المرأة مكانة وقضية في مسرح الكاتب إسماعيل عبدالله

كاتب مسرحي إماراتي يخط لنفسه اسما كبيرا من خلال الكتابة.
الخميس 2023/02/02
المرأة دائمة الحضور في مسرح إسماعيل عبدالله (مسرحية صهيل الطين)

الكويت - يعرف الكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبدالله على نطاق واسع لدى المسرحيين وخاصة العرب منهم، ففي مسيرته العشرات من المؤلفات المسرحية ومثلها جوائز من أهم المهرجانات العربية والخليجية، لكنه أيضا تقلد العديد من المناصب المهمة في المسرح والتلفزيون والتي منحته إشعاعا وعرفت بكتاباته المسرحية وأسلوبه وحتى مدرسته في التأليف. وهو أحد أكثر المسرحيين العرب حصولا على جوائز لأحسن مؤلف مسرحي.

ولتحليل كتاب المؤلف المسرحي الإماراتي من زاوية مختلفة، اختارت الدكتورة والباحثة الكويتية نرمين الحوطي أن ترصد في كتاب يقع في حوالي 325 صفحة، المرأة وأوجه حضورها في مسرح إسماعيل عبدالله عنونته بـ”صورة المرأة في مسرح إسماعيل عبدالله”.

الكتاب تناول في جزء منه قضايا المرأة وأبعاد شخصياتها، وأنماط صورها المطروحة ضمن البنية النصية للمسرحية
الكتاب تناول في جزء منه قضايا المرأة وأبعاد شخصياتها، وأنماط صورها المطروحة ضمن البنية النصية للمسرحية

والكتاب صدر حديثا عن دار نشر إضاءات ويأتي في ثلاثة فصول تتحدث بشيء من التفصيل عن حضور المرأة في نسق الأعمال الإبداعية، رغم تأثر مكانتها الاجتماعية بالثقافة التقليدية للمجتمع الذي نبعت منه؛ حيث تأثرت المكانة الاجتماعية للمرأة تأثراً كبيرا بالظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، كما ساهمت ثقافة المجتمع في تكوين الصورة الذهنية للمرأة ليس عند الرجال فقط، بل عند المرأة ذاتها. لذلك ترى الدكتورة نرمين أن صورة المرأة في المسرح من الموضوعات التي تحتاج إلى نفسها.

دراسات متأنية ومستمرة، حيث يمكن أن يُسهم المسرح بدور فعال في تغيير صورة المرأة لدى أفراد المجتمع من خلال تقديم نماذج إيجابية يمكن للنساء الاقتداء بها، وتكسب المرأة كذلك الفهم الصحيح لمكانتها ودورها في الحياة، والتي معها تتغير النظرة المجتمعية لها. لهذا ترى المؤلفة أن قضايا المرأة في المسرح وكيفية عرضها لا يزالان موضوع شد وجذب بين المسرحيين في جميع أنحاء العالم.

وحول اختيار موضوع الكتاب ترجع الدكتورة نرمين ذلك إلى عدة أسباب؛ منها ما هو ذاتي مثل الميل إلى دراسة كل ما له علاقة بالمرأة إنصافا لها، فلن يعبر عن المرأة أكثر من المرأة. ومنها ما هو موضوعي مثل قلة الدراسات التي تولى المرأة في المسرح اهتماما، بالإضافة إلى كثافة الإبداع المسرحي للكاتب إسماعيل عبدالله الذي تناول مكانة وصورة وقضايا المرأة ضمن نصوصه الإبداعية. ومما يؤكد ذلك رد إسماعيل عبدالله ذاته على تساؤل أحد المتدخلين في الندوة التطبيقية لعرض “حرب نعل” حول ما إذا كان العمل يكرس اتهامه بأنه دائماً ينحاز إلى حضور المرأة في مجمل أعماله، على نحو يكاد يكون مبالغاً فيه، فيرد بقوله “إذا كان الأمر كذلك، فيشرفني أن أكون نصيراً للمرأة”.

وقد قسمت الدكتورة نرمين الكتاب إلى مجموعة من الفصول، في الفصل الأول استعرضت عبر بانوراما تاريخية الإرهاصات الأولى لظهور المرأة في المسرح عبر العصور، بدءا من إشكالية المصطلح بين المسرح النسوي ومسرح نصرة المرأة ثم ظهورها في المسرح الإغريقي، والمسرح الروماني القديم، مرورا بمسرح العصور الوسطى، ثم المسرح العالمي، والمسرح العربي، وصولا إلى المسرح في منطقة الخليج العربي، وأخيرا اختتمت الفصل بصورة المرأة في المسرح الإماراتي.

وجاء الفصل الثاني تحت عنوان “مسرح إسماعيل عبدالله”، وتضمن عدة عناوين فرعية عرض أولها بطاقة تعريفية للمؤلف إسماعيل عبدالله بعنوان “سيرة ومسيرة”، ثم تحليل نماذج عديدة من إبداعاته المسرحية، من خلال ملامح وسمات عديدة، منها دلالات اختيار عنوان المسرحية وكذلك أسماء الشخصيات والبنية النصية والبناء الدرامي والوحدات الثلاث في كتابات إسماعيل عبدالله، وسمات الكتابة بين المشهدية والفرجة والتحريض والمسرحة، واستلهام التراث في مسرحياته (المعتقدات، والأمثال والحكايات والأغنيات، والشعر) والعلاقات الزمانية والمكانية، إضافة إلى ملامح التأويل والترميز، ولغة الكتابة في مجمل أعماله الإبداعية.

كاتب مسرحي موهوب
كاتب مسرحي موهوب

وختاما جاء الفصل الثالث والأخير بعنوان “صورة المرأة في مسرح إسماعيل عبدالله”، متناولا قضايا المرأة وأبعاد شخصياتها، وأنماط صورها المطروحة ضمن البنية النصية للمسرحية.

واختتمت الدكتورة نرمين مؤلفها بنتائج تحليل الأعمال الإبداعية للفصول الثلاثة من خلال كتابات إسماعيل عبدالله المسرحية، وتقييم صورة المرأة ضمن أعماله الإبداعية.

ويذكر أن بداية رحلة إسماعيل مع الإبداع المسرحي كانت في خورفكان، حيث ولد فيها عام 1963، والتي هاجر منها مع أسرته طلباً للرزق إلى الكويت ملتحقاً بمدارسها الابتدائية، قبل أن يعود إليها مرة أخرى، لكن بداياته مع فن الكتابة يعود الفضل فيها -حسب قوله- إلى جده الذي علمه اختزال الرسائل.

ودائماً يشير الكاتب الإماراتي الذي استطاع أن يخط لنفسه اسما كبيرا في الفن الرابع إلى صعوبة الكتابة المسرحية، فهي بالنسبة إليه كانت دائما من أصعب صنوف الإبداع المرئي لكنها في المقابل ليست مستحيلة، فمن أهم شروطها القدرة على التقاط الفكرة والسعي الدائم إلى تنمية الخيال بالقراءة والمشاهدة وفهم الواقع المعيش وتعلم الإنصات إلى الآخر.

13