبل.

وأعرب المشري خلال المقابلة التلفزيونية عن استعداده  "للمحاسبة عن أي تهمة متعلقة بمخالفات مالية أو إدارية أو أخلاقية"، لكنه اشترط "معاقبة من يتهمه في حال تبرئته قضائيا".

ويرى مراقبون أن إصرار المشري على تشكيل حكومة جديدة لإنهاء عمل الحكومتين الحاليتين المتنازعتين (الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة و"الاستقرار" برئاسة فتحي باشاغا) ومهاجمتهما في جميع المنابر الإعلامية، إنما هدفه السعي لأن يكون هو البديل "المنقذ" بالاتفاق مع بعض النواب في البرلمان.

وبدأ الحديث عن تشكيل حكومة ثالثة في ليبيا أثناء مناقشة مجلس النواب للميزانية العامة لحكومة باشاغا في مايو الماضي، وظهرت وقتها تسريبات تفيد بوجود ترتيبات بين بعض التيارات البارزة في العاصمة لتشكيل حكومة مصغرة تتم تسميتها من المجلس الرئاسي.

واعتُبر المشري من أبرز المؤيدين لهذا الطرح، بل تصفه بعض المصادر بأنه "عراب المشروع"، وكان قد عبّر عن موقفه هذا في تعليق على الأحداث الخطيرة التي شهدتها طرابلس في مايو، قائلا إنه "ينصح باشاغا بتقديم استقالته والدبيبة بقبول التغيير لحل الأزمة الحالية".

ويبدو أن المشري مترددا في قبول عرض النواب، حيث أكد خلال المقابلة الإعلامية أن هناك شرطين عطلا المسار الدستوري، أحدهما "ترشح العسكر للرئاسة" في إشارة إلى حفتر، لافتا إلى أن "عقيدته السياسية" هي عدم ترشح العسكري "إلا باستقالته قبلها بسنوات".

كما عاب رئيس المجلس الأعلى للدولة تحالف باشاغا مع حفتر قائلا "فتحي باشاغا أخطأ في تحالفه مع حفتر"، كما "جلس مع مسؤولين مصريين، وحاول التفاهم بشكل منفرد دون التوافق مع بقية الأطراف".

واعتبر المشري أن هناك ثلاثة مشاريع سياسية رئيسية في ليبيا: "أصحاب مشروع فبراير وهم منقسمون، والمشروع العسكري على رأسه حفتر، وهو في أضعف حالاته، وجماعة النظام السابق وهم أصحاب مصالح"، لكنه اعتبر أن "كل الليبيين المنخرطين في هذه المشروعات الثلاثة لا يمثلون أكثر من 20 في المئة من الليبيين".

وأكد المشري أن كل القوى السياسية متفقة على إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، لكنه استدرك بأن إجراء الانتخابات يحتاج إلى إعداد "قاعدة دستورية سلمية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية موحدة تسيطر على البلاد".

واعتبر أن "تغيير المناصب السيادية فقط من دون تغيير الحكومة يهدف إلى تقوية حكومة باشاغا"، لذلك رفض هذا الطرح خلال لقائه عقيلة صالح في المغرب، متابعا "الدبيبة لم يكن ليرفض اتفاقي مع عقيلة صالح إذا كنا قد اتفقنا على تغيير المناصب السيادية فقط دون تغيير الحكومة".

وكان الدبيبة قد رفض الاتفاق الأخير بين رئيسي البرلمان عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والذي يقضي بتوحيد السلطة التنفيذية وتوزيع المناصب السيادية في البلاد قبل حلول العام المقبل.

ويلقي هذا التباين في المواقف الضوء على الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ هذا الاتفاق أو الالتزام بين المشري وصالح، سواء تعلّق الأمر بتغيير السلطة التنفيذية أو توزيع المناصب السيادية، في ظل رفض الأطراف السياسية والعسكرية في العاصمة طرابلس لهذا الاتفاق.

ويعدّ ملف المناصب السيادية من أكثر الملفات الخلافية بين القادة في ليبيا، بسبب التباين في وجهات النظر بشأن طرق وآليات ومعايير اختيار وتوزيع هذه المناصب والأسماء المرشحة لتولي هذه الوظائف السيادية.

ورأى المشري أن "الفائز بالسلطة التنفيذية في حوار جنيف استبد بفوزه"، في إشارة إلى الدبيبة، كما أن "الخاسر لم يرض بالخسارة"، في إشارة إلى الأطراف المناوئة له.

وهاجم المشري الدبيبة مجددا قائلا "صور زيارات الدبيبة الخارجية تبين وجود أفراد من عائلته معه، ونحن نرفض حكم العائلة وحالات الفساد في الحكومة".

ووصف المدافعين عن الدبيبة وبقائه في السلطة بأنهم "معينون بآلاف الدولارات في السفارات في الخارج ويقيمون في الداخل".

وأكد أن الدبيبة أسرّ له باستبعاد إجراء الانتخابات، رغم أن رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها صرح في سبتمبر الماضي بأن "مفوضية الانتخابات جاهزة، وفي غضون أشهر وليس سنوات يمكن إجراء انتخابات في ليبيا إذا تم التوصل إلى قاعدة دستورية توافقية".