المركزي التركي يغامر بتثبيت الفائدة مرة أخرى

أنقرة - اعتبر خبراء أن إبقاء البنك المركزي التركي أسعار الفائدة على ما هي عليه للشهر السابع على التوالي خطوة محفوفة بالمخاطر، وهي تنم عن مغامرة غير محسوبة العواقب في ظل حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي.
وثبّت المركزي الخميس الماضي الفائدة عند 14 في المئة، والتي كان قد أقرها في ديسمبر 2021، حيث يعتقد مجلس إدارته المدفوع بخطة يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان، بأن تدابيره الاحترازية ستكون كافية لدعم الليرة المنهارة وكبح الأسعار.
وتمكنت الحكومة من رفع تكلفة المال دون التزحزح عن سياستها النقدية المتساهلة للغاية، واتخذت نهجا ملتويا يعتقد المركزي بأنه سيسمح لها بإبقاء الفائدة دون تغيير لفترة أطول.
ووصل الفرق بين معدلات القروض التجارية والمعيار القياسي لسعر الفائدة لدى المركزي إلى مستوى قياسي هو الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات في 2011.

إنفير إركان: التضخم المرتفع لا يزال يحفز على استخدام القروض
ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التغيرات في السياسات الاحترازية الكلية وسياسات الضمانات المطبقة في الأشهر الأخيرة لخفض الطلب على الائتمان.
وفي حين لا يُبذل الكثير من الجهد لتهدئة الإقراض، فإن الجهود توفر المزيد من الوقت للمركزي وسط تعرض الليرة لضغوط، وارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين.
وتتناقض السياسة النقدية التركية مع التحول العالمي نحو التشدد النقدي القوي عبر زيادة أسعار الفائدة، ما يترك تركيا مع أعمق معدل سلبي للفائدة في العالم عند تعديله وفق مؤشر التضخم، فيما يتصاعد نمو الأسعار ليقترب من خانة المئة.
ومع إبقاء أسعار الفائدة ثابتة طوال العام، كان محافظ المركزي شهاب قاوجي أوغلو يعتمد بدلا من ذلك على التدابير الاحترازية الكلية، مثل الزيادات في أوزان المخاطر ومضاعفة متطلبات الاحتياطي في البنوك للقروض المقومة بالليرة.
ويلقي قاوجي أوغلو باللوم في الوضع على الاضطرابات الخارجية. وقال في بيان إن “المخاطر الجيوسياسية التي يتصاعد تأثيرها، سارت في اتجاه سلبي خلال النصف الأول من 2022، ما تسبب في إضعاف النشاط الاقتصادي العالمي”.
وتباطأ معدل نمو الإقراض السنوي لمدة 13 أسبوعا عند تعديله وفقا لتقلبات أسعار الصرف في الأسابيع الأخيرة، لكنه ظل أعلى من 40 في المئة اعتبارا من مطلع يوليو الجاري، وهو أعلى بنحو خمس مرات مما كان عليه في الفترة نفسها من 2021.
في المقابل، ارتفع متوسط سعر الفائدة على القروض التجارية كل أسبوع منذ منتصف مايو الماضي ليقترب من 30 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ أزمة العملة في أواخر عام 2018.
ويرى محللون أن الخطوات الاحترازية الكلية الأخيرة قد تؤدي إلى خفض الأموال القابلة للإقراض أو تقليص الطلب على القروض على المدى القصير.
ولكنهم أشاروا إلى أن على المدى الطويل، ومن دون الارتكاز على موقف متشدد من السياسة النقدية، فإنّ هذه الإجراءات لن تكون قادرة على دعم الليرة أو ضمان استقرار الأسعار.
وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تحذرت من أن "تدخل الحكومة التركية يزداد في السياسات الاقتصادية التي لا يمكن التنبؤ بها"
وقال إنفير إركان، كبير الاقتصاديين في تيرا ياتريم، إن الطلب على القروض “لن يكون من السهل” كبحه، لأن متوسط فائدة القروض التجارية ظل يعادل نصف وتيرة النمو بالنسبة لأسعار المستهلك.
وأضاف لوكالة بلومبرغ أن “التضخم المرتفع لا يزال يحفز على استخدام القروض”.
ومع توقف تحريك سعر الفائدة للشهر السابع، يقترب التضخم من مستوى 80 في المئة، وتفقد الليرة ما يقرب من ربع قيمتها مقابل الدولار هذا العام.
وتسببت الخطوة في تسجيل الليرة أدنى مستوى لها منذ بداية هذا العام، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأميركي في التعاملات اليومية عقب قرار المركزي 17.67 ليرة.
وتعد العملة التركية الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة، حتى مع تطبيق تركيا لإجراءات مصممة لكبح طلب الشركات على العملات الأجنبية.
ورفع أسعار الفائدة ليس على جدول الأعمال في أغلب الأوقات، بسبب أردوغان الذي يعد من أشد المدافعين عن الاعتقاد غير التقليدي بأن معدلات الفائدة المنخفضة ستحد من التضخم، وقد أقال ثلاثة محافظين للمركزي في السنوات الأربع الماضية لعدم اتباع نهجه.
وحذرت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية الأسبوع الماضي من أن “تدخل الحكومة التركية يزداد في السياسات الاقتصادية التي لا يمكن التنبؤ بها”.
وأضافت أن السياسات الاقتصادية التركية “لم تفشل فقط في جذب تدفقات رأسمالية جديدة لتمويل عجز الحساب الجاري وتخفيف ضغوط ميزان المدفوعات، بل قد تضر أيضا بالثقة، مما يخلق مخاطر على استقرار الودائع أو التمويل الخارجي”.