المشاريع الفاخرة تعزز نمو سوق العقارات في دبي

رصد محللون انتعاشا قويا في سوق العقارات السكنية في دبي مدفوعا بنمو في مبيعات المشاريع الفاخرة الجديدة في المناطق الرئيسية بلغ مستويات قياسية مما يعطي فكرة عن المكاسب المتوقع أن يحققها القطاع بنهاية 2023 بعد معاناة دامت سنوات.
دبي - تعيش إمارة دبي على وقع بناء عدد متزايد من المشاريع العقارية لتلبية الطلب المتنامي، وخاصة العقارات الفاخرة، برز نموها بشكل واضح منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا، وسط تسجيل ارتفاع مطرد في الصفقات.
وذكرت شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك أن مبيعات المنازل التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار أو تزيد في دبي وصلت إلى 1.6 مليار دولار خلال الربع الثالث من 2023 ارتفاعا من 1.13 مليار دولار على أساس سنوي.
وأكدت في تقرير نشرته الأربعاء أن القيمة الإجمالية لمبيعات العقارات الفاخرة بلغت نحو 5 مليارات دولار بين يناير وسبتمبر هذا العام.
وتسعى دبي لاجتذاب الأفراد ورؤوس الأموال لدفع عجلة النمو طويل الأمد في إطار نموذج اقتصادي يركز على الاستثمار العقاري والسياحة وتدفق رأس المال الأجنبي.
ويحظى مجال العقارات بفترة ازدهار قوية بدعم من طلب روسي في ظل عقوبات متعلقة بالحرب على أوكرانيا وقواعد الإقامة الأقل تشددا.
وتشهد المدينة، التي تمتد الأحياء الأكثر رواجا فيها بالتوازي مع شواطئ الخليج العربي، طلبا متناميا على المنازل والشقق بالمناطق الممتدة شرقا نحو الصحراء بفضل الحركية النشيطة التي خلفتها تداعيات الحرب على سوق الإمارة.
وانتعشت هذه السوق مخالفة الاتجاه السائد في أجزاء كثيرة من العالم، حيث انخفضت فيها قيمة المنازل في ظل ارتفاع الفائدة وتوقعات النمو القاتمة.
وبدأ الانتعاش الذي توّج سبع سنوات من تراجع الأسعار بعد الوباء، وكان مدفوعا بتدفق الوافدين الجدد، بدءا من أثرياء العملات المشفرة والمصرفيين الذين ينتقلون إليها من آسيا، وصولاً إلى الأثرياء الروس الذين يسعون إلى حماية أصولهم.
ويرى محللون هذه المرة أن هناك إجراءات حماية أكثر من تكرار مشكلات عانت منها دبي خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
وقال فيصل دوراني الشريك في نايت فرانك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا فيها إن “الطلب على المنازل الفاخرة في دبي يظل قويا كما يظل المعروض أقل من الطلب".
ووصل العدد الإجمالي للمنازل التي تتجاوز قيمتها العشرة ملايين دولار خلال تسعة أشهر حتى سبتمبر إلى مستوى قياسي هو 277.
ولا تفرض حكومة الإمارة ضريبة على الدخل من الإيجارات أو ضريبة على عائد رأس المال، فيما تبلغ الرسوم الحكومية على شراء العقارات 4 في المئة، أي أقل مما هي عليه في العديد من الأسواق الأخرى.
وبلغت الصفقات في المواقع الثانوية على غرار واحة دبي للسيليكون ومدينة دبي الرياضية التي بقيت أسعارها معقولة، مستويات قياسية.
وأكدت نايت فرانك أن ذلك يبني على مكانة دبي بين أسواق تلك الصفقات لتتصدر النصف الأول متفوقة على نيويورك وهونغ كونغ ولندن، مشيرة إلى أن تلك الأنشطة هيمن عليها المشترون نقدا.
ونمت أسعار العقارات الفاخرة بين يناير ويونيو الماضيين بنسبة 11.2 في المئة بمقارنة سنوية، وفق مؤشر سافيلز للمساكن الفاخرة بمدن العالم، الصادر مؤخرا عن سافيلز البريطانية.
وشهدت سوق العقارات بدبي خلال النصف الأول أكثر من 60.4 ألف صفقة، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 48.3 مليار دولار.
وتوقع خبراء شركة زوم بروبيرتي إنسايتس أن ترتفع أسعار العقارات في دبي بنسبة 20 في المئة في المتوسط، وأن قطاع إسكان الرفاهية سيستمر في السيطرة بنسبة 13.5 في المئة على أساس سنوي خلال هذا العام.
وتوقعت منصة مانشون غلوبال الأميركية مواصلة سوق العقارات في دبي نموها المستمر منذ ما يزيد على عامين، ما انعكس في تدشين المزيد من المشاريع العقارية بالإمارة.
ويأتي ذلك وسط زيادة أسعار العقارات والإيجارات بشكل أكبر وتنامي الاهتمام من الأفراد ذوي القيمة المالية العالية والمستثمرين الأجانب.
ويتصدر الروس قائمة أكبر مشتري العقارات من إعمار العقارية، أكبر شركة تطوير عقاري في الإمارة، ما يشير إلى أن الطلب من المستثمرين الباحثين عن ملاذاتٍ آمنة لا يزال قويا بعد مضي أكثر من عام ونصف العام عن الحرب في أوكرانيا.
وساعدت حماسة الروس لشراء العقارات في الإمارة على دفع أسعار العقارات لتسجيل مستويات قياسية مرتفعة.
وخلال عرضٍ للمستثمرين في أواخر أغسطس الماضي لم تكشف إعمار بدقة عن المشترين الروس، لكنها أشارت إلى أنهم يشكلون النسبة الأكبر في السوق وفقا لما يُظهره المخطط الدائري.
وتقدر سارة بطرس المحللة في سي.أي كابيتال أن الروس شكلوا نحو 12 في المئة من المشترين في مشاريع شركة إعمار خلال العام الجاري، بعدما حلّوا في المركز الثاني عام 2022، وفي المركز التاسع عام 2020.
وتمتلك إعمار أكبر حصة من سوق العقارات في دبي، مع مبيعات تشكّل نحو 30 في المئة من إجمالي مبيعات المنازل قبل البناء، كما أنها صاحبة الحضور الأقوى في قطاع العقارات ككل في الإمارة.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن بطرس قولها إن “التدفقات الروسية قوية للفترة المتبقية من العام ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى جاذبية قطاع العقارات الفاخرة في دبي، حيث تعتبر عائدات الإيجار مرتفعة للغاية، وتكاليف الاستثمار منخفضة".
وتراوحت عائدات الإيجارات السكنية في المدينة بين نحو 6.75 و7.25 في المئة بنهاية الربع الثاني، وفقا لشركة الاستشارات العقارية سي.بي.آر.إي غروب.
وأقرت حكومة دبي في وقت سابق هذا العام خطة تطوير جديدة لمشروع “نخلة جبل علي”، أكبر الجزر الاصطناعية الشهيرة على شكل نخلة في الإمارة، ما يحيي مشروعا توقف وسط أزمة الائتمان العالمية لعام 2008.
وستشمل الخطة الرئيسية الجديدة لنخلة جبل علي 80 فندقا ومنتجعا، وتضيف 110 كيلومترات إلى ساحل الإمارة.
ويحتمل أن يضم المشروع الذي يسعى لاستيعاب 35 ألف أسرة، قصورا وشققاً فاخرة، كما سيتم تشغيل ما يقرب من ثلث المرافق العامة بالطاقة المتجددة.