المخاوف من الخروقات تسيطر على الشارع التونسي

تونس - تعيش تونس على وقع تخوفات جدية من أن تؤثر الخروقات على نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها التي تجري الأحد في دورها الأول، في وقت رصدت فيه منظمات تراقب الانتخابات تجاوزات خطيرة.
ولتبديد هذه المخاوف وضعت تونس أكثر من 100 ألف عنصر من الشرطة والجيش لتأمين الانتخابات من أي تجاوزات قد تؤثر على نتائجها، خاصة في ظل حالة الاستقطاب الشديدة التي شهدتها الحملة الانتخابية طيلة أسبوع بين أنصار المرشحين.
وتتخوف الأوساط السياسية من استمرار الحملات الانتخابية ومحاولات الضغط على الناخبين قبل الوصول إلى مكاتب الاقتراع، وخاصة مسألة الرشاوى التي تقدم لمن يثبت أنه انتخب لهذا المرشح أو ذاك.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنسيقها مع السلطات القضائية والأمنية للتصدي لأي خروقات.
قال نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات فاروق بوعسكر إن الهيئة اتخذت عدّة إجراءات ترتيبية لمنع حصول تجاوزات وخروقات للصمت الانتخابي.
وأضاف بوعسكر، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أنه تم التنسيق مع الضابطة العدلية، من شرطة وحرس ونيابة عمومية، للتصدي لكل خرق للصمت الانتخابي للانتخابات الرئاسيّة، ولمنع كل اقتراب من مراكز الاقتراع.
وكشف خالد حيوني المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، السبت، عن أن 70 ألف عنصر أمني سيشاركون في تأمين عملية الاقتراع، بالإضافة إلى 32 ألف عسكري أعلنت عنهم وزارة الدفاع.
وقال إن من بين 70 ألف عنصر أمني، ستتم تعبئة 50 ألفا من أجل تأمين مراكز الاقتراع والمشاركة في نقل المواد الانتخابية، وحماية ومراقبة كافة المرشحين للانتخابات الرئاسية وعددهم 26، خلال أنشطتهم وزياراتهم.
ورصدت هيئة الانتخابات تجاوزات خطيرة خلال فترة الحملة الانتخابية الرئاسية ارتكبها مرشحون وتستوجب إسقاط بعض المرشحين من السباق الانتخابي وعدم اعتبار نتائج التصويت لهم شرعية، وهو ما أكده لـ”العرب” عضو هيئة الانتخابات التونسية، محمد المنصّري التليلي.
وسينظر مجلس الهيئة التونسية للانتخابات في المخالفات والتجاوزات المرتكبة التي تستوجب إسقاط نتائج جزئية أو كليّة لبعض المرشحين من سباق الانتخابات في اجتماع سينعقد ساعات بعد يوم الاقتراع.
ومن المخالفات الخطيرة التي تؤثر على نتائج الانتخابات، توظيف المال العام وإمكانيات الدولة واستعمال الأطفال في الحملات الانتخابية.
ويمنع القانون المنظم للانتخابات في تونس توظيف المال العام وإمكانيات الدولة في الحملات الانتخابية التي يقوم بها المرشحون للانتخابات وتصل عقوبات تجاوز هذه الضوابط القانونية إلى حد إسقاط كل مرشح يرتكب هذه التجاوزات.
ووضعت جمعيات ومنظمات تونسية مراقبين للتأكد من مدى التزام المرشحين للانتخابات الرئاسية بقواعد إجراء الحملات الانتخابية تحسبا للتأثير على نوايا التصويت لدى الناخبين.
وأكدت المنظمة الرقابية التونسية “أنا يقظ”، السبت، رصد الآلاف من المخالفات في الحملات الانتخابية لكل المرشحين للانتخابات الرئاسية.
