المرأة.. مادة جديدة للتراشق السياسي بين الفصائل الفلسطينية

اجتاحت موجة غضب مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تصريحات جمال نزال الناطق باسم حركة فتح والتي اعتبرت مسيئة للمرأة الفلسطينية، في إطار التناحر السياسي مع حركة حماس التي بدورها تروج للمرأة المقاتلة لمنافسة التيار العلماني.
رام الله - أثار المتحدث باسم حركة فتح الفلسطينية جمال نزال حالة من الجدل بعد حديثه عن تعامل أعضاء حركة حماس مع الفتيات والنساء من فتح، موجّهاً إهانة لسيدات حماس، ما أعاد إلى الأذهان التحديات الاجتماعية التي تعاني منها المرأة الفلسطينية .
وتناقلت مواقع التواصل بكثافة مقطع فيديو لنزال قال فيه إن أعضاء حماس يمارسون ما سماه “تطاولاً” على المرأة التابعة لحركة فتح، لكن عندما يصل الأمر إلى مرحلة الزواج، فهم يبحثون عنها (أي من فتيات فتح). وأضاف “بنت فتح بتوفي بما توعد به من نظافة السيرة والكفاءة والعقل وحسن مكونات القلب وشخصيتها الواضحة وغير المبطنة”.
ووجّه إهانة للنساء التابعات لحركة حماس، ووصفهن بـ”البوم”، وقال “(أعضاء حماس) بيدوروا على أبو بنت فتحاوية وبيبوسوا إيده ويلحسوا الشوارع علشان يوافق على الزواج”.
ويبدو أن نزال كان يرد على حملات إلكترونية تستهدف نساء فتح، لكن تصريحاته أثارت حالة من الغضب بين الفلسطينيين الذين اعتبروا أنه من المعيب والمسيء أن تصدر هذه التصريحات من أي شخص، فكيف إذا كان المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، وقال مغرد:
mechhekk@
الناطق الرسمي باسم حركة فتح جمال نزال، ركزوا (الناطق الرسمي)، يعني أرفع منصب إعلامي داخل حركة فتح، يتطاول بشكل منحط وقذر على المرأة الفلسطينية غير الفتحاوية، ويقول إن بنات فتح يتمتعن بـ(نظافة السيرة، والكفاءة، والعقل، وشخصيتها الواضحة غير المبطنة) على عكس البومة اللي بنتجوها.
وكتب ناشط :
bsharabwsraj@
يا جماعة الخير شو ماله هذا المخلوق شكله مخرفن الناطق الرسمي باسم حركة فتح جمال نزال يتطاول على المرأة الفلسطينية.
وبات العنصر النسائي في حماس يشكل ركناً أساسياً سواءً على صعيد استقطاب باقي النساء لتأييد الحركة، أو القيام بالمهام الاجتماعية وزيارات البيوت، ونشر مفاهيم حماس بين العاملات وطالبات الجامعات عبر الجناح النسائي في الكتلة الإسلامية، الإطار الطلابي لحماس.
وتمتلك نساء حماس قدرة تعبوية وقوة جماهيرية واضحة، ولديهن خطاب ديني مؤثر في عموم الفلسطينيات، خاصة في المناطق الريفية ومخيمات اللاجئين، حيث يتفق الموروث الاجتماعي المحافظ لدى الفلسطينيين مع البعد الديني الذي يغلب على خطاب حماس السياسي.
وتروج حماس في أجندتها للمرأة المقاتلة، رغم فقدانها للكثير من الحقوق الاجتماعية.
وفازت ست من قيادات حماس النسوية بعضوية المجلس التشريعي، وكان واضحاً أن الحركة رشحت النساء في قائمة “التغيير والإصلاح” بناء على نظام “الكوتا” الذي فرض على القوى السياسية تحديد نسبة معينة من مرشحيها من النساء، وليس بالضرورة قناعة من الحركة بأهمية انخراط المرأة في العملية السياسية.
العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المرأة انتقدت مرارا موقف السلطة الفلسطينية "المتردد" في إقرار قوانين تضمن المساواة بين الجنسين
ويقول متابعون إن اهتمام حماس بالمرأة يعود إلى التنافس مع القوى العلمانية، وحاجتها إلى أدوار نسائية، ولذلك دمجت المرأة في أجهزتها التنظيمية بشكل كامل، وليس في قسم منفصل، مع مشاركة واسعة بتنفيذ نشاطاتها، وليس صنع قراراتها ورسم سياساتها.
واعتبر العديد من رواد مواقع التواصل أن كلام نزال وإساءته للمرأة الفلسطينية أيا كان انتماؤها، يعتبران إساءة للحركة، وطالبوا بإقصائه وإبعاده عن فتح وليس فقط عن منصبه كمتحدث باسم الحركة، وعلق أحدهم:
raedamro1@
#جمال_نزال بصفته الوظيفية وليس الشخصية هو ظاهرة معيبة ولا يستحق أن يكون متحدثا باسم #حركة_فتح، يجب لجمه فورا وإبعاده عن المشهد.
وجاء في تغريدة:
mohammedabualan@
وجهة نظر: إساءة بحق حركة فتح أن يبقى جمال نزال يحمل مسمى ناطق إعلامي باسمها.
وذهب آخر من غير القادرين على تصديق هذه التصريحات إلى القول إنها مفبركة وغير صحيحة، وكتب معلق أنها مجتزأة من سياقها:
ustafa_ad@
جايين تقصوا 38 ثانية من أصل 4 دقايق!
روحوا أسمعوا الـ4 دقايق ومحدش يحكم من 38 ثانية.
أصلاً العاقل اللي بلاقيكم قاصين الفيديو وناشرينه، بيروح يبحث عن الحقيقة بصفحة جمال نزال ويسمع الحقيقة كاملة. مش يقصوا على هواهم وينشروا يا جواسيس.
يُشار إلى أنه منذ صيف 2007 تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حماس على قطاع غزة، في حين تحكم السلطة الفلسطينية الضفة الغربية بزعامة الرئيس محمود عباس.
ويرى متابعون أن التناحر السياسي بين الفريقين وصل إلى حد الإساءة للمرأة الفلسطينية وهو انعكاس للنظرة القاصرة لدى البعض في المجتمع ومنهم السياسيون للمرأة ودورها، يضاف إليها الإجحاف التشريعي الذي تعاني منه المرأة الفلسطينية.
ورأى البعض أن ضعف التشريعات الداعمة للمرأة وحمايتها أسهم بخروج مثل هذه التصريحات من قبل نزال وغيره.
وانتقدت العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المرأة مرارا، موقف السلطة الفلسطينية “المتردد” في إقرار قوانين تضمن المساواة بين الجنسين، وتعمل على مواءمة قوانين الأحوال الشخصية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين.
ومنذ عام 2010 يُراوح قانون “حماية الأسرة من العنف” مكانه دون إقراره، بسبب رفض قوى محافظة وعشائرية له، في ظل تردد السلطة الفلسطينية لتبني القانون الذي “سيمنح النساء مشاركة سياسية ومجتمعية إنتاجية واقتصادية أفضل في فلسطين”.