المسرح أحدث أسلحة الحشد الشعبي العراقي في حربه الناعمة

الحشد يروج لـ”بطولات” عناصره القريبة من إيران في ساحات البصرة.
الخميس 2022/01/06
الأسلحة تختلف بحسب طبيعة الحرب

بغداد - يحاول الحشد الشعبي تحسين صورته التي تضررت كثيرا في السنوات الثلاث الأخيرة من خلال الترويج لـ”بطولات” عناصره وهذه المرة من خلال المسرح.

وفي إحدى ساحات البصرة في جنوب العراق، حضر رجال وأطفال ونساء لمتابعة مسرحية من إعداد الحشد الشعبي تستعرض إنجازات هذه الميليشيات القريبة من إيران، وتروي “ملحمة” من آدم إلى مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في العاصمة بغداد.

ومع بدء العرض يعلن أحدهم “هيئة الحشد الشعبي تقدّم عملا مشتركا بين الفنانين العراقيين والإيرانيين”.

الحشد في بداية تشكله كان يحظى بدعم شعبي كبير، لاسيما داخل البيئة الشيعية، لكن هذا الدعم سرعان ما تبدد بعد انتهاء الحرب عمليا على “داعش” حينما انخرطت قياداته في السياسة، وأصبحت ميليشيات الحشد جزءا راعيا لمنظومة الفساد

وعلى مدى ساعتين يعرض نحو 140 ممثلاً أحداثا تاريخية بارزة في الدين الإسلامي في “أضخم عرض مسرحي في العراق: قيامة الأرض”، بحسب إعلان ترويجي للمسرحية خطّ على جدران شوارع المدينة ذات الغالبية الشيعية.

وتأسس الحشد الشعبي، وهو تحالف لميليشيات شيعية مسلحة، في العام 2014 إثر فتوى من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني حضت العراقيين على القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وشارك عناصر الحشد إلى جانب القوات العراقية في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية انتهت بهزيمته في العام 2017. ورغم أنه تم إدراجه كجزء من القوات المسلحة العراقية الرسمية، إلا أن الحشد يتمتع بوضع خاص.

ويحظى الحشد الشعبي الذي يتزعمه فالح الفياض بنفوذ كبير وأصبح منذ العام 2018 لاعباً لا يمكن تفاديه في المعادلة السياسية من خلال احتلاله للمرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية التي جرت ذلك العام.

ويقول متابعون إن الحشد كان يحظى في بداية تشكله بدعم شعبي كبير، لاسيما داخل البيئة الشيعية، لكن هذا الدعم سرعان ما تبدد بعد انتهاء الحرب عمليا على “داعش” حينما انخرطت قياداته في السياسة، وأصبحت ميليشيات الحشد جزءا راعيا لمنظومة الفساد التي تسيطر على البلاد منذ سنوات.

وكان تحالف الفتح الذراع السياسية للحشد الشعبي تكبد هزيمة قاسية في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، حيث خسر أكثر من ثلث مقاعده.

ويتهمه معارضوه بالتبعية العمياء لإيران وبالمسؤولية عن القمع الدامي الذي تعرضت له الانتفاضة الشعبية ضد الفساد التي قامت في أكتوبر 2019.

وتملك هيئة الحشد الشعبي قنواتها التلفزيونية الخاصة، وتنتج أفلاماً ومسلسلات، ولها فرق رياضية خاصة لاسيما فريق لكرة السلة وآخر لكرة القدم.

وفي باحة مفتوحة تابعة لمقر للحشد، تتوالى أمام أنظار المشاهدين، وسط مؤثرات خاصة وانفجارات وأحصنة وجمال، أحداث تاريخية تعود إلى آلاف السنين.

وغالبية الممثلين المشاركين في العرض هم عراقيون من طلاب معهد الفنون الجميلة، لكن هناك عناصر من الحشد يلعبون دور المقاتلين في المسرحية.

ويقف آدم وسط دخان أبيض وتحت شجرة الثمرة المحرمة، ثمّ يظهر نوح معتلياً سفينته.

ويمرّ العرض على واقعة الطف التي قتل فيها الإمام الحسين حفيد الرسول محمد في كربلاء في العام 680 على أيدي جنود الخليفة الأموي يزيد بن معاوية. وتنتقل أطوار المسرحية بعد ذلك من الدين إلى العراق المعاصر الذي مزقته الحروب.

وفي هذا الجزء يبرز فصل المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مع أصوات إطلاق نار وانفجارات، ورايات الجهاديين السوداء ورجال ملتحين مسلحين في مواجهة مقاتلي الحشد.

ويأمل مخرج العرض الإيراني سعيد إسماعيلي أن تعرض المسرحية في مدن عراقية أخرى. ويقول “من وجهة نظر الحرب الباردة، ينبغي علينا أن نكون رياديين وأن تكون أسلحتنا وأدواتنا جاهزة دوماً، ولا بدّ لنا أن نكون مزودين بأحدث الأسلحة في الحرب الناعمة، وبالتالي في المساحات الثقافية والفنية”.

وتنتهي المسرحية بمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في يناير 2020 بضربة طائرة بدون طيار أميركية في مطار بغداد.

بعد ذلك، يخرج على المسرح مقاتلون من الحشد رافعين نعشي القائدين وصورتين لهما وأخرى للإمام روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية.

ويقول المشاهد علي سويد “هناك أشخاص غافلون عن بعض الأشياء لا يعرفون ماذا حصل (…) أطفالنا مثلا يحتاجون إلى عرض مماثل لكي يفهموا ما حصل في المعارك”.

3