المسرح ينتصر للسلام في شوارع الموصل

فرقة عائلة المسرح للتمثيل بنت خشبة مسرح متنقلة وجددت عربة كرفان لتتنقل بعروضها في العراق.
السبت 2022/02/12
ننقل رسالة صمود وأمل للعراقيين في كل المحافظات

الموصل (العراق) – تشهد مدينة الموصل العراقية محاولات جاهدة لإعادة إحياء الحراك الفني وخاصة المسرحي الذي لا يزال غائبا عن المدينة بعد أن دُمّرت المسارح وهُجّر فنانو المدينة في السنوات الماضية جرّاء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

وخلال ما يقرب من أربع سنوات من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل، أقدم الجهاديون على عمليات تدمير ممنهجة للمسارح والآلات الموسيقية. وحرّم التنظيم في الأسابيع الأولى لدخوله إلى المدينة الفن بأشكاله كافة.

ورغم مرور نحو خمس سنوات على تحرير الموصل آخر معاقل داعش في العراق، إلا أن مشاهد الدمار والخراب لازالت حاضرة في الكثير من مناطقها وبناها التحتية.

وميلا زكريا أحد الفنانين الذين اضطروا إلى الهجرة نحو أربيل بإقليم كردستان العراق مثله مثل الكثيرين من حوله عندما استولى تنظيم داعش على بلدة الحمدانية التي تسكنها أغلبية مسيحية، وأسس هناك “فرقة عائلة المسرح للتمثيل” في العام 2015.

المسرح الجوال يسلط الضوء على كافة القضايا والنواحي في مدينة الموصل ويهدف إلى إيصال رسالة وإعادة الثقافة إلى المدينة بعد غياب

ويقول زكريا عن البدايات والرسالة التي يحاولون إيصالها “إحنا فرقة عائلة المسرح للتمثيل. جئنا من الحمدانية لنقوم بعمل مسرحي فني بطريقة كوميدية لنبث السلام والمحبة، وهي رسالتنا، عن طريق أعمالنا المسرحية وأهدافنا منها”.

وعلى الرغم من الألم الذي عاناه في ذلك الوقت بعد أن ترك حياته وراءه في الحمدانية كانت لديه المثابرة ليرفع معنويات الناس عبر المسرح.

ويروي كيف بدأ هذا العمل الإبداعي رغم المعاناة ويقول “بدايتنا.. كانت مؤلمة، فقد تأسست فرقة عائلة المسرح في شهر أكتوبر 2015، في زمن التهجير إلى أربيل. هناك واجهتنا الكثير من صعوبات، تخيل في قمة الألم تلتزم بأن تسعد الناس وأنت تتألم. كيف ستكون قادرا على أن تسعد الناس؟ لكن سبحان الله.. أعطانا قوة وأعطانا العزيمة كي نستمر فعلا في هذه الرسالة”.

وبعد سبع سنوات، عادت الفرقة إلى بلدتها وبنت خشبة مسرح متنقلة وقام أفرادها بتجديد عربة كرفان ليتمكنوا من نقل عروضهم المسرحية إلى أماكن مختلفة في البلاد.

واختاروا أن يتوجهوا إلى الموصل، التي كانت يوما معقل “خلافة” الدولة الإسلامية وحيث لا يزال الكثيرون يتذكرون الفظائع التي عانوا منها خلال حكم التنظيم الإرهابي الوحشي.

وبالنسبة إلى تمارا قصب وهي من الممثلات في الفرقة، لا تزال تذكر ما جرى وتحكي كيف يساعدها نشاطها مع الفرقة في تخطي ذلك الألم “صراحة شعور مؤلم جدا أن أشوف أهلي وإخوتي وأزور موقعا كان الناس يقذفون فيه من أماكن عالية ليموتوا، لك الحمد يا الله على عودتنا إلى بلدنا، المكان لا يصنع الإنسان بل نحن من نصنعه على أمل أن يعود أجمل وأفضل”.

Thumbnail

وعبّرت الممثلة قبل العرض المسرحي عن سرورها لمشاركة رسالة السلام التي يحملونها مع سكان المدينة.

وتزامنت عودة الفرقة المسرحية إلى أرض الوطن مع إعادة افتتاح قاعة المسرح في جامعة الموصل رسميا في أعقاب الدمار الذي أحدثه داعش فيها. والتي أعيد تأهيلها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبنك التنمية الألماني ومحافظة نينوى.

ويقول الفنان العراقي فضل بدري الذي حضر العرض “المسرح الجوال يمثل بكافة القضايا والنواحي في مدينة الموصل. هدفهم إيصال رسالة وإعادة الثقافة إلى المدينة بعد ما غاب عنها المسرح. ونحن نعرف أن الفن هو أساس الثقافة في كل مدن العالم إضافة إلى هذا المسرح الجوال. إنهم كادر شبابي لديهم صندوق لدعم الفقراء والعوائل المحتاجة والأطفال المرضى بجهود شخصية”.

وتجمّع بعض سكان المدينة في الشارع أمام خشبة المسرح البسيطة ليشاهدوا المسرحية التي تعد من الكوميديا السوداء وهم يصوّرون مقاطع منها بهواتفهم المحمولة.

وترى مريم فراس من المتفرجين على المسرحية أن الرسالة قد وصلت وتقول “استفدت من هذا العرض المسرحي بإدراك أن الإنسان بإمكانه مواصلة حياته والسعي وراء أحلامه. الحياة لا تقف فما ذهب لن يعود وعلينا النهوض بمدينتنا، على أهالي المدينة تجاوز مرحلة تنظيم داعش والنهوض مجددا”.

14