المحكمة الدستورية في الكويت تنهي الجدل حول جريمة التشبه بالجنس الآخر

المحكمة تبطل المادة 198 من قانون الجزاء التي أقرها مجلس الأمة الكويتي في العام 2007.
الخميس 2022/02/17
الكل أحرار في ما يرتدون

الكويت - ألغت المحكمة الدستورية في الكويت الأربعاء المادة 198 من قانون الجزاء (العقوبات)، والتي تجرّم التشبه بالجنس الآخر، وذلك لـ”غموضها”.

وتثير هذه المادة التي أقرها مجلس الأمة الكويتي في العام 2007 ضمن القانون رقم 36، جدلا واسعا، وسط مطالبات من منظمات حقوقية محلية ودولية بإلغائها حيث ترى بأن مثل هذه المواد القانونية تقيد كل من حرية التعبير وحرية الشخص في جسده وفيما يرتديه.

وينص القانون بأن “من أتى إشارة أو فعلا مخلا بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام أو تشبّه بالجنس الآخر بأيّ صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”.

وقضت المحكمة الدستورية  بعدم دستورية الجزئية المتعلقة بتجريم التشبّه بالجنس الآخر، وبالتالي لا يعود هذا الفعل يشكّل جريمة يعاقب عليها القانون، في قرار من شأنه أن ينهي الجدل الدائر حولها لسنوات.

واعتبرت المحكمة في قرارها أن “التعديل الذي جاء به القانون رقم 36 لسنة 2007 على المادة 198 أضاف إلى الأفعال المعاقب عليها فعلا جديدا هو التشبّه بالجنس الآخر بأيّ صورة من الصور، دون أن يتضمن النص معيارا موضوعيا”.

علي العريان: المادة 198 فضفاضة وتخل بالحرية الشخصية

وكان مقدّم الدعوى المحامي علي العريان صرّح بأن هذه المادة “تخلّ بالحرية الشخصية”، مشيرا إلى أن “القانون فضفاض وواسع واستندنا في دفاعنا إلى وجود أسس طبية وأسس دستورية، فهناك اضطرابات هرمونية ونفسية والقانون لم يميز بينها”.

 وتعرض العديد من الأشخاص في الكويت للاعتقال والسجن بتهمة “التشبّه بالجنس الآخر”، ومن بين هؤلاء العابرة جنسيا مهى المطيري التي صدر بحقها حكم قضائي بالسجن عامين، بتهمة “التشبّه بالنساء”، وتقضي حاليا عقوبتها في سجن للرجال.

وسبق وأن أطلقت المطيري نداء استغاثة في نوفمبر الماضي.  وكشفت العابرة جنسيا في تسجيل صوتي جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها المرة الخامسة التي يتم الزج بها في السجن لتشبّهها بالنساء مؤكدة بأنها “أنثى”، ولا يحق لأحد محاسبتها على تحوّلها الجنسي. 

وقالت المطيري في التسجيل الصوتي “معاكم متحولة وعابرة جنسيًا من الكويت، تم الحكم عليّ بالسجن سنتين مع الشغل والنفاذ مع الغرامة لأني أنثى، وضعوني بسجن الرجال ولا أريد الحكم لأني أراه ظالما وتعسفيا، كل هذا لأني أشعر بأني أنثى، هذه مشكلة بيني وبين نفسي لا أستحق السجن عليها”.

وقد أثارت قضية المطيري ضجة واسعة وتفاعل معها الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلقوا وسم “الحرية لمهى المطيري”.

ويقول نشطاء إن المطيري ليست الوحيدة التي تعرضت لهكذا عقوبة بسبب “التشبّه بالنساء” في الكويت، مشيرين إلى أن هناك اليوم العشرات الذين يقبعون في السجن لمجرد ارتدائهم ثياب مخالفة لما اعتاده النوع.

ويرى خبراء القانون أن النص الذي عدّل في العام 2007 كان فضفاضا، وقابلا للتأويل، ما جعله خاضعا لاجتهادات السلطات الأمنية، وهذا أضرّ بالكثيرين.

وشددت المحكمة الدستورية في قرارها على وجوب أن يكون النص “منضبطا ويتعين مراعاته لتحديد ذلك الفعل المؤثّم قانونا وما يعد تشبّها بالجنس الآخر وما لا يعد كذلك”.

واعتبرت المحكمة أن المادة “جاءت عباراتها بالغة العموم والاتساع ويمكن تحميلها بأكثر من معنى على نحو قد تتعدد معه تأويلاتها”.

محمد التميمي: التشبه بالجنس الآخر جريمة شكلية ولا تحتاج إلى نتيجة

ولفتت إلى أنّ ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون من صور التشبّه التي اعتبرت منها “تزيّ جنس بملابس الجنس الآخر المقصورة عليه بحسب العرف السائد في البلاد أو تقمصه شخصية الآخر، يدل على  مدة الاتساع الذي يمكن أن تحمل عليه هذه العبارة”.

وختمت المحكمة قرارها المبطل للمادة  بأن “تقدير الأمر يكون في النهاية متروكا للجهات القائمة على تطبيق القانون وفقا لتقديرها ودون ضابط يقيدها”.

وسجلت في الفترة الأخيرة تحركات من حقوقيين ومحامين يطالبون بإلغاء المادة المثيرة للجدل. وعقدت جمعية المحامين الكويتية الأسبوع الماضي ندوة بعنوان “المادة 198 من قانون الجزاء” حيث قال محمد الفيلي الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت “نحن أمام قانون صنع بطريقة غير مسبوقة في التشريعات القانونية”، مبيناً أن “الحرية الشخصية ليست مطلقة، وهي قابلة للتقييد بحدود، إذا تعارضت مع مصالح المجتمع المعتبرة”.

واعتبر محمد التميمي أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق، أن “جريمة التشبّه بالجنس الآخر، جريمة شكلية ولا تحتاج إلى نتيجة، وهذا يشمل كل الصور، ولا تحتاج إلى قصد جنائي، وتشمل حتى الممثلين”.

وسلطت منظمات دولية منذ العام 2013 الضوء على هذه القضية على غرار منظمة هيومن رايتس ووتش التي طالبت الحكومة الكويتية مرارا بإلغاء تعديل 2007 للمادة 198 من قانون العقوبات. وحثت المنظمة “الحكومة على وضع آليات لحماية المتحولين جنسيا، وهم جماعة مستضعفة بوجه خاص، من إساءات الشرطة وعنفها”.

3