المركزي التونسي يرجح تعمق محنة التضخم في 2023

محافظ البنك المركزي التونسي يقول إن الوضع سيكون صعبا إذا لم تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
الخميس 2023/01/05
القدرة الشرائية في مهّب الريح

تونس - حذر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي الأربعاء من أن بلاده قد لا تستطيع السيطرة على معدلات التضخم إذا لم يتم اتخاذ إجراءات مدافعا عن قراره برفع سعر الفائدة الأسبوع الماضي.

ورفع المركزي الجمعة الماضي الفائدة 75 نقطة أساس إلى 8 في المئة من 7.25 في المئة في ثالث زيادة العام الماضي، وهو السعر الأكبر على الإطلاق.

وأثار قرار رفع الفائدة غضب الحكومة. وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد الثلاثاء الماضي إن “الزيادة كانت كبيرة وستزيد من مصاعب الشركات الصغيرة والمتوسطة”.

وأضاف “أتفهم استقلالية البنك المركزي وأنا أكثر المدافعين عنه وأتفهم حرصه على مكافحة التضخم لكنني كنت أفضل ألا تتجاوز الزيادة 25 نقطة أساس”.

لكن العباسي قال في مؤتمر صحفي إنه “ليست هناك أدوات وخيارات كثيرة لمحاربة التضخم ذي المنحى التصاعدي”. وأضاف “معدلات التضخم قد تخرج عن نطاق السيطرة إذا لم يتم رفع سعر الفائدة الرئيسي”.

مروان العباسي: معدل التضخم من المتوقع أن يبلغ 11 في المئة هذا العام
مروان العباسي: معدل التضخم من المتوقع أن يبلغ 11 في المئة هذا العام

ورجح أن يبلغ معدل التضخم 11 في المئة في المتوسط عام 2023 ارتفاعا من 8.3 في المئة العام الماضي. وقال إن “الوضع سيكون صعبا إذا لم تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”.

وتسعى تونس، التي تكافح لحل أسوأ أزماتها المالية، للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد مقابل إصلاحات لا تحظى بقبول شعبي وتشمل خفض الإنفاق وتجميد الرواتب وتخفيضات في دعم الطاقة والغذاء وهيكلة شركات القطاع العام المتعثرة وغيرها.

ويعاني الاقتصاد التونسي منذ سنوات، مع بدء الانتقال السياسي في البلاد في عام 2011، وقد ضاعف وباء كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا من الأزمة الاقتصادية والمالية وارتفاع الأسعار وندرة المواد الاستهلاكية الأساسية.

ودفعت الأزمة الآلاف من الشباب إلى مغادرة البلاد، حيث تم تسجيل نسب هجرة قياسية في 2022، من بينهم أكثر من 18 ألفا شقوا طريقهم عبر البحر ضمن موجات الهجرة غير الشرعية، وفق بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وقال العباسي إن “أغلب المؤشرات الاقتصادية سلبية فيما تحتاج تونس إلى التعجيل بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية”.

وسجل العجز التجاري خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي مستوى قياسيا ليبلغ حوالي 7.3 مليار دولار مقابل 4.6 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق.

تونس تشهد أزمتين سياسية ومالية عميقتين أدتا في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية

ويتوقع العباسي أن يبلغ عجز الحساب الجاري حوالي ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 انخفاضا من 8.6 في المئة في 2022.

وتأتي تصريحات محافظ المركزي بعد يوم من تقديم الحكومة المخطط التنموي 2023 و2025 الذي يعوّل بشكل كبير على استثمارات القطاع الخاص والتعافي الملحوظ في إنتاج الفوسفات والزراعة “الأكثر استدامة”.

وقال وزير الاقتصاد سعيد إن المخطط “يركز على نموذج تنموي جديد” لإعادة التوازن الاقتصادي ومكافحة ارتفاع الفقر الذي يعانيه 20 في المئة من 12 مليون تونسي.

وتشهد تونس أزمتين سياسية ومالية عميقتين أدتا في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، الحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائية بسبب التضخم المتسارع.

وينتظر البلد المثقل بالديون الضوء الأخضر الحاسم من صندوق النقد للحصول على قرض يفترض أن يفتح المجال لمساعدات خارجية أخرى.

وفي إستراتيجيتها الجديدة، تريد الحكومة أن تكون “واقعية وحذرة” كما قال سعيد الذي توقع، من بين أمور أخرى، انخفاضا بطيئا في معدل البطالة إلى 14 في المئة عام 2025 مقارنة بما يزيد قليلا عن 15 في المئة عام 2022.

الحكومة تراهن على التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال السماح باستغلال أراضٍ زراعية لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة

ويتوقع البرنامج نموا متواضعا بنسبة 2.1 في المئة هذا العام بعدما أنهى العام الماضي في حدود 1.8 في المئة.

ومن أجل تحقيق ذلك، يعوّل على استثمارات عامة “ضرورية” تبلغ قيمتها 12.3 مليار دولار خلال ثلاث سنوات من بينها 8.7 مليار من خلال ميزانية الدولة و33.6 مليار عبر الشركات العامة.

وأوضحت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة أن جزءا كبيرا من الاستثمارات سيوجه نحو القطاع الصناعي الذي يفترض أن ترتفع نسبته من الناتج المحلي الإجمالي من 15 في المئة عام 2022 إلى 18 في المئة عام 2025 مع زيادة متوقعة في الصادرات من 12 إلى 18 مليار دولار سنويا.

كما يتوقّع المخطط التنموي زيادة إنتاج الفوسفات، أحد الموارد الطبيعية النادرة في البلاد، الذي تراجع بشكل حاد في السنوات العشر الماضية بسبب الاضطرابات الاجتماعية والفساد.

ومن أجل تعزيز زراعة “أكثر استدامة”، ستشجع السلطات الابتكار من خلال الشركات الناشئة المتخصصة في إعادة تدوير المياه ومكافحة الجفاف الذي يضرب خصوصا وسط البلاد وجنوبها.

وتراهن الحكومة أيضا على التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال السماح باستغلال أراضٍ زراعية لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح).

وكذلك، ينص المخطط على تحسين شبكات الأمان الاجتماعي مثل تعويض الأسر، التي ترعى شخصا مسنا وحيدا واستثمارات في التعليم.

11