وفي مؤتمر صحافي انتظم بالعاصمة تونس، بينت العضو بمنظمة أنا يقظ، فدوى العوني، أن المنظمة تلقت ألفا و554 استمارة ملاحظة، رصدنا من بينها أكثر من 260 مخالفة من النوع الخطير.
وتمثلت أبرز المخالفات في العنف الانتخابي، وشراء الأصوات، والإشهار السياسي، وجمع بطاقات الهوية وأرقام هواتف الناخبين، والدعاية في المؤسسات العمومية، واستعمال خطاب عنف وكراهية، واستغلال الخطاب الديني واستغلال الأطفال في كل الدوائر الانتخابية ولدى جلّ المرشحين للرئاسيات.
وفي أولى ساعات الصمت الانتخابي من صباح السبت، سجّلت المنظمة مخالفات عديدة تتعلق بخرق الصمت الانتخابي، رغم أن أغلب اللافتات الترويجية (الدعائية) الكبرى للمرشحين تمت إزالتها قبل منتصف الليل.
ورصدت المنظمة الرقابية منذ انطلاق الصمت الانتخابي حملات متواصلة وتدوينات مموّلة على مواقع التواصل الاجتماعي ما يعتبر خرقا واضحا للصمت الانتخابي على الفضاء الافتراضي.
ورصدت جمعية “عتيد لمراقبة الانتخابات” عمليات شراء لأصوات ناخبين في الحملات الانتخابية في عدة مناطق دون أن تتمكن من تدوين إثباتات قاطعة.
وقالت رئيسة منظمة “عتيد”، ليلى الشرايبي، لـ”العرب” إنه من المتوقع أن يكون حجم تكاليف الحملات الانتخابية لبعض المرشحين قد فاق السقف المالي الذي حددته هيئة الانتخابات كحد أعلى لمصاريف كل مرشح في حملته الدعائية لبرامجه.
وكان لافتا في الساعات الأخيرة قبل الصمت الانتخابي انسحاب مرشحين بارزين لفائدة عبدالكريم الزبيدي، الذي ترشحه دوائر واستطلاعات رأي مختلفة للمرور إلى الدور الثاني.
وأعلن المستشار السياسي السابق محسن مرزوق ورجل الأعمال سليم الرياحي انسحابهما من السباق الرئاسي لفائدة عبدالكريم الزبيدي، وهو وزير تكنوقراط مقرب من حزب نداء تونس الذي ينحدر منه مرزوق والرياحي.
وقال عضو هيئة الانتخابات التونسية، محمد المنصّري التليلي، لـ”العرب” إن الانسحابات من الانتخابات الرئاسية لا أثر قانونيا لها على تسيير الانتخابات الرئاسية، مبرزا أنه لن يترتب عنها تغيير في قائمة المرشحين التي ستُعرض على الناخبين في مراكز الاقتراع وتحمل أسماء 26 مرشحا.
وأكد ذات المسؤول أن انسحابات المرشحين من الانتخابات الرئاسية ذات أبعاد سياسية فقط وسيتم احتساب نتائج التصويت الموجهة لهم ضمن النتائج النهائية للدور الأول من الانتخابات الرئاسية التونسية.
ولن تعتبر هيئة الانتخابات التونسية أوراق الاقتراع التي تضمنت تصويتا لفائدة المرشحين المنسحبين، محسن مرزوق وسليم الرياحي، ملغاة باعتبار أن آخر أجل للسحب القانوني لملف الترشح للانتخابات الرئاسية حُدّد بيوم 31 أغسطس 2019.
وستعمل هيئة الانتخابات على استكمال مسار الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء الآجال الدستورية التي حددت على أن يقوم رئيس البرلمان بأعمال رئيس الدولة 90 يوما فقط منذ تاريخ وفاة الباجي قائد السبسي.
وتُجرى الانتخابات الرئاسية في تونس في فترة تستعد فيها الأحزاب السياسية والعديد من التونسيين إلى خوض تجربة الانتخابات التشريعية كثاني تجربة تشريعية تجرى في البلاد بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.