المرشحون لانتخابات نقابة الصحافيين التونسيين: غابت عنهم البرامج وحضرت الخصومات

لا يزال الصحافيون في تونس ينتظرون إلى حد الآن برامج المرشحين لعضوية المكتب التنفيذي المقبل للنقابة الوطنية للصحافيين، على الرغم من أنه لا يفصلنا عن موعد المؤتمر سوى ثلاثة أيام، الأمر الذي يمثل علامة سيئة بشأن الرهانات المعلقة على هؤلاء.
تونس - يشعر الصحافيون في تونس بالإحباط حيال المرشحين لعضوية المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين، حيث لم يقدم أي منهم برنامجه أو رؤيته حول كيفية التعاطي مع التحديات التي تواجه القطاع، فيما انخرط بعضهم في حملات تشويه للمنافسين.
وتستعد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين لعقد مؤتمرها السادس يومي الجمعة والسبت المقبلين، في العاصمة تونس، وإلى حد مساء الاثنين لم يجر الإعلان عن أي من القائمات أو البرامج التي يطرحها المرشحون.
ويرى الصحافيون أن المشهد الحالي لا يبشر بمؤتمر ناجح يقطع مع المؤتمرات السابقة التي أفرزت مكاتب ضعيفة لم تكن على قدر التطلعات، معتبرين أن الوضع القائم يوحي بأن الأمور تتجه من سيء إلى أسوأ، وهو ما قد يقود إلى مقاطعة واسعة للاستحقاق المهم، والذي كان الكثيرون يرونه فرصة لتصحيح مسار العمل النقابي بالتركيز على القضايا المباشرة التي تهمّ صحافيي تونس.
وأعرب عدد من الصحافيين عن امتعاضهم من عدم طرح أي من المرشحين لبرامج حتى الآن، ومن حملات التشهير الجارية. وقالت الصحافية ريم بوقرة “بلغني أن عددا من المرشحين للمؤتمر سقطوا سقطة أخلاقية وعمدوا إلى تشويه منافسين لهم بنعوت وألفاظ تمس من سمعتهم وكرامتهم. أمر لا يروم عقلي تصديقه. ما هذا؟ كيف يسمح صحافي أو صحافية لنفسه أو لنفسها بالتعدي على كرامة زميله أو زميلها”.
وأضافت بوقرة في تدوينة على فيسبوك “استفيقوا يا معشر الصحافيين واختاروا جيدا من يمثلكم ولا تنساقوا وراء غوغاء مدبرة بليل. أقول كلامي هذا وأنا التي أعشق هذه المهنة ومقتنعة بأن كل صحافي سلاحه كرامته وصدقه قبل قلمه وحنجرته. أرجو أن يترفع الزملاء عن مثل هذه الممارسات ويتنافسوا باحترام. ما هكذا تورد الإبل يا…، أعراض الناس ليست سلما للصعود إلى النقابة”.
وقال الصحافي محمد أمين بن هلال “أتابع الكلام الذي يروج هذه الأيام، ويبدو أننا مازلنا ‘نرحيو’ في الماء (نحفر في الماء) حيث لا توجد حتى الآن برامج للنقاش، وبات القطاع ككل كما سيزيف يقدم خطوة ويتراجع عشر خطوات إلى الوراء ومازلنا نتحدث عن مسائل مثل الوضعيات الاقتصادية التي من المفروض أنها أصبحت محسومة”.
ونشرت الإعلامية وصال الكسراوي تدوينة على فيسبوك جاء فيها “مازلت أنتظر أفكارا وبرامج للمرشحين كي أطلع عليها لعلني أندم وأقول ظلمت النقابة وأتراجع عن موقفي لو أجد من يتحرك ضد الدخلاء والرداءة وضد دكاكين التكوين والمتحيلين الذين يقدمون شهائد بتواطؤ من بعض الصحافيين”.
وتساءلت الكسراوي في تدوينتها “لماذا لا يتم تغيير صلاحيات النقابة على أساس عمادة تشطب وتعاقب وتجمد مثل المحامين والمهندسين والأطباء؟ لسنا طلاب تشريكنا في التكوين ولا طالبين تجيبولنا (أن تحصلوا) حقوقنا الاجتماعية وأجورنا تو ربي يفرج علينا (فإن الله سيفرّج عنا) والي المفروض تكون أولوية (وهي ما يُفترض أن يكون أولوية)”.
