المساعدات الإنسانية لغزة تفجر سجالا في الجزائر

السجال المندلع يحمل منحى أيديولوجيا بين تيار الإخوان وواحدة من القوى المجتمعية ذات التوجه العلماني.
الأربعاء 2024/04/17
رئيسة الهلال الأحمر تستفز الإسلاميين

الجزائر - وجدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، ابتسام حملاوي نفسها في قلب سجال دائر حول الأبعاد الأيديولوجية التي تحيط بالمساعدات الإنسانية الموجهة من الجزائر إلى قطاع غزة، واللغط المثار من طرف قيادات سياسية وناشطين اجتماعيين منخرطين في التيار الإسلامي أو مقربين منه، بسبب منشور لها أثار الجدل.

وأكدت حملاوي، في ندوة صحفية نظمتها الثلاثاء، لعرض حصيلة مؤسستها، على تحمل مسؤوليتها التامة عما نشرته حول عدم تعامل مؤسستها مع من وصفتهم بـ”المرتزقة وتجار الحرب”، وشددت على أنها مسؤولة عما تقوله، وليس عما يتم يتأويله، وأن المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة كانت بالتعاون مع الجمعيات الخيرية.

وتلافت الإشارة المباشرة أو المبطنة لجمعية البركة المقربة من تيار الاخوان، ولا إلى العناصر المنتمية إلى حركة مجتمع السلم، التي تشن حملة ضدها بسبب منشور لها في حسابها الخاص على الفيسبوك، والتي وصلت حد مطالبة الحكومة بتنحيتها. وكانت رئيسة الهلال الأحمر كتبت منشورا في حسابها الرسمي على الفيسبوك، ذكرت فيه بأن “الهلال الأحمر الجزائري هيئة إغاثية إنسانية تنتمي إلى الحركة الدولية الإنسانية وتتعامل مع الهيئات الإنسانية الأخت والدول ولا تتعامل مع المرتزقة وسماسرة الحرب".

وأضافت “كما أن كل المساعدات التي جمعناها كانت عينية، ولم نفتح مجالا لجمع الأموال. والحمد لله اليوم وصلت كمية المساعدات المرسلة إلى القطاع منذ بداية العدوان حوالي 420 طنا تم نقلها من طرف القوات الجوية واستقبالها من طرف الهلال الأحمر الفلسطيني”.

وبدا أن المنشور موجه إلى جمعية البركة، التي شرعت منذ شهر رمضان المنقضي في جمع زكاة الفطر وتبرعات مالية من أجل تحويلها إلى سكان القطاع، ولم يتم التعرف عن الهيئة التي تنسق معها هناك أو تشاركها توزيع المساعدات على سكان القطاع.

◙ حركة حمس تولي منذ تأسيسها في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أهمية بالغة للعمل الاجتماعي من أجل استقطاب أنصار

وتعتبر جمعية "البركة" المقربة من حركة حمس الإخوانية، الجمعية الوحيدة الناشطة في هذا المجال منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، واستطاعت بفضل حملة دعائية في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي استقطاب اهتمام الشارع الجزائري المتعاطف مع سكان القطاع.

ورفع أحمد صادوق، النائب عن حركة حمس الإخوانية سؤالا رقابيا لرئيس الوزراء نذير العرباوي، جاء فيه، بأن الاتهامات المبطنة التي وجهتها رئيسة الهلال الأحمر عبر حسابها في فيس بوك، إلى هيئات وجمعيات وطنية جزائرية، هي تصريحات غير مسؤولة ومسيئة لصورة البلاد والمجتمع المدني.

وقال صادوق "لقد شاهدنا وعموم الشعب الجزائري أثرها الخيري المشرف للدولة والشعب الجزائري من خلال ما تقدمه مؤسسة التلفزيون العمومي الجزائري من تقارير مصورة.. إن هكذا تصريحات واتهامات لا مسؤولة تسيء للجزائر، ومن شأنها أن تزعزع الإجماع الوطني في دعم القضية الفلسطينية، وتشكك في الموقف الرسمي الداعم للمقاومة، والذي عبر عنه، وأكد عليه السيد رئيس الجمهورية في الكثير من المحطات، وهي فرصة سانحة للاستغلال الخارجي من جهات عديدة تتربص بالجزائر نظير مواقفها المشرفة اتجاه القضية الفلسطينية".

وحمل السجال المندلع بين رئيسة مؤسسة الهلال وقادة حركة حمس، منحى أيديولوجيا بين تيار الإخوان الذي تتزعمه حركة مجتمع السلم، وبين واحدة من القوى المجتمعية ذات التوجه العلماني، ممثلة في رئيسة الهلال الأحمر، الذي نصبت على رأسه في السنوات الأخيرة، خلفا لسعيدة بن حبيلس.

وقال النائب عن حمس في سؤاله "كيف لرئيسة مؤسسة رسمية تمثل الدولة الجزائرية أن تشكك بشكل لا مسؤول في جهود الإغاثة التي ترعاها الجهات الرسمية، وفي القائمين عليها، أليس الأوجب في حقها التحفظ في التصريح بالأخص في ظل حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة". وأضاف "ما هي الإجراءات المتخذة من طرفكم لوقف هكذا تصريحات لامسؤولة تمس بهيبة الدولة ومؤسساتها، وتضع الجزائر محل شكوك ومساءلة، ومن هم المرتزقة وسماسرة الحرب، التي تقصدهم ابتسام حملاوي؟".

وتولي حركة حمس منذ تأسيسها في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أهمية بالغة للعمل الاجتماعي من أجل استقطاب أنصار، ولذلك عمدت إلى إطلاق عدة جمعيات وتنظيمات أهلية، عادة ما تستغلها في إدارة استحقاقاتها السياسية.

ورغم الصمت الذي تلتزم به قيادة الحركة الإخوانية، إلا أن خلافا كبيرا بينها وبين السلطة طفا إلى السطح خلال الأشهر الأخيرة، على خلفية التعاطي الرسمي مع الحرب الإسرائيلية على غزة، وعدم سماح السلطة للجزائريين بالتظاهر أو الاحتجاج تضامنا مع سكان القطاع.

وكان الرئيس السابق لحمس عبدالرزاق مقري، انتقد في عدة تصريحات ومنشورات على صفحته الرسمية في الفيسبوك، طريقة تعاطي السلطة واعتبره خذلانا لغزة رغم الشعار التاريخي للبلاد "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".

وحاول مقري خلال الأسابيع الأولى للحرب حشد الشارع الجزائري للتضامن مع سكان القطاع، غير أن السلطة كانت صارمة في قرارها ولم تسمح إلا بيوم واحد للتظاهر والاحتجاج الشعبيين، وذلك بدعوى عدم السماح باستغلال المظاهرات ومشاعر التعاطف لحسابات سياسية ضيقة.

4