المرأة المغربية تسجل حضورا مهما في السينما المحلية والدولية

أعمال سينمائية ترصد أوضاع النساء داخل المجتمع المغربي وتحاكي التحديات المطروحة أمامهن.
الجمعة 2023/03/10
المرأة ممثلة ومخرجة مهمة

الدار البيضاء (المغرب) - شغلت قضايا المرأة العديد من السينمائيين في المغرب، ودفعتهم إلى كتابة وإنتاج وإخراج أفلام ترتبط ارتباطا وثيقا بها، والأمثلة كثيرة عن الأعمال السينمائية المغربية التي قدمت مواضيع متنوعة ومتعددة تعكس نظرة المجتمع على مر السنوات لقضية المرأة.

لكن المرأة لم تكتف بكونها موضوعا للدرس، فحاولت منذ عقود أن تخوض بنفسها غمار التجربة السينمائية سواء كممثلة أو منتجة أو مخرجة أو تقنية، وضمنت لنفسها حضورا مهما ضمن الفعاليات السينمائية المحلية والدولية.

ومن أشهر المخرجات المغربيات المتميزات فريدة بورقية التي قدمت فيلم “الجمرة” عام 1982، وفريدة بنليزيد في فيلم “باب السماء مفتوح” عام 1987. وتعد فريدة بنليزيد (57 عاما) التي كتبت أول سيناريو لها في فيلم “عرائس من قصب” عام 1981، من أكثر المغربيات غزارة في الإخراج ولها أكثر من خمسة أفلام، آخرها “خوانيتا بنت طنجة” الذي شاركت به في مسابقة المهرجان الأخير.

خلال السنوات العشر الأخيرة انتقل عدد المخرجات إلى ثلاث وعشرين تولين إخراج فيلم طويل واحد على الأقل

وأجمع المشاركون في ندوة نظمت بالدار البيضاء حول موضوع “صورة المرأة في السينما المغربية” على أن المرأة خلال العشرية الأخيرة تميّزت بحضور لافت في المشهد السينمائي المغربي.

 وبالمناسبة، أكد الناقد السينمائي حسن نرايس، خلال هذه الندوة المنظمة من طرف جمعية “صورة للتراث الثقافي” بتعاون مع مقاطعة الحي المحمدي، أن المرأة المغربية تسجل حضورا لافتا في مختلف المهرجانات الدولية، بالرغم من كون مشاركاتها تظل أقل مقارنة بالذكور.

وأبرز أنه إلى حدود ثمانينات القرن الماضي كانت هناك سيدتان فقط تمتهنان الإخراج السينمائي، ويتعلق الأمر بفريدة بورقية وفريدة بنليزيد، لينتقل العدد بعدها خلال السنوات العشر الأخيرة إلى 23 من المخرجات اللواتي تولين إخراج فيلم طويل واحد على الأقل.

وأضاف أن الحضور القوي للمرأة المغربية لا يقتصر على الإخراج فحسب، بل يتعداه باشتغالهن في جميع المهن السينمائية بكفاءة عالية، بما فيها المهن التي كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجال.

وأشار إلى أن إلى حدود تسعينات القرن الماضي، ظلت السينما المغربية تقدم المرأة في صورة المغلوبة على أمرها في مجتمع ذكوري تخضع فيه لسلطة الأب والأخ والزوج، مبرزا أن هذا الواقع تغير خلال العقدين الماضيين.

وعليه، فقد صارت السينما تقدم المرأة المغربية - على حد قوله - في صورة الفاعل الأساسي، والمتواجد بقوة في شتى المجالات، مؤكدا في هذا الصدد أن المرأة المغربية تشارك بقوة وبجدارة في صناعة مستقبل السينما.

وتميزت كل فترة زمنية من تاريخ السينما المغربية بإنتاجات سينمائية ترصد أوضاع النساء داخل المجتمع، وتحاكي طبيعة الظروف الاجتماعية والتحديات المطروحة أمامهن، الشيء الذي ساهم في وجود أفلام تتعامل مع قضايا المرأة من زوايا ووجهات نظر مختلفة.

وقالت فاطمة الجبيع، مخرجة فيلم “سفينة الحقيقة” الحائز على جائزة لجنة التحكيم في المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان، إن بصمتها كامرأة حاضرة في الأفلام التي تقوم بإخراجها.

حضور لافت في المشهد السينمائي المغربي
حضور لافت في المشهد السينمائي المغربي

وشددت على أنها حاولت في آخر أفلامها تسليط الضوء على قضية المرأة المطلقة، مبرزة أنها تتعرض لظلم اجتماعي أو ثقافي أوقانوني.

وتحدثت الممثلة بشرى أهريش عن مرور المرأة (البطلة) في الأعمال الدرامية من المصاحبة إلى الحضور، إذ لم تعد مجرد مصاحبة على الشاشة، بل أصبحت أفلام تحمل أسماءها، كما أصبحت حاملة لثقل الشخصيات في الأعمال الفنية.

يذكر أن هناك أفلاما نقلت صورة المرأة في المدينة وهي صورة مختلفة نوعا ما، حيث ركزت على بعض المشاكل التي تعاني منها النساء، كاشتغالهن أحيانا في ظروف سيئة أو ظاهرة تشغيل الفتيات كما عكسه على سبيل المثال فيلم “الطفولة المغتصبة” للمخرج حكيم النوري.

وفي حين لم تستطع بعض الأفلام (وأغلبها لمخرجين ذكور) تجاوز الصور النمطية حول المرأة، طرحت أفلام المخرجات أسئلة جريئة تدافع من خلالها المرأة عن ذاتها مثل فيلم “آدم” للمخرجة مريم التوزاني وفيلم “أنديغو” لسلمى بركاش، وفيلم “أناطو” للمخرجة فاطمة بوبكدي، وهو ما ساهم في تحرر السينما المغربية من النمطية في التعاطي مع قضايا المرأة، وظهرت في ذلك تجارب واعدة مثل فيلم “نساء الجناح ج” لمخرجه محمد نظيف، وفيلم “مرجانة” لجمال السويسي.

ونجحت أفلام المخرجات المغربيات، المقيمات منهن بالمغرب والمغتربات، في أن تصنع الحدث في العديد من الملتقيات الوطنية والدولية سواء من حيث الإعجاب بأفلامهن أم بتلقي النقد، فقد تناولت بعض الأفلام قضايا حساسة في الوجدان المغربي، منها قضية المثلية التي رأت المخرجة المغربية مريم التوزاني أن من الضروري نقاشها عبر فيلمها “أزرق قفطان” المرشح لجوائز الأوسكار.

ومنحت المخرجات فرصة الظهور لبعض الفئات النسائية المسكوت عن مشاكلهن، من ذلك فيلم “العيون الجافة” لنرجس النجار، والتزمت بعضهن بقضايا الدفاع عن المرأة المغربية مثل فيلم “كيد النْسَا” لفريدة بنليزيد، في حين أثارت المخرجة سعاد البوحاطي في فيلم “فرنسية” مشكلة ذات خصوصية نادرة، تتمثل في إرغام بعض المهاجرين لأبنائهم على العودة إلى البلد الأصل والمكوث به نهائيا، رغم ازديادهم بالخارج.

14