المخرج محمد الشريف الطريبق: الواقع المغربي مادة لسينما مستوردة

جمعية فضاءات ثقافية تفتتح موسمها الثقافي بالبحث في سؤال الهوية في السينما المغربية.
الاثنين 2024/02/12
لقاء افتتح الموسم الثقافي لجمعية فضاءات ثقافية

أثث المخرج السينمائي محمد الشريف الطريبق فعاليات محاضرة حول السينما نظمتها جمعية فضاءات ثقافية، حيث قدم بحثا حول السينما المغربية وسؤال الهوية، عاد فيه إلى بدايات نشأة السينما في المملكة والتحديات الكبرى التي تواجهها الآن.

العرائش (المغرب) - افتتحت جمعية فضاءات ثقافية بتنسيق مع جماعة العرائش نشاطها الافتتاحي للموسم الثقافي 2024، الذي تخصصه هذه السنة لتيمة “الفرجة وعلاقتها بالعلوم الإنسانية” ويؤطره خبراء وأكاديميون ومختصون.

واستهلت فعاليات الموسم بمحاضرة افتتاحية حول “سؤال الهوية في السينما المغربية ” ألقاها المخرج السينمائي محمد الشريف الطريبق، وتوقيع إصداره الجديد الذي يحمل عنوان “في الرواية والفكر والأدب”، لتقريب الجمهور من أعماله الفنية أكثر.

ومحمد الشريف الطريبق هو أحد أبناء العرائش، ولد فيها عام 1971، ودرس في كلية الفنون الجميلة في الدار البيضاء، وحصل على درجة الماجستير في الإخراج السينمائي. له عدة أفلام مختلفة مثل “تسقط الخيل تباعا”، “ثمن الرحيل”، “غزل الوقت”، و”باب المدينة”. وهو حاصل على عدد من الجوائز من بينها جائزة سيناريو سان سيباستيان، سينما الحركة عام 2006، و جائزة أول عمل في مهرجان أمة الفيلم بطنجة عام 2008.

السينما هي المرآة التي ينظر فيها المجتمع إلى ذاته، حيث تكون النماذج التي نتماهى معها جماعيا نماذج وطنية
السينما هي المرآة التي ينظر فيها المجتمع إلى ذاته، حيث تكون النماذج التي نتماهى معها جماعيا نماذج وطنية

وفي حديثه عن سؤال الهوية في السينما المغربية قال الطريبق إن السينما هي المرآة التي ينظر فيها المجتمع إلى ذاته، حيث من المفروض أن تكون النماذج التي نتماهى معها جماعيا نماذج وطنية.

وتشبث الطريبق بتعريف بسيط لهوية السينما مفاده أنها “تلك السينما التي يشاهدها جمهورها ويتفاعل ويتماها معها لأنها تعكسه وتعكس واقعه وإحساسه بذاته وبهذا الواقع، ويجد فيها ذاته”، مشددا على أن “السينما الوطنية لا تكون مستوردة”.

وأشار إلى أن “السينما لا تولد عالمية، بل تبدأ من المحلي، ثم تعبر الحدود”، متسائلا “ما هو الفيلم المغربي؟ هل هو الفيلم الحاصل على رخصة تصوير من المركز السينمائي المغربي؟ هل يشترط في المخرج السينمائي أن يكون حاملا للهوية المغربية؟ هل المعايير الإدارية والقانونية هي المعيار الأساسي لإصدار بطاقة هوية الفيلم المغربي؟ هل تحولت بعض الأفلام المغربية إلى كلاسيكيات؟ هل استطاع الفيلم المغربي بلورة خصائص أسلوبية وموضوعاتية تميزه عن أفلام دول أخرى؟ وهل الفيلم المغربي يعكس الهوية المغربية بتعددها؟

ولاحظ المخرج المغربي أنه من خلال “المنجز السينمائي المغربي، فالواقع المغربي بما هو حامل لهذه الهوية مبلورا لها، يبقى في الغالب مادة فيلمية فقط لطرق حكي مستوحاة من السينما العالمية أو مستوردة”، مضيفا أنها مستوردة لأنها لم تتحول بعد إلى مرجعية في السينما العالمية، بشقيها التجاري والثقافي…عكس ما حصل في الموسيقي، حيث استطاع المغاربة “مغربة” الشكل الموسيقي العصري وإبداع نصوص وإيقاعات مغربية خالدة.

