المخاوف من تنامي العلاقات الجزائرية - الروسية تنتقل إلى إدارة بايدن

واشنطن تلمح إلى استعدادها لتعزيز التعاون الدفاعي مع الجزائر.
الاثنين 2022/10/31
تقارب تخشاه واشنطن

الجزائر - تحرص السفيرة الأميركية في الجزائر إليزابيث مور أوبين على الحفاظ على قدر من التوازن في التعاطي مع رسائل المشرعين الأميركيين الداعية إلى فرض عقوبات على الجزائر على خلفية تعاونها العسكري المتنامي مع روسيا، وبين الحفاظ على علاقة ودية مع القيادة الجزائرية تراعي المصالح المشتركة للبلدين. ولا تخفي السفيرة الأميركية هواجس بلادها حيال مسارات العلاقة بين الجزائر وروسيا، لكنها لا تريد أن تشكل هذه النقطة مثار أزمة بين البلدين.

وألمحت مور أوبين في تصريح أدلت به مؤخرا لموقع "أنترلين ألجيري" إلى أن الموقف العام لبلادها من الجزائر يتضمن جميع الطروحات الصادرة عن المؤسسات الرسمية في البلاد، وهو ما يرفع اللبس عما تردد عن تجاهل إدارة جو بايدن للأصوات الداعية إلى معاقبة الجزائر على خلفية تعاونها مع روسيا.

وأعطت المسؤولة الأميركية الانطباع بأن إدارة بايدن تفضل استخدام سياسة العصا والجزرة في التعامل مع الجزائر، فهي ترغب في تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري مع البلد المغاربي والعمل على تعزيز التبادل الثنائي، لكنها تبقي الأبواب مفتوحة أمام فرض إجراءات عقابية.

إليزابيث مور أوبين: واشنطن منفتحة على مناقشة تطوير التعاون الدفاعي مع الجزائر
إليزابيث مور أوبين: واشنطن منفتحة على مناقشة تطوير التعاون الدفاعي مع الجزائر

وقالت مور أوبين إن "المنظومة الأميركية تنقسم إلى ثلاثة أقسام منفصلة لكنها متساوية، وهي أقسام تتحدث وتتشاور مع بعضها البعض في المسائل العامة والخاصة"، في إشارة إلى أن الإدارة الأميركية لا تتجاهل دعوات نواب الكونغرس، وأن ذلك يدخل في تقاليد إدارة النظام السياسي الأميركي.

ولفتت المتحدثة إلى أن دورها كدبلوماسية وسفيرة لبلادها في الجزائر هو "شرح القوانين الأميركية للمسؤولين الجزائريين، الذين بدورهم يتخذون القرارات السياسية الخاصة ببلادهم”، وهو ما يوحي إلى أن نشاط السفيرة في الجزائر منذ لقائها المفاجئ مع قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة لا يتصل فقط بتفعيل وتنشيط التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين، بل يمتد إلى مسائل غير معلنة، من بينها إثارة التحفظات الأميركية على نسق العلاقات مع روسيا.

ولا يستبعد مراقبون أن تكون السفيرة الأميركية قد أبلغت الجزائريين الإطار الذي وردت فيه دعوات العقاب الصادرة عن نواب من الكونغرس، والسياق الذي يتيح للحكومة الأميركية تطبيق العقوبات المنصوص عليها في بند “الأعداء والمتعاونين مع أعداء الولايات المتحدة”.

ووقع نواب من الكونغرس قبل فترة عريضة دعوا فيها وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى اشهار ورقة العقوبات على الجزائر بسبب تعاونها العسكري مع روسيا، وبرر النواب الخطوة بكون الصفقات العسكرية الضخمة المبرمة بين الجزائر وموسكو تساعد في تمويل الخزينة الروسية وتضعف أثر العقوبات الغربية المفروضة على روسيا على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا التي انطلقت في فبراير الماضي.

وفيما رفضت السفيرة الرد على سؤال مباشر حول إمكانية معاقبة واشنطن للجزائر وبررت ذلك بكون الأمر هو "فرضية"، ركزت المتحدثة على أهمية تنشيط التعاون العسكري بين بلادها والجزائر، وهو ما يكرس نوايا واشنطن واستعدادها لأداء دور البديل العسكري لروسيا في حال استجابت الجزائر لطلبات الولايات المتحدة.

وذكرت مور أوبين أن "العلاقات العسكرية بين البلدين تشمل معدات للجيش الجزائري، وواشنطن تزود الجزائر بأجهزة دفاعية، وهي منفتحة على مناقشة تطوير التعاون في هذا المجال والاتجار في المجال العسكري واللوجيستي".

ورصدت الجزائر نحو 23 مليار دولار لفائدة وزارة الدفاع، وهي قفزة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، كون شؤون الدفاع والتسليح استحوذت على ربع موازنة الإنفاق العام، وهو الأمر الذي يفسر بعزم البلاد على تجديد وتنويع منظومتها العسكرية تفاديا لضغوط محتملة، وحتى بعد ظهور أداء متواضع للمنظومة العسكرية الروسية في ميدان المعركة في أوكرانيا.

◙ واشنطن تعمل على توسيع شراكتها مع الجزائر لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والذهاب إلى استثمارات متنوعة خارج قطاع المحروقات

وتحدثت تقارير متخصصة بأن الجزائر تتوجه لإبرام صفقات عسكرية مع الصين وتركيا للتزود بمختلف المنظومات العسكرية، الأمر الذي يفتح المجال أمام إمكانية الانفتاح العسكري على الولايات المتحدة لتنويع قدراتها الميدانية والتكيف مع المعطيات الجيواستراتجية المستجدة، ولذلك تم رصد موازنة ضخمة خلال قانون المالية للعام الجديد.

وتعمل الولايات المتحدة على توسيع شراكتها مع الجزائر لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والذهاب إلى استثمارات متنوعة خارج قطاع المحروقات، حيث تحوز واشنطن على عدة مشروعات مع شركة سوناطراك الجزائرية.

ولفتت السفيرة الأميركية إلى أن بلادها عازمة على تطوير وتوسيع التعاون مع الجزائر لتشمل مختلف القطاعات بما في ذلك السياحة والثقافة، حيث أبدت اهتماما بالإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر في هذين المجالين.

وقالت مور أوبين في تصريحاتها إن "واشنطن هي أكبر بلد في مجال الاستثمارات المباشرة، وأنها تطمح لتوسيع التعاون إلى قطاعات الاتصالات والزراعة والصيدلة"، الأمر الذي يؤكد أن الولايات المتحدة توظف جميع أوراقها الاقتصادية والسياسية، ولا ترجح ورقة على الأخرى، حيث مساعي التعاون تسير بالتوازي مع دعوات العقاب.

4