المراجعات الفكرية توجه موريتاني لاحتواء التكفيريين

نواكشوط - أفرجت السلطات القضائية الموريتانية الجمعة عن ثمانية سجناء متشددين ينتمون إلى التيار السلفي الجهادي بعد سنوات قضوها في السجن وصدر بحقهم عفو رئاسي.
وأوضحت مصادر قضائية أن السجناء الثمانية شاركوا خلال شهر رمضان الماضي في حوار ومراجعات فكرية تمت معهم داخل السجن وقادها علماء وفقهاء وأئمة لإقناعهم بالتراجع عن الفكر الجهادي.
ومن بين السجناء محكوم عليهم بالسجن بعقوبات وتهم تتعلق باعتناق فكر الإرهاب والتشدد والجنوح للعنف والمساس بأمن الدولة ومؤسساتها ومذهبها المالكي الأشعري المعتدل.
وشمل هذا العفو الرئاسي التقي ولد يوسف، سيدي محمد ولد الحاج، محمد الأمين ولد أحمد القاسم، الشيخ ولد لمهابة، الخضراوي ولد السويدي، الحسين النجار (سوري الجنسية)، محمد الشريف ويعقوب ولد إبراهيم.
ويأتي الإفراج عن هذه المجموعة بعد حوار عقائدي أجراه معهم داخل السجن عدد من العلماء الموريتانيين برئاسة العلامة محمد المختار ولد امباله.
موريتانيا سبق لها الإفراج عن العشرات من المتشددين الإسلاميين في سجونها بناء على مراجعات فكرية مماثلة
وسبق لموريتانيا الإفراج عن العشرات من المتشددين الإسلاميين بناء على مراجعات فكرية مماثلة.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها ربما تكون تمهيدا لحوار آخر بين الدولة والسلفيين، وهو حوار قد يسفر عن نتائج من شأنها تخفيف حدة الصراع بين الجانبين، وترجو الدولة من ورائه أن يكون عبرة لمن بقوا حتى الآن وراء القضبان ممن يوصفون بأنهم الجناح المتشدد للسلفيين الموريتانيين.
وواجهت الحكومة الموريتانية التحدي الجهادي باللجوء إلى عدد من الإجراءات “الصلبة” ومنها التوقيفات والمداهمات وتطوير قدرات عسكرية واستخباراتية جديدة، وتعزيز السيطرة الحدودية، وزيادة التعاون مع الولايات المتحدة والدول الإقليمية المجاورة على السواء. لكنها نقلت المعركة أيضاً إلى مضمار العلوم الفقهية والعقيدة لإقناع الجهاديين المسجونين بعدم شرعية العنف ضد الدولة.
ومن خلال اتباع هذه المقاربة “الناعمة” لمكافحة الإرهاب، عبّأت الدولة بيروقراطيتها الدينية بتنظيم جلسات طويلة من الحوار والنقاش وإعادة التلقين العقيدي مع الجهاديين، مع برامج لمساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع.
ورغم ذلك فإن شبح الجهادية العنيفة لم يتبدّد. ومما لا شك فيه أن موريتانيا ليست قاعدة لتنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من التكهنات التحذيرية في هذا الصدد. كما أن نسبة الشباب الموريتانيين الذين يلتحقون بالجماعات الجهادية في الخارج تراجعت في الأعوام الماضية.
غير أن الأطراف الجهادية تستمر في استغلال وسائل الإعلام غير الخاضعة للتنظيمات، وتستخدم أراضي البلاد بمثابة ممرّ وقاعدة لوجستية.