وتوقف الطريبق عند أهمية الوعي بالذات وخصوصياتها لامتلاك سينما وطنية، وإعادة استنباتها محليا من ناحية الكتابة والإنتاج والتسويق لتكون هناك صناعة سينمائية بكل حلقاتها، كممارسة ثقافية واجتماعية، قادرة على أن تؤدي دورها في المجتمع وأن تواجه تلك الصورة النمطية التي ينتجها عنا الآخر شرقا وغربا.

كك

وقال “إذا عدنا للتاريخ، نلاحظ أننا كبلد لنا وضع خاص في تاريخ السينمات العالمية، أي أنه بحكم ظروف تاريخية وسياسية تأخرنا عن تاريخ السينما العالمية بـ64 سنة، وبمدة أقل بالنسبة لبعض الدول في نفس وضع المغرب، إذ ظهرت السينما بفرنسا سنة 1895، والتأريخ للفيلم المغربي يبدأ، عند غالب المهنيين، من سنة 1958 مع فيلم الابن العاق لمحمد عصفور”.

في هذا السياق، تابع بأن هذا التأخر “جعلنا نقفز على مجموعة مراحل مر بها تاريخ السينما العالمية (السينما الصامتة ثم الناطقة، العصر الذهبي لهوليود، السينما المصرية، الواقعية الإيطالية)، موضحا أن بداية السينما المغربية تصادف مع الموجة الجديدة بفرنسا وبداية الإعلان عن موت السينما ومنافسة التلفزيون.

وأشار إلى أن هذا الوضع “جعلنا كمخرجين مغاربة في وضع غير مريح، حيث من المفروض أن نكتب تاريخنا الخاص دون أن نكون متأخرين عن الركب، وأن نبدأ من أين توقف العالم”، مضيفا أن الجمهور المغربي بدوره يعيش زمنين، إذ يتابع السينما العالمية وفي نفس الآن السينما الوطنية التي مازالت تبحث عن موطئ قدم وتبحث عن هويتها.

الطريبق تمسك بتعريف لهوية السينما مفاده أنها تلك السينما التي يشاهدها جمهورها ويتفاعل ويتماها معها لأنها تعكسه

وخلص إلى أن التراكم الذي حققته السينما المغربية، سواء من حيث عدد الأفلام أو الترسانة القانونية، يفرض علينا القيام بوقفة للتساؤل حول هوية الفيلم المغربي واستشراف المستقبل لمواصلة تطوير الإنتاج وترسيخ دور السينما في المجتمع، وأيضا لجعل السينما منصة لتسويق المغرب لدى العالم.

من جهته، قال رئيس جمعية فضاءات ثقافية، عزيز قنجاع، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الجمعية أعلنت من خلال هذه المحاضرة على افتتاح موسمها الثقافي 2024، موضحا أن الجمعية اختارت تيمة “الفرجة وعلاقتها بالعلوم الإنسانية” كموضوع عام للأنشطة التي تعتزم تنظيمها خلال الموسم الجاري.

وأضاف أن البرنامج المرتقب خلال هذا الموسم يتضمن عددا من الأنشطة كتوقيع إصدارات روائية وفكرية وأدبية وشعرية، وبرمجة عروض مسرحية، وإنتاج أعمال درامية مسرحية، مع التركيز بشكل خاص على البعد المحلي في الفعل الثقافي.

وذكر رئيس الجمعية أن الموسم الثقافي الحالي سيكون محطة لتعزيز المسار المتخصص بحفلات توقيع الإصدارات. وسيطل  على الجمهور الواسع من خلال أعمال مسرحية تعزز الأرشيف المتميز للمسرح بمدينة العرائش.

14