المسرح المغربي يبحث عن انتعاشة مفقودة عبر العروض الافتراضية

فنون العرض في المغرب نصفها مشلول في الوقت الراهن، والأزمة ستظل قائمة في غياب حلول واضحة وتفعيلها على أرض الواقع.
السبت 2020/12/05
غياب الجمهور أنهك أبا الفنون في المغرب

يعيش المسرح خصوصا، والفنون الحية عموما، ركودا ملحوظا بالمغرب في الآونة الأخيرة بعد تفشي فايروس كورونا المستجد، الأمر الذي فرض توقّف كل الأنشطة والبرامج الفنية التي كانت تمتع الجمهور على امتداد السنة. فكيف يقيّم مسعود بوحسين رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية الوضع؟ وهل من حلول لاستعادة أبي الفنون سالفَ إشعاعه؟

نادية أبرامنسخة

الرباط – تضرّر القطاع المسرحي بالمغرب منذ ظهور فايروس كورونا المستجد بشكل غير مسبوق، وذلك بعد أن علّقت كل المواعيد الفنية التي كانت تعتمد على العروض الحية والمباشرة في المهرجانات والتظاهرات المحلية والدولية.

وفي هذا الحوار يسلّط رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية بالمغرب، الممثل والمخرج مسعود بوحسين الضوء على تداعيات الأزمة التي فرضتها الجائحة على أبي الفنون، وعلى بعض الاقتراحات التي يراها كفيلة بتحسين وضع المسرحيين والفاعلين في قطاع الفنون الحية.

يقول بوحسين “أعتقد أن لهذه الأزمة وجهين؛ الأول مرتبط بالشق الاجتماعي لمهن الفنون الحية بصفة عامة، والتأثيرات السلبية التي طالت وضعية الفاعلين فيه بسبب توقف الأنشطة والعروض الحية. والثاني يتمثل في الشقّ الثقافي حيث لحقت بهذه الفنون خسائر من الناحية الإنتاجية، ممّا قد يؤثّر على استعادة مكانتها مستقبلا. فالجانب الثقافي يهم، أساسا، إنتاج أعمال ثقافية في مجالات متعددة تقتضي حضورا ضروريا للجمهور، كما أن لها مكانتها المهمة على المستوى الثقافي والاقتصادي في الوقت ذاته”.

مسعود بوحسين: الجائحة أضرت بالمسرح المغربي، والحل في وسائل التواصل الاجتماعي
مسعود بوحسين: الجائحة أضرت بالمسرح المغربي، والحل في وسائل التواصل الاجتماعي

والأزمة التي فرضت نفسها على جميع القطاعات الثقافية دفعت بفنانين في مجالات أخرى لإيجاد طرق لمواجهتها، وأعطت ثمارها، كالمطربين الذين أنتجوا أغاني وفيديو كليبات، والتشكيليين الذين نظموا معارض بشروط خاصة، وأيضا بعض السينمائيين، فكيف كان الحال مع النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، باعتبارها قوة اقتراح، وهل فكّرت في مبادرات تخرج المسرحيين من الأزمة أو تخفّف على الأقل من وطأتها؟

عن هذا السؤال يجيب بوحسين “ممّا لا شك فيه أن السياسات الحكومية هي المسؤولة عن البحث عن حلول مناسبة للقطاع عموما، والنقابة تظل هيئة وقوة اقتراح، وقد قدّمت، فعلا، مجموعة من الاقتراحات والتدابير في وقت مبكر، كخطوة استباقية، ونبّهت إلى أن القطاع الثقافي وما يهم كل الفنون الحية التي تعتمد على الجمهور، سيتلقى ضربة قوية سواء على مستوى الإنتاج أو المستوى الاجتماعي، ولم يتم التعامل مع الموضوع بالجدية اللازمة”.

ولا ينكر نقيب الممثلين المغاربة أن هناك مبادرات فردية حول تنظيم أنشطة بديلة “لكنها تبقى محدودة، لأن الأعمال المسرحية لها خصوصيتها وتقدّم أمام الجمهور”، وهو يطرح كحل للأزمة تقديم العروض أمام عدد محدود من الجماهير شرط الحفاظ على عناصرها الحية، أو نقلها بالاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما يمكن أن يعتمد حل مشكل المسرحيين أيضا على السينما، لأن أغلبهم يشتغل في الفن السابع، وكذلك على القطاع السمعي البصري، وذلك بتسجيل العروض المسرحية وبثّها، ويضيف “أظن أن هذا أقل ما يمكن السماح به عبر، مثلا، إبرام اتفاقية بين الوزارة المكلفة بالثقافة والقطاع التلفزيوني”.

وهذه الاقتراحات تنطبق على كل الفنون الحية الأخرى وليس فقط على المسرح، حيث أن الأمر نفسه ينسحب على القطاع الموسيقي الذي توقفت أنشطته الحية، وهو يرى أن فنون العرض نصفها مشلول في الوقت الراهن، والأزمة قائمة في غياب حلول واضحة.

مبادرات فردية لتنظيم أنشطة بديلة
مبادرات فردية لتنظيم أنشطة بديلة

ويؤكّد بوحسين أن الجائحة ساهمت في الكشف عن العديد من المشكلات التي يعرفها القطاع الثقافي المغربي بشكل عام، وكشفت عن ضعف آليات التدبير المؤسساتي للثقافة، وضعف الإمكانيات، وصعوبة تنزيل بعض النصوص القانونية، إلى جانب العلاقات المتوترة مع الهيئات المهنية، وبروز تصدعات على مستوى الهيئات الثقافية، ومشكلات في سياسة الدعم وعدم فهم لهذه السياسة ولأهدافها.

وعن البدائل التي يمكن طرحها للخروج من هذه الأزمة، يقول “باعتباري متتبعا للشأن الثقافي ومطلعا على تفاصيل كثيرة في ملفاته، وطرفا فاعلا في المشهد الثقافي، أعتقد أن مشكلة قطاع الثقافة في المغرب لن تحل إلاّ بإعادة النظر في آليات تدبيره. وإذا كان وضع خطط وتوجهات كبرى للقطاع مهما جدا، فإن تنزيلها يبقى هو الأهم”.

وهو يرى أن القطاع الثقافي بحكم رمزيته ورمزية الفاعلين فيه، يتطلب “جرأة سياسية” لوضع بنية هدفها الأول مصلحة المواطن وتنمية الثقافة وفاعليتها في الاقتصاد وفي الحفاظ على القيم. كل ما يقع، منذ مدة وإلى الآن، يعطي الانطباع بأن المشكلة منحصرة على المثقفين، بينما الحقيقة أن المشكلة تكمن في تطوير القطاع، حتى لا يتم تقزيم دوره وقيمته ويصير وكأنه يهم فقط المثقفين.

ويؤكّد بوحسين أن هناك حاجة ملحة للخروج من عنق الزجاجة، وأن ذلك لن يتم إلاّ عبر إعادة النظر في الآليات القانونية والمؤسساتية لتدبير ملفات القطاع الثقافي بشكل عام في المغرب.

أزمة فرضت نفسها على جميع القطاعات الثقافية
أزمة فرضت نفسها على جميع القطاعات الثقافية

 

14