المخرج محمد سعيّد: الدعم السينمائي في تونس لا يلبي طموحات الشباب

فيلم "روبة عيشة" هي التجربة الإخراجية الاحترافية الأولى من نوعها لمحمد سعيّد المختص في التصوير والإضاءة.
الأربعاء 2022/01/12
فيلم مستوحى من الواقع

تونس – يشارك فيلم “روبة عيشة” موفى شهر يناير الحالي في مهرجان كليرمون فيرون بفرنسا ضمن أحد الأقسام الموازية، ويُعرض هذا الأسبوع في “نيويورك موفي أواردز” بحسب ما أفاد مخرجه محمد سعيّد في تصريح له.

و”روبة عيشة” فيلم قصير (28 دقيقة) يقوم بأدوار البطولة فيه كل من الممثل محمد حسين قريع والممثلة فاطمة الفالحي والممثل الطفل “الاكتشاف” يحيى بوستة، إلى جانب عبدالسلام مجدوب وصابر حميصي.

وأعرب سعيّد في اتصال معه عن ارتياحه للنتائج الإيجابية والصدى الكبير الذي ما فتئ يلقاه هذا الفيلم منذ إطلاقه منذ نحو أربعة أشهر، حيث توج بأربع جوائز دولية إلى حد الآن، آخرها فوزه موفى الأسبوع الماضي بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان “بلاك بورد” للفيلم الدولي في الهند.

الفيلم يطرح قضية تمسّ فئة من المجتمع التونسي مقدما قصته في تسلسل للأحداث راوح فيه بين الواقعية والسخرية

 كما هنأ المخرج فريق العمل، المتطوع بشكل كامل، من ممثلين وتقنيين وفريق إنتاج (“أس.في.بي” و”فرتيغو”) بهذه التتويجات التي جاءت نتاج اجتهاد وعمل جدي وإيمان بمشروع تضافرت فيه مجهوداتهم بدعم من عدد من الأساتذة والطلبة في اختصاص السمعي والبصري في المعهد العالي للفنون الجميلة بمحافظة نابل التونسية.

وكان هذا الفيلم قد توج أيضا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة الثالثة من مهرجان القاهرة للفيلم القصير، الذي أقيم من الحادي والعشرين إلى الخامس والعشرين من ديسمبر 2021، كما حاز في شهر ديسمبر كذلك جائزة أحسن فيلم روائي قصير في مهرجان الفيلم القصير بلبنان، من السادس إلى العاشر من ديسمبر. وحصد في نوفمبر الماضي كذلك الجائزة الكبرى للأفلام القصيرة ضمن الدورة العاشرة لمهرجان وجدة للفيلم المغاربي الذي أقيم من التاسع عشر إلى الثالث والعشرين من نوفمبر 2021.

وشارك هذا الفيلم أيضا في نوفمبر الماضي في مهرجان القدس السينمائي الدولي، و”فلورنس فيلم أواردز” ومهرجان برشلونة للأفلام بإسبانيا ومهرجان جائزة “بريزما” المستقلة في روما ومهرجان أبوجا للأفلام.

وتابع جمهور الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية في أكتوبر الماضي فيلم “روبة عيشة” لكنه عُرض خارج المسابقة، حيث ارتأت لجنة التحكيم عرضه ضمن قسم نظرة على السينما التونسية وهو أحد الأقسام الموازية في أيام قرطاج السينمائية.

بكثير من الحماس والفخر يتحدث المخرج الشاب محمد سعيّد عن روح الفريق التي يتميز بها كل من ساهم في هذا العمل من ممثلين وتقنيين بشكل تطوعيّ، مشيرا إلى أنه وأصدقاؤه بصدد إعداد فيلم قصير آخر سيبدأ في تصويره بعد شهر رمضان المقبل وسيكون من إخراج حاتم الفازع صاحب مؤسسة “فرتيغو” التي سبق أن أنتجت أيضا فيلما من تصويره وهو بعنوان “نصف فيلم” لسيف حسناوي (2020) وسيتولى خلاله محمد سعيّد مسؤولية إدارة التصوير.

ويبيّن أنه اختار هو وعدد من أصدقائه من السينمائيين الشبان، العمل معا بعقلية الفريق المتلاحم، والتداول على الإنتاج والإخراج والتصوير لتوفير الفرصة لكل واحد منهم لخوض تجارب متعددة. ويشير في هذا السياق إلى أهمية توفير الفرصة للشباب المختصين في السمعي البصري لخوض مثل هذه التجارب السينمائية التي من شأنها أن تعزز مهاراتهم وتكسبهم ثقة في النفس، علاوة عما تمثله لهم من فرصة للتعريف بقدراتهم في هذا المجال.

المخرج استوحى سيناريو هذا العمل من أحداث عاش على وقعها التونسيون سنة 2013

ويوضح أن تشجيع الشبان يسهّل كذلك نفاذهم إلى عالم الاحتراف خاصة وأن منظومة الدعم (الحصول على دعم الدولة) تتطلب توفر شروط معينة منها الحصول على بطاقة مهنية في الاختصاص والحال أن الحصول على هذه البطاقة يشترط على الأقل إنجاز ثلاثة أعمال سينمائية، وهو ما يجعل السينمائيين الشبان يراوحون أمكنتهم في حلقة مفرغة، لذلك يقول سعيّد لا بدّ من تسهيل المسألة على الشبان ودعمهم إذا ما أردنا الحديث عن صناعة سينمائية بمفهومها الشامل.

والفيلم الروائي القصير “روبة عيشة” هي التجربة الإخراجية الاحترافية الأولى من نوعها لمحمد سعيّد المختص في التصوير والإضاءة، حيث تابع تكوينه الجامعي بمدرسة الفنون الجميلة في نابل وكذلك في قمرت في اختصاص إدارة الصورة. وكانت أول تجربة له تتمثل في إنجاز شريط وثائقي بعنوان “علي” وقد كان أحد المشاريع المدعومة من قبل معهد غوتة الألماني سنة 2016.

ويروي شريط “روبة عيشة” معاناة الطفل “صابر” (يحيى بوستة) في توفير مقومات العيش الكريم له ولوالدته المريضة (فاطمة الفالحي). وذات يوم يخبره صديقه “الأشهب” (محمد حسين قريع) أن والدته تحتضر ولا بد أن يعود بها من المستشفى إلى البيت، ليدخل بذلك “صابر” في صراع من أجل توفير لوازم دفن والدته.

ويبيّن المخرج أنه استوحى سيناريو هذا العمل من أحداث عاش على وقعها التونسيون سنة 2013 تمثلت في رواج أخبار في وسائل الإعلام مفادها ارتفاع تكاليف دفن الموتى، مشيرا إلى أنه حاول عبر هذا الشريط طرح قضية تمسّ فئة من المجتمع التونسي مع حرصه على خلق تسلسل للأحداث راوح فيه بين الواقعية والسخرية.

ويمكن للجمهور الذي فاته اكتشاف هذا العمل في أيام قرطاج السينمائية، متابعته في مناسبتين، حيث أكد مخرج الفيلم أن”روبة عيشة” سيُعرض قريبا بكل من دار الثقافة بمحافظة سوسة وفضاء جيلان الثقافي بنابل في انتظار برمجة عروض أخرى بتونس العاصمة.

13