وعلقت الصحافية حليمة السويسي “بما أن مطلبنا في معرفة القائمات وبرامج المرشحين غير مستجاب هل يمكن طلب ونشر قائمة المنخرطين ومؤسساتهم، على الأقل واحد يحضر نفسه في من سيطعن (كي يعرف الواحد منا في من سيطعن) حيث أنه حتى صفحة أحباء ميريام فارس مكنوها من انخراط”.
الصحافيون يرون أن المشهد الحالي لا يبشر بمؤتمر ناجح يقطع مع المؤتمرات السابقة التي أفرزت مكاتب ضعيفة لم تكن على قدر التطلعات
وتعكس تدوينات الصحافيين حالة من الشعور بخيبة الأمل في إمكانية حصول تغيير إلى الأحسن واختيار مكتب تنفيذي فاعل وقادر على التعامل مع الوضع المتردي للقطاع، ويكون مفاوضا جيدا مع السلطة السياسية حول حقوق الصحافيين.
ويتوقع كثيرون أن يلقى المؤتمر المقبل مقاطعة من قبل الكثير من الصحافيين، الذين يرون أنه لا أمل في الإصلاح في ظل المشهد الراهن، وإن كان هذا الخيار يبقى سلبيا، ولن يقود في النهاية إلى استعادة نقابة الصحافيين لاعتبارها.
وقال الصحافي علي بوشوشة، مسؤول الإعلام والاتصال سابقا في نقابة الصحافيين، إنه لا يزال ينتظر مثل باقي الزملاء برامج المرشحين لعضوية المكتب التنفيذي، مبديا عدم تبنيه لخيار المقاطعة وإن كان يتفهمه.
ولفت بوشوشة إلى أنه “قبيل كل مؤتمر هناك نوع من النقاش العام يفتح، لكن للأسف النقاش قبيل المؤتمر السادس حاد عن الجوهر”.
وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أنه “توجد مجموعة صغيرة من الصحافيين أعلنت عن قرارها مقاطعة المؤتمر، من بينها الزملاء في إذاعة ‘شمس أف أم’ المحبطين بسبب عدم نجاح النقابة في تسوية وضعياتهم”، وأن هناك محاولات تجري للعدول عن موقفهم.
من المتوقع أن يلقى المؤتمر المقبل مقاطعة من قبل الكثير من الصحافيين، الذين يرون أنه لا أمل في الإصلاح في ظل المشهد الراهن
وقال بوشوشة إن خيار المقاطعة لا يبقى حلا “إذا أردنا إعادة النقابة كمنظمة جامعة لأبنائها”، مشيرا إلى أن “النقابة كانت في محطات سابقة قاطرة للمجتمع المدني، لكن للأسف خلال الفترة النيابية الأخيرة تحولت إلى هيكل سياسي تمر عبره رسائل معادية للسلطة وللرئيس (قيس سعيد)”.
وشدد المسؤول السابق في النقابة “لا نريد نقابة معادية من أجل العداء ولا نريد نقابة تكون واجهة لأحزاب سياسية، نريد نقابة تعود إلى الصحافيين، وتقوم بدورها الأساسي في خدمة أبنائها وحقوقهم”.
وأضاف “نريد أن تكون لدى أعضاء المكتب التنفيذي خبرة في العمل النقابي حيث سبق وأن جربنا زملاءنا في المكتب الحالي الذين لم يمروا بالخطوات التمهيدية في لجان النقابة أو فروعها، وهو للأسف ما جعل قراراتهم مرتبكة وتفتقد للخبرة”.
ولفت بوشوشة إلى أن “بعض المرشحين الحاليين لديهم الخبرة والمهنية، ولديهم التجربة وتقنيات التفاوض التي نحن في أمس الحاجة إليها، وهم قادرون على افتكاك الحقوق، وكسر العزلة التي تعانيها النقابة”.
وأعرب عن أمله في أن يركز المكتب التنفيذي المقبل على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وأيضا على خلق حالة ضغط من أجل مراجعة بعض المراسيم والقوانين على غرار مرسوم 54، الذي يهدد كل من يخالف السلطة في الرأي.
وتأسست النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في الثالث عشر من يناير 2008. لكن العمل الجمعياتي للصحافيين التونسيين يعود إلى الستينات حيث أسسوا عام 1962 أول هيكل لهم هو الرابطة التونسيّة للصحافة التي تحولت عام 1969 إلى جمعية الصحافيين التونسيين.
ويدير النقابة لمدة ثلاث سنوات مكتب تنفيذي متركب من تسعة أعضاء ينتخبهم الأعضاء العاملون والحاملون وجوبا لبطاقة انخراط سنة المؤتمر، والذين يتجاوز عددهم الألف وستمئة منخرط.