المسلسلات الصينية تحقق في أفريقيا ما حققته المسلسلات التركية والإيرانية في الشرق الأوسط

الصين تنسج على منوال تركيا وإيران في الشرق الأوسط، حيث حظيت المسلسلات الإيرانية الدينية والمسلسلات التركية التاريخة بمكانة مهمة لدى المشاهد العربي.
الخميس 2023/02/09
الولع الجديد في أفريقيا

بكين - أدركت القوى العالمية المتنافسة مبكرا أهمية القوة الناعمة في الغزو الثقافي للدول. وتحاول الصين تلافي تأخرها في هذا المجال وقد اتجهت مؤخرا إلى أفريقيا حيث تتنافس قوى عالمية، على غرار الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، لكسب النفوذ.

وعلى مدى السنوات العشر الماضية، جذبت المسلسلات الصينية الجماهير الأفريقية. وتنسج الصين على منوال تركيا وإيران في الشرق الأوسط، حيث حظيت المسلسلات الإيرانية الدينية والمسلسلات التركية التاريخة بمكانة مهمة لدى المشاهد العربي، وتمكنت الدولتان على مدار أعوام من تسجيل نقاط سياسية واضحة وكسب النفوذ والأنصار على حد السواء في العالم العربي.

وتكشف المسلسلات دخول “القوى الدولية، في عدة بقاع جغرافية حول العالم، سباقا محموما لسرد تاريخ الشعوب والقوى السياسية من خلال المسلسلات التلفزيونية اليوم. وتعبّر هذه المسلسلات عن نزعة وطنية متوهجة، مقدمة روايات تشيد بتاريخها.

مقارنة مع الجماهير الصينية، فقد نشأ الأفارقة منذ فترة طويلة بثقافة سينمائية وتلفزيونية متنوعة، مع موقف شامل للغاية تجاه المنتجات الدولية

وعلى مدى عقدين، شكلت الروايات التاريخية قاعدة سردية للإنتاجات التلفزيونية الكبيرة، سواء كانت تركية أم إيرانية في الشرق الأوسط. وتندرج هذه المسلسلات التلفزيونية، التي تحمل رسائل سياسية، ضمن حملات اتصال الأنظمة في مواجهة منافسيها الإقليميين. وهي تضع نفسها كسند للسياسة الخارجية لحكومات تبارك ترويج قصص تتوافق مع أجنداتها.

ومنذ حوالي عشر سنوات فقط، وبالتالي متأخرة جدا مقارنة بالدول الأخرى، دخلت شركات الإعلام الصينية إلى القارة الأفريقية. وتم بعد ذلك ترجمة العديد من المسلسلات التلفزيونية إلى اللغات الأفريقية وتم إطلاقها لاختبار السوق في مواضيع مختلفة، مثل فنون الدفاع عن النفس والحياة الأسرية الصينية وأزياء الفئات الحضرية الجديدة وصيحات الشباب والملاحم التاريخية. ومن بين هذه الإنتاجات، تعد أفلام وبرامج الرياضات الدفاعية والحياة الأسرية الصينية الأكثر شعبية لدى مجموعة واسعة من الجماهير الأفريقية.

وبالطبع، تلقى الإنتاجات والأفلام والبرامج التلفزيونية الأفريقية التي تضم ممثلين محليين رواجا أفضل لدى الجماهير الأفريقية. لكن هذه الإنتاجات تعوقها عدة عوامل، كانخفاض حجم الإنتاج والتكلفة المرتفعة للغاية، وعملية الإنتاج الطويلة.

وعندما لا يتمكن العرض المحلي من تلبية احتياجات السكان، يصبح تقديم الأفلام والبرامج الدولية بديلا واضحا لجميع البلدان الأفريقية. وهكذا، دخلت المسلسلات الأوروبية والأميركية والفلبينية والهندية والباكستانية واليابانية والبرازيلية السوق الأفريقية، لتشكل مشهدا ثقافيا متنوعا للغاية. وهو ما شكل أيضا فرصة للإنتاج الصيني.

المسلسلات تكشف دخول "القوى الدولية، في عدة بقاع جغرافية حول العالم، سباقا محموما لسرد تاريخ الشعوب والقوى السياسية

وفي عام 2011، أصبح المسلسل الصيني “عصر ابنة الزوج الجميل” المترجم إلى اللغة السواحيلية، ذائع الصيت في تنزانيا. وغزت الإشارات إلى المسلسل الشبكات الاجتماعية. ورسخت صورة “ماو دودو”، الدور الرئيسي الذي لعبته الممثلة الصينية هاي تشينغ، نفسها مع الجمهور التنزاني. ووجدت العلاقات بين الحماة وزوجة الابن، وموضوع الحياة والموت، صدى قويا بين الجماهير المحلية. ووصل المسلسل إلى تصنيف عال على الإطلاق على التلفزيون الوطني التنزاني وأعيد بثه حتى أربع مرات. بعد ذلك، تمت ترجمته إلى لغات أفريقية أخرى ووزع بنجاح كبير في العديد من البلدان، بما في ذلك أوغندا ورواندا والسنغال.

وأحدثت شعبية مسلسل “عصر ابنة الزوج الجميل” في أفريقيا ردود فعل متعددة في وسائل الإعلام الأوروبية والأميركية والأفريقية. واعتبره بعض النقاد وسيلة رئيسية للصين لتصدير القيم الاجتماعية الصينية، وبالتالي زيادة نفوذها الثقافي بعد نجاح تنميتها الاقتصادية.

ومنذ نجاح مسلسل “عصر ابنة الزوج الجميل”، تمت ترجمة العديد من المنتجات الصينية إلى الإنجليزية أو الهوسا (اللغة المنتشرة في غرب ووسط أفريقيا) مثل “غو لا لا غو” و”بكين قصة حب” و”نشيد الفرح” و”لا شيء سوى ثلاثين”.

ومن خلال الدراسات الاستقصائية الميدانية، وجد أنه بالمقارنة مع الجماهير الصينية، فقد نشأ الأفارقة منذ فترة طويلة بثقافة سينمائية وتلفزيونية متنوعة، مع موقف شامل للغاية تجاه المنتجات الدولية.

5