المرشدون السياحيون يعودون إلى عملهم وفق شروط كورونا

يتلمس عدد من المرشدين السياحيين البريطانيين طريقهم في عودة حذرة لنشاطهم المتوقف منذ أشهر بسبب انتشار فايروس كورونا، وانطلقوا في تنظيم جولات سياحية محتشمة مشددين على السياح، وأغلبهم من بريطانيا، أن يلتزموا بإجراءات السلامة للوقاية من الجائحة.
لندن- يتوجه جويل روبنسون الذي درس التمثيل لكنه شغوف بالتاريخ إلى المجموعة التي يرافقها في جولة سياحية بشرق لندن يتمحور موضوعها حول “جاك السفّاح”، فيخاطب أفرادها ممازحاً “لا أدري إذا كنتم تعلمون، لكننا نشهد حاليا جائحة”.
ولا يلبث روبنسون، الذي يعمل مع شركة “لندن وذ إيه لوكل”، بعد هذه المقدمة أن يوضح للمشاركين التسعة في الرحلة قواعد التباعد الاجتماعي المطلوب اتباعها، ويدعوهم إلى وضع الكمامات والقفازات، مع أنه، شخصيا، لا يضع هذه ولا تلك، ثم يقدّم شرحاً عن برج لندن، موقع لقاء المشاركين وانطلاق الرحلة.
وعبر الأزقة المضاءة جيدا في عصرنا والتي تنتشر على جوانبها مبان جديدة، يقود روبنسون المشاركين على خطى مجرم منطقة وايت تشابل الذي قتل خمس نساء عام 1888 ولم تُعرَف هويته يوما.
وعلى غرار روبنسون، يعاود المرشدون السياحيون في لندن عملهم بخجل، لكنهم يحرصون على تكييف خدماتهم مع القواعد الصحية الخاصة بجائحة كورونا، وإلى أن يراعوا توقعات الزبائن الذين باتت غالبيتهم من البريطانيين، فإضافة إلى التدابير الصحية التي تحدّ من عدد المشاركين في الرحلات، طاول التغيير خصوصا جنسية هؤلاء منذ الإحياء التدريجي للجولات السياحية بعد تخفيف إجراءات الحجر.
وقالت المرشدة السياحية أوليفيا كالفرت “العزل الإلزامي الذي تفرضه بريطانيا على المسافرين الوافدين إليها من عدد من الدول، يثني السياح الأجانب عن زيارة لندن، مما جعل نسبة البريطانيين من بين المشاركين في الرحلات السياحية تصل إلى 80 في المئة.. في حين كانت نسبة الأجانب 90 في المئة قبل كورونا”.
ويعكس نك غارنر وزوجته آن هذا التحوّل الجذري، فالرجل والمرأة الخمسينيان وصلا حديثا من إحدى ضواحي مانشستر لقضاء عطلة مدتها أسبوع في العاصمة لندن. وأكدت غارنر بعد انتهاء رحلة اكتشاف الفاتل اللندني “لولا كوفيد – 19، لكنّا على الأرجح سافرنا إلى الخارج”.
وتشكل رحلة “جاك السفّاح” إحدى الرحلات الأكثر شعبية لدى شركة “لندن وذ إيه لوكل”، إلى جانب رحلة هاري بوتر، وأخرى في حي سوهو الشهير. وأشارت كالفرت إلى أن “البريطانيين يعرفون المعالم الشهيرة في لندن، ويريدون اكتشاف أمور أخرى” خلال زيارتهم العاصمة.
ويشاركها الاستنتاج عينه المرشد السياحي المستقل أنتوني روبنز الذي يتعاون مع شبكة “بلو بادج” (الشارة الزرقاء) الراقية، فالرحلات توقفت من وستمنستر إلى قصر باكنغهام، ومن القصر إلى “تاور بريدج”، نظرا لانعدام الطلب عليها.
فالرحلة التي نظّمها روبنز، الثلاثاء، وهي الأولى له منذ شهر مارس الماضي، وقد رافقه خلالها سيدة شابة وأمها، تمحورت مثلا حول موضوع المطبخ، وشملت عددا من مطاعم لندن ومتاجر الحلويات فيها. وأفاد روبنز “نكيّف طريقة عملنا لأننا مضطرون إلى ذلك”، مضيفا “الزبائن المحليون هم الذين يريدون ذلك”.
وإذا كان بعض المرشدين السياحيين تمكنوا من معاودة نشاطهم، فإن الوضع لا يزال مقلقا للكثير من هؤلاء العاملين في القطاع السياحي، ومعظمهم مستقلون ويعوّلون على نشاط المتاحف الكبرى.
فمن شركة “لندن وذ إيه لوكل”، عاود ستة مرشدين سياحيين فحسب عملهم، ويبلغ عدد رحلاتهم أسبوعيا نصف ما كان عليه سابقا. ولم تعاوَد مثلا الجولات باللغة الإسبانية، نظرا إلى أن بريطانيا وضعت إسبانيا منذ يوليو الماضي على لائحة الدول التي على المسافرين الآتين منها تنفيذ فترة عزل إلزامية.
العزل الإلزامي الذي تفرضه بريطانيا على المسافرين الوافدين إليها من عدد من الدول، يثني السياح الأجانب عن زيارة لندن
وقال بيبي مارتينيز، وهو أيضا مرشد سياحي مستقل يحمل الشارة الزرقاء “نظمت 46 رحلة في يونيو 2019. أما خلال الشهر نفسه من السنة الجارية، فلم أستطع أن أنظّم سوى ثماني رحلات فحسب، علما أن ستّا من هذه الرحلات كانت افتراضية”، من خلال تطبيق الفيديو.
وترك غياب السياح الأميركيين أيضا للسبب نفسه فراغا ملحوظا وفوّت على المرشدين السياحيين أرباحا كبيرة، نظرا إلى أن لدى هؤلاء السياح ثقافة البقشيش.
وتوقعت هيئة تشجيع السياحة في بريطانيا “فيزيت بريتين” الثلاثاء أن يبلغ الانخفاض في عدد السياح في 2020 نسبة 73 في المئة، وأن يصل الربح الفائت 24 مليار جنيه إسترليني.
ونبّه المجلس العالمي للسفر والسياحة الأربعاء من أن ثمة خطرا على وظائف ثلاث أرباع العاملين في القطاع السياحي البريطاني الذين يبلغ عددهم الإجمالي نحو أربعة
ملايين.