المسرحي السوري محمد بصل: ليست عندنا تيارات حداثة في المسرح

دمشق - يعتبر الأكاديمي والمسرحي محمد بصل، رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية، المسرح هواية واختصاصا وهو بالنسبة إليه عشق وشغف رغم الأزمة التي يعيشها المسرح العربي عموما والمحلي خصوصا ليبقى محكوما بالأمل.
وبين المسرحي محمد خلال حديث معه أن تجربته بدأت في المسرح الجامعي بجامعة تشرين في الثمانينات بتأسيس فرقة المسرح الجامعي وباكورة أعمالهم مسرحية “حكاية من الميناء” التي عالجت هموم عمال البحر ثم عمل مع فرق أخرى كما اشتغل بشكل حر وأخرج مسرحيات منها “لا تنظر من ثقب الباب” ومسرحية “الأقنعة” لعلي عقلة عرسان وسواها.

محمد بصل: المسرحي يتجلى بين فضاءين، فضاء الخشبة وفضاء الجمهور
ثم تخصص وحصل على شهادة الدكتوراه في مسرح “علم اللسانيات” تجربة سعدالله ونوس نموذجا، وقد ألف عددا من الكتب منها “نحو نظرية لسانية مسرحية” و”قراءات سيميائية في مسرح سعدالله ونوس” حيث أوضح أن المسرح الجماهيري يشتمل في ثناياه ليس فقط على المسرح الملتزم والجاد وإنما هو متنوع منه الجماهيري والإيمائي والراقص ولكن يجب أن يكون ضمن شروط المسرح وقواعده وليس رخيصا يعتمد على التهريج حسب وصفه.
ويعتبر المسرحي السوري أن كل حركة أو إيماءة أو غرض يجب أن تكون له وظيفة ومسوغات منطقية وعقلانية فلا مانع من الرقص والحركات في المسرح طالما لها مسوغات مستشهدا بمسرح عبداللطيف فتحي ومحمود جبر الذي له جماهريته وشعبيته ومدرسة المشاغبين التي مازال يقبلها الجمهور.
ويلفت إلى ضرورة الاهتمام بالجمهور وألا نبعده عن مفردات العصر المثقف والمفكر حتى يتمتع بالمسرح الحقيقي والجاد، مبينا أن المسرح الذي يشتغل عليه له مقومات النص من حكاية وحادثة ولغة وشخصيات وصراع وتطور درامي مضمر وظاهر في النص، فالمسرح ينتمي إلى جنس الأدب والفن معا ويعتمد المسرح بحسب تعبيره على نص لكاتب أو لفرقة ليشتغل المسرحي على النص بدقة بدءا من إعداد الممثل إلى الإلقاء، مشيرا إلى دور ثقافة الممثل فهو أساس وحامل العرض المسرحي وكلما كان ممتلئا ثقافيا تألق النص.
وكان محمد بصل قد أكد حول مدى قدرة المسرح على محاكاة الواقع وأداء رسالته في ظل مستجدات تقنية متسارعة، أننا نواكب عصرا يُذهل العقل ويدهشه، لافتا إلى أن المستحدثات العلمية تتسارع بخطى تسبق خطانا، ولكنه يظن أن المسرح بإمكانه فعل شيء سوى الكلام عن إنسان هذا العصر في أزماته، ولعلّ من وظيفة المسرح تسليط الأضواء على هذه الأزمات ومحاولة تقديم اقتراحات موضوعية ووضع خطط وبرامج قادرة على مساعدة الإنسان على فهم ما يحدث حوله وحضّه على اتخاذ موقف إزاءه، ولم يعد المسرح قادرا على تحقيق عنصري الفرجة والمتعة.
وصرح حينها أنّ جلّ ما يمكن للمسرح أن يفعله اليوم هو الاعتماد على تكثيف الحدث وصياغته بطرق فنّية جديدة لم يسبق له أن توصّل إليها، مشددا على أن هذا ممكن إذا توافرت جملة من الشروط القاسية والمكلفة ماديا، إذ يجب على المسرح أن يعتمد على اللقطة والومضة والصورة ولا يجوز على الإطلاق تقديم مسرحيات شكسبيرية بالطرائق التقليدية المعهودة، وهذا يتطلّب أماكن جديدة للفرجة وصيغا مبتكرة لهندسة الفضاء المسرحي، وهذا ضرب من المستحيل في بلاد ليست فيها أمكنة مسرحية بالأساس.
ويوضح أن الحداثة تيارات تأتي من الخارج ونحن نتأثر ونتبنى ونقتبس منها ويقول “ليس عندنا تيارات حداثة ومدارس وإنما عندنا أنماط كالنمط الرحباني ومسرح زياد أو دريد لحام أما عن تيارات المسرح في الغرب فقد برزت أنواع منها ما تجاوزها الزمن كالمسرح العبثي والمسرح الفقير ومع ذلك مازالت الحاجة لهذه الأنواع بسبب الفقر وعبثية الحياة”.
ويلفت محمد إلى أن المسرح الجاد الذي تبناه ونوس تطرق للسياسة الموجودة في كل شيء، مشيرا إلى أن المسرحي يتجلى بين فضاءين فضاء الخشبة وفضاء الجمهور للوصول إلى حوار جماعي بين هذين الفضائين.
ويؤكد محمد دور اتحاد الكتاب العرب الثقافي والمعرفي المهم فهو يبيع الكتاب بسعر رمزي تشجيعا على ثقافة الحرف لكنه لا يعنى بالورشة المسرحية كما يجب وفق تعبيره، مشيرا إلى أن فرع اللاذقية قام بمبادرة لاقت دعم الاتحاد وهي إقامة فرقة قدمت مسرحية (عالم مفعم بالجنون) ولاقت نجاحات كبيرة في اللاذقية وفي مسرح الحمراء بدمشق أيضا، متمنيا أن يكون هناك مهرجان يقام كل عام في محافظة يسمى مهرجان اتحاد الكتاب العرب للفنون المسرحية.