المركزي التونسي يؤجل طي صفحة دورة التشديد النقدي

تونس تخشى من احتمالية تضرر سلاسل إمدادات السلع مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط واستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
الجمعة 2024/09/27
دمرتنا الأسعار!

تونس - أجّل البنك المركزي التونسي مرة أخرى طي صفحة سياسة التشديد النقدي، التي كانت تترقبها الأوساط الشعبية والاقتصادية للتخفيف من الضغوط المعيشية والحد من التكاليف الباهظة للإقراض.

وقرر المركزي في أعقاب اجتماع مجلس إدارته الأربعاء الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 8 في المئة، بهدف كبح التضخم الذي يواجه مخاطر صعودية.

ويتابع المحللون باهتمام ما ستؤول إليه عملية تأجيل الدخول في دورة التسيير النقدي في الفترة المقبلة بعدما لوحظ هدوء طفيف في الأسعار، لأن الاقتصاد يحتاج إلى دفعة قوية حتى ينتعش.

وقال البنك في بيان نشره على موقعه الإلكتروني “نظرا للمخاطر المستمرة التي تحيط بمسار التضخم، يعتبر البنك أنه من الضروري الاستمرار في دعم المسار التنازلي للتضخم، وقررنا الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 8 في المئة".

ورفع البنك، نهاية ديسمبر 2022 سعر الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس هو الثالث في ذلك العالم، ليصل إلى المستوى الذي هو عليه الآن، لمواجهة ارتفاع التضخم.

وتخشى تونس من احتمالية تضرر سلاسل إمدادات السلع، مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط واستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وعانت البلاد من أزمات اقتصادية حادة ومركبة منذ العام 2011، فاقمتها تداعيات الوباء في 2020، ثم ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة والمواد الأساسية، إثر اندلاع الحرب في شرق أوروبا مطلع 2022.

وأوضح المركزي أن “البيانات الاقتصادية المتاحة تشير إلى استمرار الاتجاه التصاعدي للنمو في الربع الثالث من 2024، والذي سيكون مدعوما بانتعاش الطلب الخارجي والتعزيز التدريجي للطلب الداخلي”.

البنك المركزي: الاستمرار في دعم المسار التنازلي للتضخم ضروري
البنك المركزي: الاستمرار في دعم المسار التنازلي للتضخم ضروري

وما يزال التضخم مرتفعا في البلاد عند مستوى 6.7 في المئة في أغسطس الماضي، مقارنة مع 7 في المئة بنهاية الشهر السابق له، وهو أعلى من المستهدف البالغ اثنين في المئة. ويتوقع المركزي تسجيل التضخم في البلاد حوالي 7.2 في المئة في كامل العام الحالي مقابل 9.1 في المئة في 2023.

وهذا المستوى أعلى من توقعات كان قد أشار إليها المحافظ الجديد للبنك فتحي زهير النوري، في مايو الماضي، عند 6 في المئة مع نهاية عام 2024.

‎وقال فتحي زهير النوري على هامش الاجتماعات السنوية للهيئات والمؤسسات المالية العربية بالعاصمة الإدارية في مصر، إن بلاده تستهدف “خفض التضخم إلى 4 في المئة على المدى الطويل. وأضاف “نسعى لإبطاء التضخم حتى نبدأ في خفض الفائدة”.

ويُتوقع أن يبلغ حجم الاقتصاد التونسي في 2024 نحو 54.7 مليار دولار، حيث ستبلغ نسبة النمو 1.9 في المئة على أن تتراجع إلى 1.8 في المئة في 2025.

ووفق بيانات صندوق النقد وتريدينغ إيكونوميكس ومعهد الإحصاء التونسي، سيسجل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 13.6 ألف دولار.

وتشير المعطيات الرسمية إلى أن الحد الأدنى للأجور يبلغ 175 دولارا شهريا، ووصل معدل البطالة خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 16 في المئة.

وتظهر مؤشرات نمبيو، وهي منصة أميركية تتابع الأوضاع المالية والمعيشية للمواطنين في مختلف بلدان العالم، فإن الأسرة التونسية المكونة من أربعة أفراد تصل تكاليف مصاريفها الشهرية إلى أكثر من 1200 دولار باستثناء الإيجار.

في المقابل، تقدر التكاليف الشهرية للفرد الواحد بنحو 338.5 دولار دون إيجار مسكن، وهذا يعني أن ثمة عجزا على مستوى الدخل وهو ما يجعل الناس تواجه صعوبات، وبالتالي تدهورا في قدرتهم الشرائية.

وتسعى الحكومة إلى تقليص العجز المالي خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ثم 3.9 في المئة نهاية عام 2026، في مقابل نحو 7.7 في المئة بنهاية العام الماضي.

ولكن يبدو هذا الأمر صعبا بالنظر إلى متطلبات التمويل الكبيرة التي تحتاجها الدولة، رغم أن السلطات تحاول إثبات جدوى خططها البديلة عبر الاقتراض المباشر من البنك المركزي وعقد بعض الاتفاقيات الثنائية.

وتتوقع الحكومة في الميزانية الحالية أن تصعد تكاليف خدمة الدين إلى 14.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، من 13.1 في المئة خلال العام الماضي، و10 في المئة بنهاية 2022.

ومن المرجح أن يصل تراكم الدين العام هذا العام إلى نحو 45.8 مليار دولار، أي نحو 79.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من نحو 41.5 مليار دولار مقدرة في 2023 بما يعادل 80.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

10