المرجعية الشيعية العليا في العراق مستعدة للتدخل في الأزمة تفاديا للأسوأ

بغداد – حسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر موقفه لجهة عدم المشاركة في العملية السياسية، مع من أسماهم بـ”الفاسدين”، ليقطع بذلك الطريق أمام محاولات لإقناعه بالعدول عن موقفه، وسط مخاوف من أن تفضي هذه المقاطعة إلى تبعات خطيرة لاسيما على السلم الأهلي في العراق.
وبعد فترة طويلة من الانكفاء والامتناع عن التدخل، أصدرت المرجعية الدينية الأعلى للشيعة الخميس موقفا يعكس هواجس الشارع العراقي، مبدية استعدادها للتدخل إذا ما اقتضى الأمر ذلك.
وأكد ممثل المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، أحمد الصافي أن المرجعية العليا “حاضرة وتراقب المشهد”، فيما أشار إلى أن “من يتوقع انتهاء الفتنة واهم”.
جاء ذلك في كلمة ألقاها في مهرجان “فتوى الدفاع المقدس الثقافي السادس”، الذي تقيمه العتبة العباسية في مدينة كربلاء بمناسبة ذكرى فتوى “الجهاد الكفائي” التي أطلقها المرجع السيستاني لمواجهة تنظيم داعش في العام 2014.
وقال الصافي إن “المرجعية العليا حاضرة وهي تراقب المشهد وحذرت من أمور كثيرة تتعلق بالبلد”، مضيفا “من يتوقع انتهاء الفتنة في العراق فهو واهم ونحتاج إلى البصيرة في هذا الموضوع”.
وتابع أن “من أخطر المسائل عندما يقل وعي الناس وتزداد شيطنة من بيده الأمر”، مشيرا إلى أن “الأمة التي تغلق آذانها ستقع في المستنقع”.

أحمد الصافي: من يتوقع انتهاء الفتنة في العراق فهو واهم
ويرى مراقبون أن تصريحات ممثل السيستاني تمهد لتدخل منتظر من الأخير بين الفرقاء الشيعة، على الأقل لضمان سلاسة إنجاز الاستحقاقات الدستورية المتبقية في علاقة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.
وكان الصدر وجه كتلته النيابية في البرلمان العراقي بتقديم استقالاتهم من البرلمان، بعد أن نجح خصومه في الإطار التنسيقي، الذي يضم قوى شيعية موالية لإيران، في تشديد محاصرته ومنعه من الاستفراد بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية” كان يتطلع إليها.
وأحدثت استقالة الكتلة الصدرية رجة كبيرة في الساحة العراقية، ولئن يعتبر خصوم الصدر من الإطار ولاسيما زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن المجال بات مفتوحا للسيطرة على دفة العملية السياسية، إلا أن مراقبين يرون أن الأمور ليست بالسهولة المطروحة على الرغم من امتلاك الإطار للكتلة الأكبر حاليا في البرلمان.
ويشير المراقبون إلى أن الصدر لن يقف مكتوف الأيدي ويسلم بهزيمته، وأنه سيعمد إلى ممارسة كل الضغوط الممكنة لجهة تعطيل الخصوم، لافتين إلى أنه من غير المستبعد أن يذهب في اتجاه تحريك الشارع، في ظل وجود أرضية مهيأة لذلك، بسبب الأزمة المعيشية وغياب أي تحسن على مستوى الخدمات.
وقال النائب عن تحالف الفتح محمد كريم البلداوي الخميس إن الفرصة متاحة الآن أمام الإطار التنسيقي باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة.
وقال البلداوي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “حسم التيار الصدري لقضية الاستقالة بعدم عودتهم مطلقا يعني أن الإطار هو الكتلة الأكبر داخل البرلمان مما يضع على عاتقه الأخذ بزمام الأمور وتشكيل الحكومة”.
واعتبر أن “المرحلة المقبلة تحتم على جميع الأطراف الوصول إلى اتفاق سياسي يبدأ بإكمال الإجراءات الانتخابية وتشكيل الكتلة الأكبر واختيار رئيس الجمهورية والوزراء في ما بعد، خاصة بعد أن ترك التيار الصدري الفرصة لهم للمضي بتشكيل الحكومة”.
وذكر مصدر في الإطار التنسيقي في وقت سابق لوكالة “شفق” بأن الإطار وحلفاءه سيعقدون اجتماعا مع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي خلال الأيام المقبلة، لحسم بدلاء نواب الكتلة الصدرية المستقيلين.
وأشار إلى أن “الإطار التنسيقي سيبدأ الأسبوع المقبل حراكا مع جميع القوى حيث من المؤمل عقد اجتماع يضم الإطار وحلفائه مع قيادات وزعماء تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني للوصول إلى تفاهمات تفضي لتشكيل حكومة قوية تمثل تطلعات الشعب”.