المخرج عبداللطيف كشيش ينهي سنوات من الغياب القسري لاتهامه بالتمييز

مونبيلييه (فرنسا) - قد يصبح المخرج السينمائي بفضل فيلم جيد نجما محبوبا لكنه قد يتحول بفضل فيلم آخر إلى شخص منبوذ ترفع ضده الدعاوي القضائية ويتهمه الجميع بتشويه صورة المرأة أو حتى تغيير الشكل العام للأعمال السينمائية. وهذا ما حصل مع المخرج الفرنسي - التونسي عبداللطيف كشيش الذي أجبره فيلمه الأخير والانتقادات الشعبية الحادة عليه إلى الابتعاد والتزام الصمت.
وظهر عبداللطيف كشيش، الغائب عن الساحة الفنية منذ ثلاث سنوات، مجددا ليقول إنه يحضّر حالياً لإصدار الجزأين الأخيرين من سلسلة أفلام “مكتوب حبي”، التي أثارت موجة انتقادات واسعة ضده خلال السنوات الماضية حيث اتهمه ناشطون بالتمييز ومحاولة تشويه صورة المرأة.
وحتى خلال التصريحات التي أدلى بها الجمعة في مدينة مونبيلييه جنوب فرنسا، لم تمر دون تنديدات، فقد أثار وجوده غضب ناشطات نسويات.
في 2019 أثار فيلم "مكتوب ماي لاف أنترميزو" جدلا في مهرجان كان السينمائي بسبب مشاهده الجنسية
وفي 2019، أثار فيلمه “مكتوب ماي لاف أنترميزو” جدلا في مهرجان كان السينمائي بسبب مشاهده الجنسية. كما أن بطلة الفيلم أوفيلي بو التي رُشحت لنيل جائزة سيزار عن دورها في الجزء الأول من السلسلة، بعنوان “مكتوب ماي لاف كانتا أونو” سنة 2016، حضرت على السجادة الحمراء في المهرجان لكنّها انسحبت قبل عرض الفيلم.
وغاب المخرج الحائز على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 2013 عن فيلم “حياة أديل”، عن الإطلالات العامة منذ هذه الأحداث في 2019، ولم تتوافر معلومات عن التطورات على صعيد هذا الفيلم، رغم أنه وعد بتعديله في عملية التوليف لاقتطاع مشاهد أثارت انزعاج الممثلة.
وقال السينمائي البالغ واحدا وستّين عاما خلال ندوة أمام المئات من المتفرجين في إطار مهرجان السينما المتوسطية (سينيميد) في مونبيلييه الذي شارك فيه كشيش كضيف شرف “كل ما فعلته خلال هذه السنوات هو التوليف وإعادة التوليف والمحاولة.. آمل بأن نشهد قريباً على نهاية (فيلم) مكتوب”.
وأضاف “أكتب أيضا سيناريوهات، لكنني لست متأكداً بعد مما سأبدأ قريباً في التحضير له وإجراء اختبارات الأداء لممثليه وما سوى ذلك”، لافتاً إلى أنه سيصوّر على الأرجح مجدداً مشاهد العمل في منطقة أوكسيتانيا حيث يشعر بـ”الارتياح”.
لكن قبل هذه الندوة وبعدها، تظاهر حوالى عشرين شخصاً أمام قصر المؤتمرات في مونبيلييه تنديداً بوجود المخرج، متّهمين إياه بـ”التمييز الجنسي” في طريقة تصويره النساء ومندّدين بأساليب عمله التي قالوا إنها أقرب إلى التحرش.
عبداللطيف كشيش فاز بالسعفة الذهبية عن فيلم "حياة أديل" في الدورة السادسة والستين من مهرجان كان السينمائي
وأوضح كشيش أن “العمل مع الممثلين والممثلات يحصل أحياناً بشكل رائع، لكنّه قد يكون سيّئاً جداً في أحيان أخرى”، مشيراً إلى أنه يفضّل “عدم نشر الغسيل القذر خارج العائلة”.
وعن الجدل بشأن المشاهد الجنسية في فيلمه الأخير في مهرجان كان سنة 2019، أكد كشيش أنه لم يكن “يعي ما كان حاصلاً في تلك اللحظة”. وقال “لم أكن أعلم أن الممثلَين المعنيَّين بدرجة أكبر في الفيلم قد غادرا. لو كنت أعلم لما كان العرض قد حصل”.
يذكر أن المخرج عبداللطيف كشيش ولد وعاش أول طفولته في تونس، ثم ارتحل مع والديه إلى مدينة نيس بفرنسا وهو في السادسة من عمره. ودفعه شغفه بالمسرح إلى دراسة الفن الدرامي في معهد الفنون الدرامية ثم عمل ممثلًا مسرحيًا وسينمائيًا منذ بداية عام 1978، ثم اخترق السينما كممثل عام 1984 حين ظهر في فيلم “شاي بالنعناع” للمخرج عبدالكريم بهلول، وفي عام 1994 فاز بجائزتين تقديرًا لأدائه في فيلم “بزناس” للمخرج النوري بوزيد، وفي عام 2000 أخرج أول أفلامه الطويلة تحت اسم “خطأ فولتير”، ثم فيلم “المراوغة” عام 2003، وهو الفيلم الذي حصل على جائزة سيزر لأفضل فيلم وأفضل سيناريو أصلي، في مهرجان دبي السينمائي الدولي بأنتيب.
وفاز عبداللطيف كشيش مع الممثلتين ليا سيدو وأديل إكساركوبولوس، بالسعفة الذهبية عن فيلم “حياة أديل” في الدورة السادسة والستين من مهرجان كان السينمائي.